افرجت بورما الجمعة عن معتقلين سياسيين بارزين في اطار عفو يطالب به الغرب منذ فترة طويلة كدليل على صدقية الاصلاحات التي يقوم بها النظام الجديد. وشمل العفو الذي رحبت به المعارضة وعدد من الدول الغربية فورا اعلانه، عددا من قياديي حركة 1988 الانتفاضة الطلابية التي اسفر قمعها عن سقوط نحو ثلاثة الاف قتيل، بعد استثنائهم من مبادرات العفو السابقة خلال الاشهر الماضية.
واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الجمعة ان الولاياتالمتحدة على استعداد لتبادل السفراء مع بورما بعدما اطلق النظام سراح سجناء سياسيين بارزين. وقالت كلينتون في كلمة مقتضبة القتها في وزارة الخارجية في واشنطن "بالتشاور مع اعضاء الكونغرس وبقيادة الرئيس (باراك) اوباما، سنباشر اجراء من اجل تبادل السفراء مع بورما". واضافت "سنختار ممثلا للادارة الاميركية برتبة سفير".
واوضحت كلينتون انها بذلك تفي بوعد قطعته اواخر 2011 خلال زيارة تاريخية الى بورما ويقضي بالرد "على كل خطوة (تتخذها السلطات البورمية) بخطوة مماثلة".
ورحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالافراج عن السياسيين. وقال المتحدث باسمه ان بان كي مون دعا الاسرة الدولية الى "الرد على هذه الاحداث المهمة في بورما من خلال المساعدة على توفير الظروف الملائمة لدعم الاصلاحات وتحسين حياة شعب بورما". وامل بان كي مون ان يتمكن "جميع من اطلق سراحهم من المساهمة بحرية في عملية المصالحة الوطنية".
ورحبت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون بالقرار "الشجاع" الذي "يقرب الاتحاد الاوروبي من بدء صفحة جديدة مع بورما".
وقال اونغ ناينغ اوو المحلل السياسي البورمي المنفي في تايلاند من فاهو ديفلوبمانت انستيتوت "كنت اتوقع ان التغييرات مقبلة وكنت دائما اقول انها ستكون بطيئة جدا لكن بعضها سريع جدا" مؤكدا ان العفو "كان ضروريا لتطبيع العلاقات مع الغرب".
وافرج صباح الجمعة عن مين كو ناينغ المسجون منذ 1988 والمحكوم بالسجن 65 سنة لتورطه في "ثورة الزعفران" سنة 2007، على ما افادت شقيقته كيي كيي نيونت لفرانس برس.
كما افرج ايضا عن هتاي كيوي القيادي ايضا في "جيل 88" والمحكوم بالسجن 65 سنة في 2007، على ما افاد احد اقاربه على غرار الراهب البارز غامبيرا المحكوم بالسجن 63 سنة. وشمل العفو ايضا خون هتون اوو، زعيم اقلية شان المحكوم بالسجن 93 سنة وعددا من الصحافيين من صوت بورما الديموقراطي، وهي مجموعة اذاعية وتلفزيونية وموقع انترنت تتوجه الى المنفيين.
وفي خطوة قد تكون اهم على الصعيد السياسي، استفاد ايضا من العفو رئيس الوزراء السابق خين نيونت (72 سنة) الذي كان ضحية تصفية حسابات.
وقد اقيل خين نيونت في 2004 ثم اعتقل وحكم عليه في السنة التالية بالاقامة الجبرية 44 سنة بتهمة الفساد.
وادت اقالته الى تفكيك كامل اجهزة الاستخبارات العسكرية، وحضر خين نيونت الجمعة امام المصورين مع عائلته.
وافادت الصحيفة الرسمية "نيو لايت اوف ميانمار" الناطقة بالانكليزية ان العفو شمل 651 شخصا ويهدف الى "المصالحة الوطنية واشراك المعتقلين في العملية السياسية".
وعلى الفور رحبت الرابطة الوطنية للديموقراطية التي تتزعمها المعارضة اونغ سانغ سو تشي، بهذا العفو الثالث منذ تشرين الاول/اكتوبر والذي اعلنته وسائل الاعلام الرسمية مساء الخميس.
وصرح الناطق باسم الرابطة نيان وين لفرانس برس "انه مؤشر ايجابي للجميع، اننا نرحب بعمليات الافراج هذه" مؤكدا ان العديد من المنشقين "بصدد العودة الى منازلهم".
من جانبها، قالت ايليان بيرسن مساعدة مدير فرع آسيا في هيومن رايتس ووتش ان على "الحكومة ان تؤكد ان لا شيء يمنع اولئك الناشطين من المشاركة في الحياة العامة فيما الانتخابات على الابواب".
كما عبرت فرنسا وبريطانيا عن ارتياحهما لهذه الخطوة.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في اتصال هاتفي مع المعارضة اونغ سان سو تشي انها "مبادرة مهمة" من قبل السلطات البورمية. واوضح الاليزيه ان ساركوزي "عبر عن دعمه للاصلاحات الجارية في بورما وشدد على ما تنتظره فرنسا من الحكومة البورمية".
من جهته، عبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عن ارتياحه الى هذه الخطوة، وقال في بيان "انني سعيد باطلاق سراح سجناء سياسيين في بورما وخصوصا قادة من +الجيل 88+ (قادة الانتفاضة الطلابية في 1988) ومن اقليات اتنية".
وتم حل النظام العسكري الذي كان حاكما منذ نصف قرن في اذار/مارس وسلم السلطة الى حكومة قيل انها "مدنية" لكنها تخضع تماما لعسكريين سابقين.
وكثفت هذه الحكومة الاصلاحات السياسية خلافا لجمود النظام العسكري السابق بزعامة الجنرال ثان شوي واجواء الرعب التي كانت تسود صفوفه.
وسمح النظام الجديد بعودة سو تشي الى الساحة السياسية بحيث ستترشح لانتخابات فرعية في نيسان/ابريل بعد ان كانت لا تزال قيد الاقامة الجبرية في تشرين الثاني/نوفمبر 2010.
كما فتحت السلطات حوارا مع مجموعات متمردين من الاقليات الاتنية التي لم تتصالح مع السلطات منذ استقلال البلاد في 1948، وذهبت الى حد توقيع هدنة مع بعضها، وخصوصا مع كارنس ابرز حركة تمرد، الخميس.
وفي 12 تشرين الاول/اكتوبر، افرج عن 6300 شخص من بينهم حوالى 200 سجين سياسي والفكاهي المنشق زرغنار.
لكن هذا العفو خيب كثيرا من الامال لانه لم يشمل قياديي حركة 1988 ولا الكاهن البوذي غامبيرا المعتقل منذ 2007، وذلك على غرار العفو الذي صدر بداية كانون الثاني/يناير ولم يشمل اي معتقل سياسي.
ويقدر عدد معتقلي الراي من فنانين وصحافيين ورهبان ومفكرين وغيرهم من المعارضين بما بين 500 و1600 شخص.