للغش فى مصر تاريخ طويل محزن ..فقد بدأ ب "البرشام" الذى يُزج بين ثنايا الملابس إلى انتحال شخصية الطالب وارتداء "النقاب"،والكتابة على اليد،وعلى المساطر أحيانا ،وإخفاء الملخصات فى دورات المياه. ثم سرعان ما انتشر نوع جديد هو الغش بمكبرات الصوت التى علت مدوية فى محيط المدارس منذ سنوات وخاصة فى الاقاليم.. ولم تستطع وزارة التربية والتعليم التصدى لها، بل ان الطلاب أنفسهم تصدوا لها على طريقتهم فابتكروا أنواعا مختلفة وجديدة من الغش.. ..وبدا أن التطور الطبيعى للغش هو "البلوتوث" ..لترسب أيضا الوزارة فى حل تلك الظاهرة. ولم ينقطع ابداع الطلاب فى هذا المجال حتى وصلنا إلى وسائل الغش الاكثر تطورا لتواكب وسائل الاتصال الحديثة ،فى اساءة بالغة من الطلاب لتلك الوسائط الجديدة ..فاستخدموا "الفيس بوك وتويتر" فى الغش الجماعى بعد إنشاء صفحات تحمل عناوين مضحكة لكنها فى الحقيقة تبكينا على مستقبل أبنائنا ،ومنها صفحات "بردوهنغش"،و" عبيلوا واديلوا"،و"تويت لجنة" و"غشاشون فدائيون"وغيرها من العناوين .. وفى هذه المرة أيضا فشلت بل رسبت وزارة التربية والتعليم فى مواجهة الغش الالكترونى،الى الدرجة التى برر فيها المسئولون عن الوزارة حالة الغش فى مادة اللغة الانجليزية فى بنى سويف بأن الطالب الذى سرب الامتحان ارتدى "ستة بنطلونات" وفى "عز الحر" أخفى فيها "الهاتف المحمول"الذى التقط به صورة لورقة الاسئلة و"شيرها" على "تويتر"،وكأنه يجلس فى منزله بلا رقيب ولا حسيب! فالوزارة ما زالت تتعامل كمن يركب "ناقة" فى زمن الطائرات..تتبع نفس الأساليب القديمة فى التفتيش وطرق التهديد والتخويف والوعيد التى ما عادت تصلح ،فالوزارة يجب أن تمتلك أجهزة تكنولوجية حديثة تمكنها من الكشف عن الاتصالات فى محيط لجنة الامتحان واجهزة للتشويش على الاتصالات ومنع شبكات الاتصال حول لجان الامتحانات، وأجهزة أخرى للكشف عن الاجهزة الرقمية من كاميرات وبلوتوث وأجهزة محمول ، وعلى الوزارة أن تدرب مراقبيها على كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف . وقبل كل ذلك علينا إعلاء القيم والاخلاقيات ونشر ثقافة "حرمة الغش" ..فالطالب الذى يغش الان عبر "تويتر" سوف يغش بعد تخرجه ..فإن وجد عملا سيصبح الغش دينه وديدنه ، لن يتقن عمله ..علا منصبه أو دنا .. إن"التربية" التى تسبق "التعليم" فى وزارة "طويلة عريضة"،يجب أن تأخذ طريقها الى النور ويعاد إليها وقارها المفقود ..فليست مجرد اسم على مبنى ..ولكنها سلوك ينبغى أن يكون حاضرا فى أذهان أولياء الامور والطلاب، فلا نريد أن تتحول وزارة التربية والتعليم إلى"وزارة بردوهنغش".