تعهد نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاثنين بتسريع تنفيذ العديد من الخطوات لتخفيف ازمة منطقة اليورو في الوقت الذي سجل سعر صرف اليورو مستويات منخفضة جديدة وسط مؤشرات على تزايد التوتر في القطاع المصرفي. وقال ساركوزي عقب محادثات مع ميركل انه يجب التوقيع على اتفاق يفرض قوانين ميزانية اكثر انضباطا في جميع الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي باستثناء بريطانيا بحلول الاول من اذار/مارس.
واكدت ميركل ان المفاوضات حول نص الاتفاق تسير بشكل جيد، كما اعلنت عن استعداد باريس وبرلين تسريع دفع حصتيهما من المبالغ للصندوق الدائم لانقاذ اليورو والمقرر ان يبدا العمل فيه في وقت لاحق من هذا العام.
وصرحت ميركل للصحافيين ان "المانيا وفرنسا مستعدتان لمراجعة .. مدى امكانية تسريع دفعاتنا بطريقة معينة، وبالتالي التاكيد على ثقتنا ودعمنا".
ويبحث الزعيمان في طرق دعم الصندوق الذي اطلق عليه اسم "الية الاستقرار الاوروبي" عن طريق امداده بالموارد مرة واحدة بدلا من ايداع حصص اصغر فيه على مدى العديد من السنوات كما تنص الخطة الحالية.
وجاء اللقاء بين ميركل وساركوزي اللذين يقودان جهود مواجهة ازمة اليورو، فيما انخفض سعر صرف العملة الموحدة الى ادنى مستوى له منذ 16 شهرا مقابل الدولار، ووسط مخاوف بشان مستقبل منطقة اليورو.
واقر ساركوزي بان "الوضع متوتر جدا".
واثارت مجموعة من البيانات الاقتصادية المخيبة للامال اضافة الى مخاوف بشان القطاع المصرفي، قلقا جديدا من ان منطقة اليورو تتجه نحو ركود عميق حيث لم تظهر اية مؤشرات على ان حدة الازمة بدأت تتراجع.
ومما عزز من تلك المخاوف، بيانات نشرت الاثنين واظهرت ان البنوك وضعت مبلغا قياسيا من النقد في البنك المركزي الاوروبي ما يشير الى توجسها من اقراض بعضها البعض في سوق الاقراض بين البنوك.
ولاول مرة تبيع المانيا سنداتها لمدة خمس سنوات بعائدات سلبية، ما يعني ان المستثمرين يسارعون الى الامان النسبي الذي توفره سندات المانيا التي تمتلك اكبر اقتصاد اوروبي لا يزال عصيا على الازمة.
الا انه لا تزال هناك مؤشرات على انه حتى هذا الملجأ الآمن يمكن ان يصبح محل تشكيك بعد انخفاض الانتاج الصناعي الى نسبة اسوأ من المتوقع وصلت الى 0,6% في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة مع الشهر الذي سبقه.
من ناحية اخرى، يبدو ان الازمة المالية تعود بقوة الى المكان الذي بدأت منه وهو اليونان، بعد ان اعرب صندوق النقد الدولي عن شكوكه المتزايدة حول قدرة اثينا على خفض ديونها على المدى الطويل.
ومن المقرر ان يعود فريق من المدققين الماليين الدوليين الى اليونان الاسبوع المقبل لتقييم اقتصاد البلاد بعد ان حذر رئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس من ان بلاده قد تواجه "تخلفا عن السداد لا يمكن السيطرة عليه" في اذار/مارس اذا لم تتلق مزيدا من المساعدات.
ودعت ميركل الى "التطبيق السريع" لاجراءات الاصلاح في اليونان، محذرة من انه اذا لم يتم ذلك فانه لن يتم دفع اموال انقاذية جديدة.
ووسط تكهنات بان اليونان يمكن ان تجبر على الخروج من اليورو، اكدت ميركل ان "خطتنا هي انه يجب ان لا تخرج اي دولة من منطقة اليورو".
واعرب عدد من المحللين عن خيبة املهم من الاجتماع.
وقال كريستيان شولتز من بنك بيرنبرغ "ان اول قمة لميركل وساركوزي في العام 2012 لم تثمر عن نتائج ملموسة".
واضاف ان "مبادرات النمو تفتقر الى التفاصيل، والمفاوضات حول عناصر اخرى لا تزال مستمرة. على الاقل بالنسبة لليونان فهما لا يزالان ملتزمان بمساعدة ذلك البلد".
وسعت ميركل في المؤتمر الصحافي الى تحويل التركيز من التقشف الى النمو.
وقالت المستشارة "انطلاقا من اوضاع مالية جيدة ومحركات النمو، نريد ان نوضح اننا مصممون ليس فقط على الحفاظ على اليورو واستقراره، ولكن كذلك نريد اوروبا قوية وحديثة وتنافسية".
كما وضع الزعيمان جانبا خلافاتهما حول رسم التعاملات المالية في السوق المالية، وهي القضية المثيرة للجدل.
وقالت ميركل انها تستطيع تخيل فرض مثل هذا الرسم داخل دول اليورو مشيدة بساركوزي باعتباره "مثالا جيدا" بهذا الشان بعد ان قال انه مستعد لفرض تلك الرسوم بصورة احادية اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بهذا الشان في انحاء اوروبا.
ويبدو ان المتعاملين في السوق المالي تجاهلوا الاجتماع حيث لم تشهد البورصات الاوروبية او اسواق السندات اية تحركات.
ويعتبر هذا الاجتماع بداية سلسلة من التحركات الدبلوماسية التي يسعى من خلالها الزعماء الاوروبيون الى وضع حد للازمة.
ومن المقرر ان تستضيف ميركل المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد لاجراء محادثات "غير رسمية" مغلقة في برلين الثلاثاء، طبقا للمتحدث باسمها.
وفي 20 كانون الثاني/يناير يستقبل رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي ميركل وساركوزي في روما قبل اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل بعد ثلاثة ايام.