السكان يصرخون... والمسئولين ودن من طين وودن من عجين منذ ثلاثون عاما مضت وأعتاد المسئولين على العيش بأذن من طين وأخرى من عجين ،فهناك الملايين يعيشون تحت خط الفقر ، وهناك الملايين يتناولون طعامهم من أكوام القمامة ، وهناك الملايين أيضاً يشحذون قوت يومهم ويلبسون الممزق ، وأخيرا هناك ملايين كثيرون يستنشقون القمامة حتى أزكمت أنفوهم ، ويصعق أبنائهم أو يحترقون بماس كهربائي جراء ظروف حياتهم الصعبة التي يعيشوها . بلغت صرخات أهالي منطقة شطا بمحافظة دمياط عنان السماء ، ولكنها لم تصل حتى إلى طرف أذني المسئولين الذين إعتادوا على حالة من التجاهل والطناش للشعب المغلوب على أمره . عانوا كثيرا من القمامة حتى إشتهرت منطقة شطا بمقالب القمامة ، أو أنها " مقلب قمامة دمياط الكبير " دون أدنى مراعاة لوجود سكان أو أطفال قد يفقدون حياتهم بالتلوث . قمنا بزيارة للقرية للإطلاع على أحوالها ووسط المساكن وأكوام القمامة إلتقينا أحد السكان ويدعى سمير درويش والذي قال : أرض منطقة شطا في الأصل أرض ملاحات ، وبداخلها كميات كبيرة من المياه ، تتسرب إلى جدران المنازل ، ونظرا لعدم وجود صيانة لكابلات الكهرباء فإنها تتسبب فى صعق سكان المنطقة وخاصة الأطفال الصغار ، ولا نجد تجاوبا من مجلس مدينة دمياط . وحينما يقوم أحد المشرفين على الصيانة بأداء مهام عمله فى المنطقة يعمل بدون ضمير ويقدم تقاريره للمجلس بأن الصيانة قد أجريت شاملة ، وليس هناك من يراقب على أداء عمله ، والمآسي يتحملها السكان . وأضاف باسم رشدي أحد سكان المنطقة قائلا : برك المياه بالمنطقة حينما تجتمع عليها القمامة تتسبب فى رائحة كريهة للمنطقة بالكامل ، وتتولد الحشرات والقوارض والذباب وخلافه ، مما جعل السكان يعيشون فى العذاب الأليم على وجه الأرض ، فتارة من التلوث والحشرات ، وأخرى من الكهرباء والكابلات المكشوفة أسفل العمارات والتي لا ترتفع سوى لبضعة سنتيمترات عن سطح الأرض . وواصلت نجوى فريد شوقي إحدى سكان شطا قائلة : الكابلات فى يد الأطفال بإستمرار ونخشى عليهم من الموت صعقا بها ، ومن قبل ماتت ماشيتان صعقا من عمود كهرباء قضى عليهم فى الحال . وقالت دعاء منسي : نخشى على الأطفال من نزول الشارع ونحبسهم بالمنازل لأننا نعيش فى بيئة خطيرة مدمرة من كل النواحي . وأضافت عزيزة طه سرحان قائلة : المنطقة بالكامل غير مرصوفة كباقي الطرق الرئيسية ، وهذا جعلها منبعا للقمامة والفئران والحشرات التي تلتهم أجسادنا وتلهبها بلدغاتها القاسية . وقال محمد عوضين : كافة المنازل متصدعة بسبب المياه الجوفية بباطن الأرض والتي ينبغي أن يتم سحبها بصفة مستمرة ، ولكن هذا لا يحدث ، لأن مجلس مدينة دمياط تناسى وجود هذه المنطقة على خريطة المحافظة . وأعمدة الإنارة ليس بها أي لمبات ، وحينما يقترب الليل أمنع أهل بيتي من الخروج من المنزل خشية أن يصابوا بمكروه . وواصل الحديث رأفت أبو رفاعي والذي قال : أسكن بمنطقة شطا منذ عام 1990 ، ومنذ هذا الوقت حتى الآن والحال كما هو عليه ، كابلات الكهرباء تضرب بإستمرار ، صعقات السكان مستمرة ، ندفع كل رسوم النظافة والترميمات ولا نتلقى أى خدمات ، ومجلس المدينة لا يباشر حال المنطقة ، وتقدمن بالشكاوى للعديد من الجهات المسئولة ولم يهتم بنا أحد . ووصف أحمد عبده الغازي حال معظم المنازل من الداخل قائلا : تتسرب المياه إلى كافة جدران العمارات من الداخل والخارج ، وتستقر بين الجدران ، مما أدى إلى تشققها ، حتى إن السيراميك بكافة المنازل يتسرب ولا يثبت بمكانه . والأدهى من ذلك أن سقف المسكن الذي أعيش به سقط وإنهار على رأسي ، وهذا ليس حالي فقط ، بل حال غالبية السكان بالمنطقة .