رصدت دراسة مصرفية حديثة للباحث المصرفي أحمد آدم بعض الظواهر السلبية التي حدثت مع بداية أحداث الربيع العربي على القطاع المصرفي المصري ، وربط تلك الظواهر بما يحدث من أزمات اقتصادية عالمية في منطقة دول اليورو ، تكملة لما حدث للاقتصاد العالمى بانهيار أشد وأعنف من الأزمة العالمية التي حدثت فى أواخر عام 2008 والتى ما زالت كافة دول العالم تعاني من تداعياتها . واضاف آدم - الذي كان يرأس أحد المؤسسات المصرفية - في دراسته التي حصل عليها "صدى البلد " أن هناك تطورات مهمة حدثت في الجهاز المصرفي قبل ثورة 25 يناير بفترة قصيرة وتحديداً فى شهر ديسمبر من العام الماضي بعد نجاح ثورة تونس وارتفاع وتيرة احتجاجات المصريين واستمرت حتى أثناء الثورة على الرغم من إغلاق البنوك لفترة ليست بالقصيرة ، وكان من أبرز تلك الظوهر التي كشفها المركزي الاجمالي المجمع للبنوك في مصر وزيادة إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك فى الخارج نظراً لبيع أغلب بنوك القطاع الخاص لبنوك أجنبية وعربية ، حيث بدأت الإيداعات ترتفع وبشكل كبير، فقد بلغت عام 2007 حوالي 124.4 مليار جنيه ، كما بلغت في نهاية عام 2008 وقبل الأزمة العالمية مباشرة 122.8 مليار جنيه ، ثم بدأت بعد الأزمة العالمية وارتفاع نسبة مخاطر الإيداع لدى البنوك فى الخارج فى الانخفاض فبلغت فى أول عام بعد الأزمة العالمية 77.1 مليار جنيه حتى وصلت لأدناها فى يونيو قبل الماضى (نهاية العام المالى 2010) وبلغت 57.4 مليار جنيه ، إلا أن هذه الإيداعات ما لبثت وأن تصاعدت وبشكل كبير منذ شهر ديسمبر الماضي ومازالت تتصاعد وترتفع بشكل متتالى حتي وصلت الي 98مليار جنيه نهاية يوليو الماضي . وأشارات الدراسة إلى ارتفاع مخاطر الإيداع بالبنوك الخارجية وبشكل أصبح يفوق تخوف بعض البنوك ذات رؤوس الأموال الأجنبية العاملة بمصر من الأوضاع الداخلية وهو ما يجب أن تنخفض معه إيداعات البنوك المصرية بالبنوك الخارجية وبصفة العموم يجب على المسئولين بالحكومة والمجلس العسكري الذي يتولى إدارة البلاد وضع أمر زيادة إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك فى الخارج قيد البحث للوقوف على الأسباب الفعلية لزيادة هذه الإيداعات لأنها قد ترتبط بما يدور من أقاويل وأخبار وقت الثورة حول قيام بعض البنوك بتحويل أموال بعض السياسيين ورجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد من داخل مصر لخارجها. وقالت الدراسة إن تلك الزيادة التي تقارب ال 7 مليارات دولار بعد الثورة شكلت ضغطا كبيراً على الطلب على الدولار والغريب فى الأمر أن البنك المركزي تدخل من خلال الاحتياطيات الرسمية للدولة فى سوق الصرف لتوفير الطلب على الدولار ، مشيرة إلى أن تفجر أزمة الديون الأوروبية ستنخفض معه إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك فى الخارج . ورصدت الدراسة استمرار التدني فى معدلات نمو الودائع مقارنة بما كان عليه قبل الأزمة العالمية ولثالث عام على التوالي فقد بلغ معدل نمو الودائع فى نهاية العام المالي (2007/2008) إلى 14.8% انخفضت نهاية العام المالي التالي مباشرة لتبلغ 8.5% ثم بلغت العام الذى يليه (2009/2010) ما نسبته 9.8% ثم بلغت خلال نهاية العام المالى (2010/2011) ما نسبته 7.2% إلا أن هناك ظاهرة حدثت ولأول مرة منذ فترة طويلة جداً تمثلت فى استمرار انخفاض معدلات نمو الودائع الحقيقية لستة أشهر على التوالى، وتحديداً منذ نهاية ديسمبر الماضي حيث بلغت الودائع 952.1 مليار جنيه ثم انخفضت فى شهور يناير وفبراير ومارس وإبريل ومايو وارتفعت عن حجمها فى يونيو ويوليو إلا أن الارتفاع كان ناجماً عن زيادة في أسعار صرف الدولار أمام الجنيه ونتج عنه ارتفاع الودائع بالعملة الأجنبية عند إعادة تقييمها بالجنيه وبالتالى فلم يكن النمو لزيادة فعلية فى حجم الإيداعات وهو ما يبدو أوضح عند مقارنة حجم الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية خلال الأشهر السابقة حيث بلغت هذه الودائع فى شهر ديسمبر الماضى ما قدره 675.3 مليار جم واستمرت منخفضة حتى شهر يوليو الماضي وبلغت 671.2 مليار جنيه. وترجع الدراسة انخفاض معدلات نمو الودائع السبب الأساسى والرئيسى له إلى الإدارة غير السليمة للسياسة النقدية للبنك المركزي المصري وبقاء سعر الفائدة سلبياً أمام معدلات التضخم ولمدة أربع سنوات متتالية وهو ما أدى لتآكل ودائع العملاء بصفة عامة وودائع القطاع العائلي بصفة خاصة والغريب فى الأمر أن البنك المركزى المصرى أيضا كان قاسماً مشتركاً فى ارتفاع معدلات التضخم الحقيقية عندما لم يستطع الحد من التضخم عن طريق سعر الفائدة ، وكذلك عن طريق إفراطه فى طبع النقدية وضخها فى السوق بدون أن يقوم بشراء ما يقابل الطبع الجديد من ذهب أو سحب أذون وسندات خزانة من السوق ، وهو ما أشعل الأسعار فى مصر خلال فترة حكومة نظيف والتي واكبت تولي قيادات البنك المركزي وبنوك مصر المسئولية.