"التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    هل تسقط احتجاجات التضامن مع غزة بايدن عن كرسي الرئاسة؟    بيني جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو لهذه الأسباب    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    ظهر بعكازين، الخطيب يطمئن على سلامة معلول بعد إصابته ( فيديو)    عماد النحاس: نتيجة مباراة الأهلي والترجي «مقلقة»    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    نصائح لمواجهة الرهبة والخوف من الامتحانات في نهاية العام الدراسي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعد اكتشاف أحفاد "أوميكرون "، تحذير من موجة كورونا صيفية ولقاح جديد قريبا    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    صاحب متحف مقتنيات الزعيم: بعت سيارتي لجمع أرشيف عادل إمام    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    جريمة في شارع ربيع الجيزي.. شاب بين الحياة والموت ومتهمين هاربين.. ما القصة؟    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الاولى .. ثورة شعب .. من "اخناتون " الى حفيده خالد سعيد
نشر في الفجر يوم 22 - 01 - 2012

قال تعالي:"ادخلوها بسلام آمنين"،كانت تلك البشرى، وعلى مدى آلاف السنين كانت "مصر هي الملجأ والملاذ، ظلت رمز الخير والعطاء علي امتداد المدي، مما جعلها مطمعاً للغازي والحاكم علي مرّ العصور،

فمصر بلد الثورات والمقاومة منذ الأزل،ولديها تاريخ هو أطول تاريخ مستمر لدولة في العالم لما يزيد عن 3000 عام قبل الميلاد
فمنذ ثورة "اخناتون" في مصر القديمة وحتي ثورات العالم الحديث كثورة الفقراء والنساء والشحاذون فى عام ، 1695 ، وثورة الشعب المصرى بعد ذلك بسنتين ( ابريل 1697 )،
وفى يناير عام 1786م قام بعض سكان القاهرة بثورة لرد عدوان الظالمين،وثورة شيوخ الأزهر في عام 1795 ، وفى عام 1805قامت ثورة اختيار الحاكم التي انضم إليها محمدعلي ،وحتي ثورة 1919 هي ثورة حدثت في مصر بقيادة سعد زغلول زعيم الحركة الوطنية المصرية، ثم ثورة 1952،ثورة يوليو وهي الانقلاب العسكري الذي قام به ضباط جيش مصريون ضد الحكم الملكي في 23 يوليو 1952 وعرف في البداية بالحركة المباركة ثم اطلق عليها البعض فيما بعد لفظ ثورة 23 يوليو.
وجاءت ثورة 25 يناير لتكون درة العقد، وزهرة اللوتس الخالدة ،تلك الثورة التي روي نبتتها دم وعرق ودموع أبناء الوطن علي مدي 18 يوماً متلاحقة لم تتوقف فيها التضحيات، واستمرت براعمها في التزهير طوال العام الماضي وتنتظر نتاجها الأخير بعد أيام قليلة حيث تحتفل مصر بالعيد الأول لثورة 25 يناير "ثورة اللوتس "تلك الثورة الخالدة بقيمها ونورها الذي بعثته في القلوب، أنارت الثورة وجه مصر وأعتبرها العالم إحدى الثورات الكبرى فى التاريخ الانسانى لما اتسمت به من الاحتجاجات السلمية والسلوكيات الحضارية التى عبرت بحق عن المصريين صناع الحضارة.
تلك الثورة التي أبهرت العالم وأجبرته علي الإنحناء احتراماً وإعادة تقدير امكانيات شعب هذا البلد العظيم،
الثورة التي قال عنها أعظم وأشهر شخصيات العالم :
أوباما : “يجب أن نربي أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر”.. ورئيس النمسا : “شعب مصر أعظم شعوب الأرض “..
وزير الخارجية الألمانى: “أتطلع إلى زيارة مصر والحديث مع قادة الثورة”.
ال(( CNN: “لأول مرة نرى شعبا يقوم بثورة ثم ينظف الشوارع بعدها”..
و”الجارديان”: الثورة أعادت الشعب المصري في الصميم الأخلاقي لهذا العالم.
هيكل: “الشعب المصري أصبح أقوى من النظام نفسه” .. ومثقفون مصريون: “الثورة المصرية هى النموذج والمُعلم لشعوب العالم”
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: “الأحداث في مصر تثبت انه يتوجب علينا التواضع والحذر في تقديراتنا للعالم العربي”
رجل الأعمال أحمد عز: “أحيي شباب الثورة.. قاموا بما لم نتوقعه”
رونالدو: “أتابع أخبار الثورة المصرية أكثر من أخبار برشلونة”
مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين: “نشيد بروح الشباب العربي الذي أثبت أنه قادر على التطوير والإصلاح”.

بنك “سي.آي.كابيتال” : “المستثمرون الأجانب ينظرون إيجابياً للتطورات في مصر”
سيلفيو برلسكوني: لا جديد في مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة
ستولتنبرج رئيس وزراء النرويج : اليوم كلنا مصريون
هاينز فيشر رئيس النمسا : شعب مصر أعظم شعوب الأرض و يستحق جائزة نوبل للسلام
وزير الخارجية الألمانى فستر فيله: أتطلع إلى زيارة مصر والحديث مع الذين قاموا بالثورة.
السفير الألمانى بالقاهرة : الثورة المصرية تشبة ثورة وحدة ألمانيا منذ 20 عاماً.. فقد حافظت على كونها سلمية، خاصة بعد خطاب الرئيس مبارك الأخير الذى قال فيه إنه سيبقى فى المنصب فاتخذ المتظاهرون رد فعل إيجابى واكتفوا برفع الأحذية تعبيرا عن الازدراء والاحتقار
الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك : هب المصريون ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره زعيما معتدلا ، نعم ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة علي مواجهة الوحشية وتحديها
الهولندي مارك فوتا المدير الفني للإسماعيلي: الثورة في عيون أوروبا تعبر عن رقي مصر، وتوضح أن الشعب أراد الحرية ولم يرتض دونها
الروائي البرازيلي الشهير بولو كويلهو والملقب بساحر الصحراء: العالم يتحول للأفضل لأن هناك شعوبا تخاطر بأرواحها لجعله أفضل .. شكرا يا مصريون
ثورة 25 يناير التي تقول عنها ويكيبديا.. ثورة 25 يناير هي ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011،

ويعد اعتبار يوم 25 يناير عيدا قوميا للبلاد اعترافا مستحقا بقدر وعظمة الثورة التى فجرها الشباب فى هذا اليوم عام 2011 والتف حولها الشعب وحمتها القوات المسلحة إيمانا بدورها التاريخى والوطنى فى أنها درع الشعب وذراعه القوية المعبرة عن ارادته وحقوقه المشروعه .

واختلفت كثيراً أجواء يناير العام الماضي عن الحالي علي صفحات الثورة المؤثرة كمثل "كلنا خالد سعيد":"ففي يوم 25 يناير الماضي كتبت الصفحة..فيه اقتراحات كتير بتوصلني بإني أنشر شائعات تخدم يوم 25 يناير .. وردي هو مستحيل أكتب خبر كذب على إنه حقيقي لأن عمري في حياتي ما هاتبع منهج الغاية تبرر الوسيلة .. قولوا علي سياسي فاشل أو شخص ساذج بس أنا لي مبدأ وهو إني أحترم نفسي وأراعي ضميري وأخاف من ربنا وميهمنيش أخسر ولا أنتصر .. معلش أنا حبيت أنشر موقفي من نشر الشائعات للناس كلها بعد تكرار الرسائل

أما اليوم فقد نشرت الصفحة رسالة إلي البرلمان الذي سيجتمع غداً في أولي جلساته ملخصها :"أن الشعب هو سند البرلمان في زخم الأحداث وتوصية بتفضيل مصلحة مصر علي المصالح الشخصية وبأنهم لن يقبلوا أية تنازلات"
لقد أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن ثورة 25 يناير بدأت بفكر شبابها وتلاحم معها جميع طوائف الشعب ووقفت القوات المسلحة فاعلا وشريكا رئيسيا وحاميا للثورة ، فالجيش المصرى يؤمن بأن القوات المسلحة ملك الشعب ومن الشعب ولاتعمل إلا لحماية ودعم هذا الشعب العظيم لذلك كان وقوفها مع الشرعية وليس مع نظام .والاحتفال بثورة 25 يناير يؤكد عظمة المصريين وقدرتهم على تجاوز المحن ومواجهة الظلم والاضطهاد حيث نجح الشعب فى استعادة كرامته المفقودة فى وجه حكامه وأسقط فى عدة أيام حكم 30 عاما من الاستبداد والفساد والقهر وسطر بدمائه النقية ملحمة جديدة فى تاريخ هذا الوطن، فثورة 25 يناير ثورة جديدة وفريدة فى كل شىء ليست أسيرة عقيدة سياسية وأجتماعية واحدة ولاقامت بها طبقة أو فئة بعينها ولمتحسب على هذا الحزب أو ذاك ولم تنفرد بها هذه الجماعة أو تلك انها كانت ثورةشعب ، اتحد تحت شعار واحد /الشعب يريد اسقاط النظام / .لقد خرجت الملايين ثائرة لتسقط النظام السابق بكل فساده واستبداده ، خرجت الملايين لتنهى معاناة شعب عاش نصفه تحت خط الفقر والمواطن لايشعر بثمار ارتفاع معدلات النمو خرجت الملايين لأسباب عديدة حيث كانت مصر تعانى من احتقان سياسى شديد .. برلمان مزور لصالح الحزب الوطنى الحاكم ، الفساد يضرب كل قطاعات الدولة ، السجون تمتلىء بالنشطاء السياسيين على مختلف توجهاتهم ،الى جانب مشروع التوريث .

وفى نفس الوقت كان الحراك السياسى على أشده فى السنوات الخمس الأخيرة حيث برزت قوى سياسية فاعلة فى الشارع نظمت الاحتجاجات ضد النظام السابق وسياساته مثل
حركة كفاية ، وحركة شباب 6 أبريل والجمعية الوطنية للتغيير. وواكب هذا الحراك حراك اجتماعى آخر بدأ يتصدر المشهد بزيادة الإضرابات العمالية مثل إضرابات عمال المحلة الكبرى عام 2008 احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، ونجاح تلك القوى فى انتزاع حكم قضائى من محكمة القضاء الإدارى فى أكتوبر 2010 بإلزام الحكومة
بتحديدالحد الأدنى للأجور ليصبح 1299 وعدم

التزام حكومة نظيف بهذا الحكم ، ولعبت مواقع التواصل الاجتماعى " تويتر"، و"الفيس بوك"،و"اليوتيوب" دورا
مهما فى الحشد للتظاهرات التى خرجت يوم 25 يناير ونجح الشباب فى استخدامها لتنظيم صفوفهم وتوحيد مطالبهم .

و بإلقاء الضوء على أحداث الثورة المصرية فقد بدأت بتظاهرات سلمية يوم 25 يناير شارك فيها آلاف المتظاهرين فى القاهرة وعدد من المحافظات استجابة لدعوات شعبية وشبابية ، واختار الداعون إلى هذه التظاهرات يوم 25 يناير بالتحديد لمصادفته عيد الشرطة وذلك تضامنا مع الشاب خالد سعيد من محافظة الاسكندرية الذى أعتقل وعذب حتى الموت فى أحد أقسام الشرطة يوم 6 يونيو 2010 .

ولم يكن أكثر المتفائلين فى مصر يرى فى مظاهرات يوم 25 يناير بداية ثورة نظرا لحالة الإحباط المتراكم الذى اجتاح ثلاثة أجيال من المصريين على الأقل ، وفى ضوء
استمرار التظاهرات التى وصلت لإلى ذروتها يوم الجمعة 28 يناير وهو ماأدى الى سقوط عشرات القتلى ، ومئات الجرحى واعتقال المئات فى عدة مدن مصرية ، بينها القاهرة فى حين تم إحراق مقار الحزب الوطنى الحاكم حينئذ ومراكز للشرطة .
هذه الأحداث أدت إلى طلب الرئيس السابق حسنى مبارك من الحكومة التقدم باستقالتها موضحا أنه سيكلف حكومة جديدة ، كما عين فى اليوم التالى الوزير عمر سليمان نائبا له ، ولكن التظاهرات استمرت فى الأيام التالية فى مختلف المدن المصرية وبخاصة ميدان التحرير الذى شهد عدة تظاهرات مليونية تبلور فيها المطلب الرئيسى للثورة برحيل الرئيس مبارك وإسقاط النظام .
وشكل يوما 2 و3 فبراير العام الماضي نقطة تحول فى أحداث الثورة إذ هاجمت مجموعة من المؤيدين للرئيس السابق حسني مبارك المتظاهرين فى ميدان التحرير مستخدمين وسائل عديدة منها الخيول والجمال " في ما عرف بموقعة الجمل " فضلا عن العصى والأدوات وصولا إلى إطلاق الرصاص الحى ، غير أن ثبات المعارضين فى الميدان بما توافر لديهم من وسائل للدفاع عن أنفسهم أضاف زخما إضافيا إلى الثورة واستمرارها .
وقدم الرئيس السابق حسنى مبارك عدة مبادرات لم تكن كافية فى نظر المحتجين من أبرزها تعديلات دستورية ، وتفويض صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان ، غير أن استمرار التظاهرات وتوسعها أدى فى النهاية الى تنحى مبارك عن السلطة يوم 11 فبراير وذلك بعد ثلاثين عاما قضاها فى الحكم .
ويرى المراقبون أن تداعيات أحداث الثورة كشفت عن هشاشة النظام السياسى وتفككه ، كما كشفت عن الصراعات الكامنة داخل السلطة السياسية وبخاصة بين الأجنحة
الأمنية والعسكرية والنخبة السياسية وقد ساعد هذا التفكك على بلورة مطالب الثورة يوم 29 يناير بالمطالبة بإسقاط النظام وليس إصلاحه ، وهذا التطور يعتبر منطقيا ،
ليس فقط بسبب حالة التردى داخل النظام السياسى ولكن بسبب العنف المفرط الذى لقيته الجماهير منذ 25 يناير ، وقد ساعد تباطؤ رد فعل السلطة على الأحداث في بلورة المزيد من المطالب التى تتعلق بتصفية النظام ومحاسبته والدعوة لبناء نظام سياسى جديد يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
أما بالنسبة لموقف القوات المسلحة فمن وجهة نظر المحللين السياسيين فقد قام الجيش بدوره بعد انهيار جهاز الأمن بوصفه المؤسسة الوطنية المحايدة بين المتظاهرين والسلطة السياسية ، وصدرت تصريحاته الأولى لتحدد أن مهمته تتمثل فى الحفاظ على الأمن وليست فى التدخل لصالح أى من الأطراف ، وتأمين مستقبل البلاد والحفاظ على مقدراتها



و يرى المراقبون أن السمة الرئيسية للتركيبة الاجتماعية للثورة المصرية تتمثل فى أنها ثورة شعبية سعت لتحقيق تحول سياسى عميق فى الدولة ، وبشكل عام تتكون التركيبة الاجتماعية من الفئات التالية :أولا جيل الشباب الذى يعد بشكل عام قلب الثورة المصرية فهو الذى قام بالتمهيد لبدء الثورة المصرية واعلان موعدها ، وثانيا معظم التنظيمات السياسية شاركت فى الثورة،وثالث هذه الفئات :الأفراد حيث شاركت أعداد كبيرة من الأفراد غير المنتمين سياسيا وساعد كسر حاجز الخوف من السلطة على تشجيع الأفراد لتأييد الثورة رغبة فى إصلاح أحوال البلاد فى النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية و شكلت مشاركة هؤلاء زخما للثورة أضفى عليها طابعا شعبيا ساهم فى تقويض قدرة السلطة على إجهاض الثورة .
وشهدت تركيبة جماهير الثورة تنوعا شديدا شمل المستويات المختلفة فى المجتمع المصرى بحيث يمكن القول أن الثورة لا تعبر عن فئة اجتماعية محددة ، ولكنها شملت الأغنياء والفقراء ، والجامعيين والنقابيين وبعض رجال الأعمال ، وأيضا الفئات العمرية المختلفة ، فيما شكلت الطبقة الوسطى العمود الفقرى للثورة الذى ساعدها على الاستمرار لأكثر من أسبوعين .

وأوكل الشعب وثورته للقوات المسلحة والمجلس الأعلى مهمة أساسية وهى الإشراف على ترتيبات نقل السلطة إلى برلمان ورئيس جمهورية منتخبين ودستور جديد خلال فترة
زمنية معينة حددتها القوات المسلحة فى البداية بستة أشهر تنتهى فى سبتمبر 2011 ،
لكن الانفلات الأمنى وبطء العملية السياسية أديا الى إطالة المرحلة الانتقالية وما صاحبها من انتشار عمليات البلطجة وهروب الاستثمارات وزيادة حدة البطالة
وغيرها من الظروف وأنجز المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال عام من عمر الثورة خطوات وترتيبات كانت ضرورية للعبور إلى الانتخابات البرلمانية تتمثل فى إصدار الإعلان الدستورى الأول بتعطيل العمل بدستور 1971 وحل مجلسى الشعب والشورى فى 13 فبراير أى بعد تنحى مبارك ب48 ساعة.
وفى 17 فبراير تم تشكيل لجنة لإعداد التعديلات الدستورية .. وفى 27 فبراير أعلنت تلك التعديلات بعد انتهاء اللجنة المعنية من صياغتها ..
وشهد يوم 19 مارس الاستفتاء على التعديلات الدستورية بعد طرحها للمناقشة المجتمعية بمشاركة كل القوى والأحزاب السياسية والائتلافات .. أما يوم 24 مارس فقد كان موعدا لإصدارالإعلان الدستورى بتنظيم سلطات المرحلة الانتقالية .
وفى 29 مارس تم تعديل قانون الأحزاب بما يسمح بتشكيل الأحزاب بمجرد الإخطار والذى أدى الى ارتفاع عدد الأحزاب فى الساحة السياسية من 23 حزبا الى ما يقرب من
50 حزبا، وبدأت يوم 31 مارس أولى جلسات مؤتمر الحوار الوطنى بمشاركة كل القوى .
وفى 17 أبريل صدر الحكم القضائى بحل الحزب الوطنى الديمقراطى وهو ما كان يمثل مطلبا أساسيا من مطالب الثورة والشعب ،

كذلك تعديل المادتين 8و9 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 ، وفى 20 مايو تم تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بما يسمح بلإجراء الانتخابات البرلمانية على مراحل بدلا من مرحلة واحدة ..
و فى 22 مايو انعقدت أولى جلسات مؤتمر الوفاق القومى لوضع التصورات الخاصة بالدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية بمشاركة كل الأحزاب والقوى
السياسية .

وشهد يوم 2 يونيو أول اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة مع ممثلى 153 ائتلافا لشباب الثورة لمناقشة استحقاقات المرحلة الانتقالية .. وفى 29 يونيو صدر حكم القضاء بحل المجالس المحلية أحد أهم مطالب الثورة .. فيما تم تعديل قانون مجلس الشعب بما يجعل سلطة الفصل فى صحة العضوية به فى يد محكمة النقض وإلغاء سلطة "سيد قراره" فى يوم 3 يوليو .
وفى 13 يوليو تم الإعلان عن بدء الإجراءات اللازمة للانتخابات البرلمانية نهاية سبتمبر والشروع فى إعداد وثيقة مبادىء حاكمة وضوابط لاختيار الجمعية التأسيسة التى ستتولى وضع الدستور .. وشهد يوم 21 يوليو صدور ثلاثة مراسيم بتعديلات جديدة لقوانين مجلس الشعب ومجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية ، استجابة لمطالب القوى والتيارات المختلفة .

وفى 18 سبتمبر صدر التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية ..و فى 19 سبتمبر اعلن الجدول النهائى بمواعيد انتخابات مجلسى الشعب والشورى بمراحلها المختلفة،
وفي 8 سبتمبر صدرت مراسيم جديدة بتعديل نسب مقاعد البرلمان من 50\% قائمة و50\% فردى الى الثلثين للقائمة والثلث للفردى استجابة لمطالب الأحزاب والقوى السياسية .

وفي 6 أكتوبر صدر مرسوم بالسماح للاحزاب بالترشيح على المقاعد الفردية ،
وفي 19 أكتوبر صدر مرسوم بقانون تشديد العقوبة فى جرائم التمييز بين الأفراد ،

18 نوفمبر مرسوم بقانون الغدر والعزل السياسى ، 20 نوفمبر مرسوم بقانون تنظيم تصويت المصريين بالخارج لأول مرة فى التاريخ السياسى المصرى ،

وفي 28 نوفمبر بدأت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب فى 9 محافظات ، لتبدأ أولى خطوات الطريق
السليم .

تعامل المجلس العسكري مع ادارة شؤون البلاد

والمجلس العسكرى لم ينفرد بأى قرار وإنما يستطلع ويسستشير آراء كل القوى السياسية ومثال ذلك تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى نهاية نوفمبر حين شكا شباب الثورة وبعض الأحزاب القائمة من أن إجراء الانتخابات البرلمانية فى شهر سبتمبر لن يتيح الفرصة للأحزاب الجديدة وللثوار للاستعداد ، وأيضا حين أكدوا أن شرط الإعلان عن أى حزب جديد فى صحيفيتين يكلفهم من الأموال ما لا يطيقون ، تعهد المجلس الأعلى بتحمل هذه التكلفة عنهم فى حزب جديد ينشئونه ليتيح لهم الفرصة كاملة للمشاركة فى العملية السياسية، كل ذلك فى مواجهة ظروف اقتصادية سيئة .

ورغم حساسية المرحلة الانتقالية الحالية التى تشهد تزايد الصراع ما بين محاولات النظام السابق لإجهاض الثورة وإخمادها من جهة ومقاومة الثوار فى امتصاص الصدمات الموجهة للثورة من جهة أخرى ، إلا أن هناك العديد من الإيجابيات التى خرجت من رحم الثورة لتمثل الضوء والشعاع الذى ينير الطريق أمام المرحلة القادمة
أولها كسر حاجز الخوف فى نفوس المصريين فأصبح الجميع يطالب بحقوقه ولن يقبل أحد الظلم بعد اليوم ،وظهور جيل جديد من الشباب الواعى بمعنى ودور الثورة فى بناء
مستقبل جديد للأمة قائم على العدل والمساواة خال من الظلم والاستبداد والفساد ،

كما أن هناك المبادرات من أبناء الوطن فى الداخل والخارج لتقديم كافة المساعدات من أجل انعاش الأقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط السياحة .

ورغم أن بعض المراقبين يرون أن الثورة لم تحقق أيا من أهدافها بعد مرور عام
على اندلاعها إلا أن الثورة حققت العديد من أهدافها : أهمها سقوط النظام السابق وتجرى الآن محاكمته / محاكمة القرن / التى بدأت فى 3 أغسطس الماضى وهى محاكمة تجرى لأول مرة فى تاريخ مصر والعالم العربى ، إلي جانب محاكمة رموز النظام السابق .

وقد فتحت الثورة أبواب الحرية أمام أبناء الشعب بعد أن كانت موصدة فى وجوههم ، وأتاحت الفرصة للقوى السياسية المصرية أن تتنافس على الساحة الوطنية بشرف وأمانة بعيدا عن التزوير والتلاعب بمقدرات الوطن .

ومن الأهداف التى حققتها الثورة أيضا- بالرغم من الأزمات التى كادت تعصف بها- إجراء انتخابات مجلس الشعب بمراحلها الثلاث التى أصر المجلس العسكرى على إجرائها حتى تستكمل مصر مسيرتها السياسية رغم ماأبداه البعض من تخوفات ومشاعر إحباط ، وقد أقبل الناخبون عليها وتجاوز الحضور نسبة 60% من المقيدين فى الجداول الانتخابية ، حتى قيل أن مصر صوتت للاستقرار والديمقراطية ودولة المؤسسات ، وهذا الاقبال يعد مؤشرا على أن مصر تخلصت من السلبية والعزوف عن المشاركة السياسية .

وبصرف النظر عما شاب الانتخابات من بعض السلبيات فهى أول انتخابات تتوفر فيها الشفافية والنزاهة والجدية والمصداقية بدرجة نالت احترام وإعجاب العالم كله فكانت
أولى ثمار ثورة يناير بحق ، وقد جسدت الانتخابات إرادة الأمة فى برلمان جديد قد لا يرضي البعض عن تشكيله لكنه يعبر عن إرادة شعب .

ويعتبر انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب الجديد يوم غد الإثنين الخطوة الأولى نحو إنجاح الثورة والتأسيس لبناء نظام وطنى ديمقراطى خصوصا بعد توافق الإرادة الوطنية على الوثيقة التى أعلنها شيخ الأزهر د.أحمد الطيب فى 12 ينايرالجاري باسم اللقاء الوطنى استعادة روح 25 يناير ، وهذه الوثيقة تضمنت قيما ومبادىء وتوافقات سياسية بين كل القوى الوطنية بمشاركة الأزهر ممثلا فى شيخالأزهر وبمشاركة البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية وعدد من رؤساء الكنائس المصرية .

وما يزال أمام الثورة خلال الفترة القادمة ما هو أهم مما مضى للاستمرار فى تحقيق المطالب التى سيبنى عليها المستقبل الحقيقى لسنوات قادمة ، فهذه الفترة مليئة بمراحل لاستكمال المؤسسات التشريعية منها إجراء انتخابات مجلس الشورى وصولا إلى انتخابات رئاسة الجمهورية ، وفى السياق ذاته يأتى تحدى صياغة دستور جديد تتوافق عليه كل مكونات المجتمع المصرى ليكون بمثابة عقد اجتماعى جديد بين الشعب والسلطة يرسم صورة مصر الجديدة التى يحلم بها الجميع .

أما التحدى الأكبر فسيكون مدى القدرة على الخروج بالبلاد من المشكلات التىأنهكتها خاصة فى مجالى تحقيق الأمن والأستقرار ، وإنقاذ الوضع الأقتصادى ، ثم الانطلاق فى برامج سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية تستهدف تحويل الشعار الذى رفعته جماهير يناير فى تظاهراتها عيش . حرية .عدالة اجتماعية إلى واقع ملموس .

إن الملايين التى خرجت ثائرة قبل عام لن تترك أحدا يسرق ثورتها حتى يتحقق العدل وتتوافر للمواطن أبسط مقومات الحياة، فالدماء التى سالت لا ينبغى أن تضيع هدراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.