بدأ الصدام غير المعلن بين الأندية ولاعبيها.. الدورى توقف عقب مذبحة استاد بورسعيد والتحقيقات القضائية جارية واستقال اتحاد الكرة وجاءت لجنة عاجزة عن أى مواجهة أو قرار.. فبدأت الأندية تفكر فى ألا تسدد للاعبيها سوى نصف مستحقاتهم فقط حسب عقودهم.. وتستند الأندية فى ذلك إلى لائحة فيفا التى تقضى بحصول اللاعبين على نصف مستحقاتهم فى حال وجود أى ظرف قهرى يحول بين لعب الكرة واستكمال مسابقاتها الرسمية.. بينما يطالب اللاعبون بحقوقهم الكاملة باعتبارهم غير مسؤولين عما جرى، وأيضا استنادا إلى خطاب سابق ل«فيفا» كان قد أرسله وقت توقف الدورى أثناء الأسابيع الأولى لثورة يناير، وأكد فيه للاتحاد المصرى لكرة القدم ضرورة حصول اللاعبين على كامل حقوقهم.. وأمام هذا الصدام سنجد أكثر من رأى.. الذين سينحازون للنجوم واللاعبين ويرون أنهم غير مسؤولين وأنهم لا يطلبون أكثر من حقوقهم حسب الاتفاقات والعقود التى لابد أن تلتزم بها الأندية.. والذين سيطالبون اللاعبين بالتغاضى عن نصف مستحقاتهم أو حتى أكثر من ذلك وسيصرخ هؤلاء يتهمون اللاعبين بالجحود ونسيان كل هذه المبالغ الضخمة التى سبق أن تقاضوها عاما بعد آخر ولن يضيرهم فى شىء أن يتقاضوا مبالغ أقل فى موسم واحد فقط.. والذين سيرون أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو استكمال المسابقة على عجل وبأى شكل.. وغالبا سيجد هذا الرأى الثالث الكثير من الأنصار والمؤيدين وسيلقى استجابة المسؤولين فى مختلف المجالات وأصحاب القرار والشاشات.. وهكذا ستفوتنا فرصة المواجهة الحقيقية لواقعنا الكروى.. واقع هزيل وهش ومرتبك وزائف يسهل جدا كشف حقيقته عند أول أزمة أو مشكلة.. ففى البداية سنكتشف أننا لا ندير الكرة فى بلادنا بشكل مؤسسى وإنما هم مجموعة من أفراد تسوقها انفعالاتها الطارئة وعلاقاتها وحساباتها الخاصة.. ففى بلدان أخرى يكون اتحاد الكرة فيها مؤسسة حقيقية تملك خبراء الكرة والإدارة والقانون والعلاقات الخارجية.. وقبل أى قرار حاسم ومهم، مثل إيقاف الدورى أو استكماله نتيجة ثورة أو مذبحة، تكون هذه المؤسسة قد أرسلت ملفا كاملا ل«فيفا» تشركه فى الأمر وتطلب معاونته ومشورته.. ملف حقيقى وليس مجرد رسالة بالبريد الإلكترونى يكتبها هاو يجيد اللغة الإنجليزية.. معلومات كاملة ومستندات وتفاصيل وأرقام.. ولا يصدر عن المؤسسة أى قرار قبل أن يأتى رد ورأى رسمى من فيفا.. أما أنديتنا، فهى أيضا تعيش نفس هذا الواقع المسكون بالعبث والفوضى.. والأزمة الأخيرة الحالية مجرد دليل جديد على ذلك.. ووسط صرخات هذه الأندية بضرورة استكمال المسابقة حتى لا تعلن إفلاسها.. أدعوكم لقليل من الفكر والتأمل قبل أى حكم لكم أو قرار.. وباستثناء الأهلى والزمالك، سنجد معظم هذه الأندية تكذب علينا.. فليس توقف الدورى هو الذى سيتسبب فى إفلاسها.. فالنشاط الكروى بالنسبة لهذه الأندية يعنى ثلاثة مصادر للدخل.. بيع تذاكر المباريات والرعاية وحقوق البث التليفزيونى.. وكلنا يعرف حقيقة الدخل الجماهيرى وأرقام الرعاية الهزيلة ومقابل بث أربع مباريات على الأكثر لكل ناد طيلة الموسم بأكمله.. وهذه المصادر الثلاثة مجتمعة لا تكاد تكفى عقد لاعب واحد من لاعبى كثير من هذه الأندية.. أى أننا أمام أندية تمارس الكذب على الجميع حتى على نفسها.. أندية اعتادت أن تنفق أضعاف إيراداتها.. يغيب عنها العقل والحكمة والمسؤولية عند التعاقد مع لاعبيها.. ثم تبدأ فى التسول حين تكتشف الواقع الحزين والمؤلم.. أو هى أندية حكومية لا تشكو الهموم ولا يضيرها أن تأخذ من المال الحكومى لتبقى تنفق على اللاعبين ولعب الكرة.. أما الأهلى والزمالك.. حيث الرعاية الحقيقية وملايين يأتى بها البث.. فلديهما أيضا العجز والضائقة المالية، لكن ليس كما يعرفهما الآخرون.. ويستفزك أن تصرخ الأندية كلها بالشكوى وتجدها فى الوقت نفسه لاتزال تتسابق لخطف اللاعبين والتعاقد معهم وبنفس الأرقام الكبيرة التى لا تتناسب مع واقع وإيراد حقيقى.. وهكذا تجدون أن الأمر أكبر وأخطر من مجرد استئناف للمسابقة. نقلا عن المصري اليوم