مأساة حقيقية ومعاناة يعيشها أكثر من 400 ألف مواطن يقيمون في 39 قرية بمنطقة بنجر السكر بالإسكندرية من بين هذه القرى " العراق و"فلسطين" و"الجزائر" و"البصرة" و"رام الله" و"غزة" بغرب الإسكندرية. هذه القرى تفتقد أبسط الاحتياجات اللازمة لحياة كريمة، فالسكان يعيشون بدون ماء أو كهرباء أو شبكات للصرف الصحي أو حتى مستشفى . ولذا فهم يشبهون حياتهم بالحياة في العصور الوسطى، وبالإضافة إلى كل ذلك ، فإن أراضيهم الزراعية مهددة بالبوار بسبب نقص حصص المياه. " صدى البلد" تجول بين قرى بنجر السكر لرصد معاناة أبنائها بعد أن فشلوا في توصيل أصواتهم للمسئولين في الأجهزة التنفيذية.
علي الشوني، عضو مجلس محلي المحافظة المنحل وأحد سكان هذه القرى يقول إن المحافظة قالت إنها سوف تبدأ في مشروع فصل إنتاج الخبز عن توزيعه تحت إشراف الجمعية الزراعية بإحدى القرى إلا أن المشروع لم يحقق النجاح المرجو منه، كما يقول الشوني، بسبب" تلاعب أصحاب المخابز في عملية التوزيع وتقديمهم لعدة طلبات إلي مديرية التموين لوقف المشروع والرجوع للتوزيع داخل المخابز لتحقيق مصالح شخصية". العراق وأضاف محمود سعدواى أحد سكان قرية " العراق" أنه " لا يوجد رقابة من مديرية التموين على هذه المخابز لمنعها من التلاعب في حصص الدقيق المدعم التي توزعها عليهم المديرية". ويشكو السكان من أن هذا "تسبب في انخفاض حصة الفرد من رغيف الخبز مما يسبب لنا في أزمة في الحصول على رغيف الخبز وأحيانا قد يتحول الأمر إلى مجاعة في القرى "، كما يقول سعداوي ، الذي طالب بضرورة رقابة المحافظة غلى المخابز "حتى يتمكن الناس من الحصول على الخبز. فلسطين وأكد خالد زهونا وهو عامل بسيط من سكان قرية " فلسطين" ، أن الناس " يعيشون في ظلام شديد بسبب افتقادنا لوجود عمود إنارة واحد في القرية مما جعلنا نعيش في ذعر وخوف طوال الوقت"، وأضاف أنه "عندما تأتى الساعة الخامسة لا نستطيع أن نرى الشارع بسبب الظلام الشديد الذي يملأ الشوارع ويسبب انعداما للرؤية".
ويتحدث كريم صالحان بأسى وخوف عن ظاهرة البلطجة ويقول إن قريتنا " أصبحت مرتعا للبلطجية وتجار المخدرات وقطاع الطرق والسرقة بالإكراه وتثبيت السيارات بالأسلحة البيضاء". ويقول صالحان إن قرى البنجر أصبحت شبيهة بمدينة " شيكاغو" الشهيرة ويضيف" لا نستطيع أن نعيش ونسير في الشوارع بأمان بسبب هؤلاء البلطجية الذين يبثون الرعب في قلوب الأطفال والنساء".
ورغم أنه لا توجد أعمدة إنارة ، فإن صلاح بدري ، أحد الأهالى، يقول إن شركة توزيع الكهرباء التابعة لمحافظة البحيرة " تحصل رسوم إنارة شهرياً من الأهالى بدون وجه حق"، مشيرا إلى أن الأهالي تقدموا بعدة شكاوى إلى رئيس قطاع كهرباء النوبارية والذي أكد لهم أن عملية الصيانة تخضع لإشراف محافظة الإسكندرية أما استهلاك الكهرباء الخارج من منازلهم فيتبع الشركة في البحيرة. الجزائر وقال الحاج عثمان منوفي أحد الأهالى بقرية " الجزائر" إن " مشكلتنا كبيرة في تكرار انقطاع الماء بشكل مستمر، وأبسط حقوقنا أن نجد ماء صالحا للشرب، ولكن المسئولين لا ينظرون لنا أو ينظرون لنا كمواطنين من الدرجة الثانية ليس لنا حق في المطالبة بأبسط حقوقنا في الحياة". وأضاف " المياه مقطوعة طوال اليوم بسبب عدم وجود خط للمياه يوزع الماء للقرى جميعها".
وأضاف منوفي أن المشكلة "تزداد سوءا مع فصل الصيف حيث تقوم المحافظة بتحويل خط المياه إلى الساحل الشمالي لخدمة قرى الساحل ومارينا وخدمة رجال الأعمال ونحن نضطر لشراء جركن المياه ب 3 جنيهات للجركن الواحد رغم أننا لا نملك قوت يومنا.
وأشار حامد جلال أحد سكان قرية" فلسطين" إلي أن الصرف الصحي لم يصل إلى قرى بنجر السكر حتي وقتنا هذا مما يشكل لنا أزمة كبيرة في تصريف المخلفات القرى جميعها، مؤكدا أن الاهالى مازالوا يعتمدون علي "الترنشات" في تصريف مخلفاتهم مما يؤدي إلي الطفح المستمر للمياه الملوثة التي تنتشر في شوارع القري وتتسبب في انتشار الحشرات والذباب والقوارض التي تهدد المواطنين بالإصابة بالامراض الخطيرة. أما شوارع القرى فحالها ينبئ بمآسيها، ففي قرى مثل الجزائر والعراق والبصرة وفلسطين ، تحولت الشوارع إلى حفر ومطبات وأصبحت غير ممهدة بالإضافة إلى أبيار الصرف الصحي التي تملأ الشوارع وتغرقها بالمياه التي تغوص بها وتحاصرها أكوام القمامة التي تفوح بروائح كريهة تسبب الأمراض بسبب تجاهل المقاولين المسئولين عن تحسين مشروعات المياه والصرف الصحي وعدم اهتمام مسئولي الحي والمحافظة بتلك القرى التي شهد عليها التاريخ". وأوضح عوض حسنين احد مزارعي بنجر السكر " نحن مهددون ببوار أراضينا بسبب نقص حصة المياه التي تصرف لأراضينا مما يهددها بالعطش والبوار لنتشرد نحن وأولادنا".
ويعتقد السكان أنهم فعلوا ما عليهم عندما صرخوا بصوت عال ، لكن أحدا لم يستجب لهم . وأكد حسنين " أرسلنا نحن مزارعو بنجر السكر استغاثات إلى الدكتور طارق القيعي رئيس محلي المحافظة المنحل السابق ، نشكو من نقص مياه الري في ترعتي بهيج الهواري وبرج العرب وبوار أكثر من 350 ألف فدان مزروعة بقري بنجر السكر وعلي الفور أحال الدكتور القيعي مذكرة المزارعين إلي لجنة التنمية الزراعية ولكن تم حل المشكلة لفترة قصيرة ثم عادت من جديد". وأشار محمد علوي المدير المسئول بإدارة ري النوبارية، إلي أن الإدارة تسعى الآن لإيجاد حل لتلك المشكلة التي تهدد المزارعين ببوار محاصيلهم. وفى ذات السياق، يقول علوي إن الأهالي " أجروا عدة اتصالات هاتفية باللواء محمود رمضان رئيس حي العامرية ولكنه رفض الرد أو التعليق على الأمر".
ونفى جابر عبد المولى رئيس المجلس المحلى المنحل لحى العامرية ل " صدى البلد" أية مشاكل تواجه قرى العامرية أو ما أكده الاهالى من انعدام الخدمات ،مؤكدا أن المجلس "يبذل ما في جهده لتوفير الراحة للمواطنين"، مشيرا أن الواقع الذي يعيش فيه الناس "هو مجرد افتراءات من الاهالى". صدى البلد حمل تساؤلات الناس ومشاكلهم كما رآها إلى الدكتور أسامة الفولي، محافظ الإسكندرية، فكشف عما وصفها بخطة متكاملة لتوصيل المرافق إلى جميع القرى المحرومة . وأضاف المحافظ أنه تم رصف أكثر من 3500 شارع بعد الانتهاء من توصيل الغاز وإحلال وتجديد شبكات المياه والصرف الصحي. لكن الأهالى من ناحيتهم ما زالوا يؤكدون أنه لا صحة لما قاله المحافظ.