مع بداية العد التنازلي لمحاولة فيلكس باومجارتنر لأن يكون أول شخص يكسر حاجز الصوت بدون مساعدة طائرة أو سفينة فضائية، ناقش الرياضي النمساوي المتميز وفريق ريد بُل ستراتوس علانية مخاطر القفز من حافة الفضاء. مع محاولة فيلكس باومجارتنر التاريخية لأن يصبح أول شخص يكسر سرعة الصوت في سقوط حر، فقد كشف المدير الطبي في ريد بُل ستراتوس د/جوناثان كلارك أن الإعداد يتطلب ضمان نجاح المهمة والعودة الآمنة للطيار.
سيكون الطقس مناسبًا للإقلاع بين شهري يوليو وسبتمبر، وهي الفترة التي سيحاول باومجارتنر خلالها القيام بالقفز وكسر الرقم القياسي من منطاد هيليوم على ارتفاع 120000 قدم (36576 مترًا)، بينما يقوم في الوقت ذاته بجمع بيانات قيّمة لتطوير العلوم الطبية. وقد صرح د/ كلارك، والذي كان هو نفسه جراحًا في ست رحلات فضائية مكوكية في وكالة ناسا ،بأن الفريق قد قام بدراسة جميع احتمالات التأثير البدني خلال جميع المراحل الحرجة للمهمة، وخاصة النقطة التي يقوم عندها جسد باومجارتنر بكسر حاجز الصوت والتي تزيد عندها السرعة لتصل إلى سرعات ما قبل سرعة الصوت بينما يصبح الهواء الجوي أسمك. سوف تزداد سرعة بامجارتنر بدءًا من وضع السكون ليصل إلى 700 ميل في الثانية تقريبًا (1125 كم/ساعة) خلال 30 ثانية، وذلك وفقًا للحسابات التي أجراها الفريق. إن عدد التحديات الضخم الذي يحيط بالمشروع يوضح لنا سبب عدم كسر الرقم القياسي الحالي للسقوط الحر من أعلى ارتفاع والذي يبلغ 102800 قدم (31333 مترًا وقام بإحرازه العقيد في القوات الجوية الأمريكية جو كيتينجر لمدة 52 عامًا.
يقدِّر المدير الطبي، الذي يشغل مناصب تعليمية في كلية بايلور للطب وجامعة تكساس الفرع الطبي، بشكل شخصي محاولة باومجارتنر لإنجاز المهمة. وقد كان هو نفسه جندي مظلات في القوات الخاصة الأمريكية. بحماس شديد لبحث الأمور المتعلقة بالسلامة في الطائرة والمركبة الفضائية، هذا وقد عمل د/ كلارك أيضًا مع الفريق الذي قام بفحص حادث مكوك الفضاء كولومبيا. وقد تحدث عن التحديات الفسيولوجية الأخرى التي تواجه باومجارتنر، والذي سيتم مراقبة البيانات التي يحصل عليها طوال المهمة وتسجيلها بعناية قائلاً: "إن ما نهدف إليه هو إعادة فيلكس سالمًا ثم سنقوم بعد ذلك بمشاركة ما تعلمناه عن الأجهزة والإجراءات والتفاعلات الفسيولوجية ومن ثمّ يمكن للآخرين العودة بأمان من برامج الفضاء العامة والخاصة".
وقد تحدث عن لحظات تحدي أخرى لباومجارتنر من الناحية الفسيولوجية، حيث يتم مراقبة بياناته عن كثب وتسجيلها خلال المهمّة. فهناك العديد من المراحل الحرجة خلال مرحلة الصعود والسقوط الحر. وعند الإطلاق يجب ألا تزيد سرعة الرياح على 2 إلى 4 أميال في الساعة (3 إلى 6 كم/ساعة) لتمكين الكبسولة والبالون - الذي يعادل ارتفاعه 55 طابق - من الإقلاع بأمان. وعلى الرغم من ذلك، فخلال ال 1000 قدم (305 مترًا) الأولى للصعود، لن يكون باومجارتنر قادرًا على القيام بخروج طارئ حيث لن يكون الارتفاع مناسبًا لفتح منطاد الطوارئ.
أثناء القفزة التجريبية من ارتفاع 71581 قدم (21818 مترًا) في مارس 2012، عبر باومجارتنر خلال طبقة الستراتوسفير حيث انخفضت درجة الحرارة إلى -90 درجة فهرنهايت (-68 درجة مئوية).
خلال رحلة الصعود، وبدءًا من ارتفاع حوالي 63000 قدم (19200 مترًا)، سوف يمر باومجارتنر عبر "خط أرمسترونج"، وهي النقطة التي يصبح عندها الضغط منخفضًا جدًا بحيث أنه إذا لم يتم ضغط الكبسولة أو سترة الفضاء فإن سوائل الجسم تتبخر، وبتعبير آخر فإنها تبدأ في "الغليان" عند درجة حرارة الجسم العادية. وقد قال د/ كلارك: "لنوضح ذلك أكثر، فكر في الصودا وكيف تبدو رائقة في الزجاجة حتى تقوم بفتح الزجاجة وتحرير الضغط. عند ذلك، تخرج الفقاعات من المحلول وتصعد لقمة الزجاجة. إن هذا بالتأكيد هو ما سوف يحدث في دم وخلايا فيلكس إذا حدث عطل في نظم دعم الحياة الخاصة به، وقد يؤدي الأمر إلى وفاته بسرعة شديدة".
في رحلة الهبوط، صرّح د/ كلارك بأن الطيارين قد قاموا بكل الإجراءات الممكنة لحماية باومجارتنر من السقوط في "الدوران المسطح" غير القابل للتحكم. وقد جاء على لسانه قائلاً: "إن الدوران المسطح خطر حقيقي. إن المخاوف الأساسية خلال الدوران المسطح هي وجود خطر على العينين والمخ والجهاز القلبي الوعائي. إذا كان مركز الدوران في الجزء العلوي من الجسم، فإن الدم يندفع نحو القدم مما قد يسبب تعتيم الرؤية. وإذا كان مركز الدوران في الجزء السفلي من الجسم، فإن الدم يندفع نحو الرأس، مما قد يسبب حالة تسمى 'الاحمرار' والتي تسبب تأثيرات تتراوح بين شعور بالضغط في الرأس ونزيف العين ونزيف الدماغ. كلما زادت مدة الدوران، كلما كان أكثر خطورة."
قضى باومجارتنر أعوامًا عديدة في دراسة المخاطر وفي الاستعداد الذهني والبدني. وقد صرح قائلاً: "إن كسر حاجز الصوت في سقوط حر هو جهد رائد، ولكي تكون رائدًا فإن هذا يتطلب منك المخاطرة". وأضاف قائلاً: "لا يجب عليّ أن أضع نفسي في خطر كي أكون سعيدًا. ولكنني يجب أن أمتلك تحديًا. إن هذا هو أعلى مستوى من مستويات القفز بالمظلات". كان مرشده جو كيتينجر، العقيد المتقاعد في القوات الجوية الأمريكية ومحرز الرقم القياسي الحالي واثقًا بأن تلميذه سوف ينجح. وقد قال: "إنني أخبر فيلكس دائمًا بأنه يحتاج إلى 'ثلاثة أوجه للثقة' - الثقة في فريقه، والثقة في معداته، والثقة في نفسه. وفي هذه المرحلة، فإنه يمتلكها جميعًا".