ألمحت صحيفة "السفير" اللبنانية إلى أن "اغتيال محمد شطح، الوزير اللبناني السابق ومستشار زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، قد يكون هدفه إفساد محاولة تسوية سياسية في لبنان يجرى إعدادها سرا بين قوى 14 آذار و8 آذار المتصارعتين"، كاشفة عن أن "شطح كان أبرز الناشطين الأساسيين على خط الحوار بين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس كتلة تيار المستقبل". ولفتت الصحيفة إلى أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة، قررا إحاطة الحوار الدائر بينهما بالكتمان في إطار تحصين نتائج هذا الحوار وتحقيق تراكم في نقاط الالتقاء المحققة، والتي لم تكن محصورة بينهما، بل تعدتهما إلى مكونات سياسية أخرى، وأنه تم - خلال هذه الحوارات - طرح صيغ عدة للحكومة المتعسر تشكيلها منذ أبريل الماضي، باعتبار أن الحكومة هى المدخل لمعالجة ملفات أخرى". وقالت إن "ميزة محمد شطح أنه كان يولد أفكارا متلاحقة يتنقل بين الرئاسة ومقر البطريريكة المارونية وكل مواقع قوى 14 آذار من دون أن يقفل خطوطه مع "قوى 8 آذار" بهدف الوصول إلى تفاهم مقبول يقي البلاد شر الفراغ القاتل". ونقلت "السفير" عن مصدر أنه "منذ نحو أسبوع تقدم الفريق الأبرز في "14 آذار" باقتراح عملي إلى نظيره في "8 آذار"، يشمل تشكيل حكومة أقطاب (تضم الزعماء السياسيين) مؤلفة من مكونات أعضاء هيئة الحوار الوطني التي تتضمن عمليا الثلث الضامن لقوى 8 آذار، مقابل تسهيل هذه القوى إتمام الاستحقاق الرئاسي تمديدا (وهو المفضل لدى تيار المستقبل لصعوبة التوافق على رئيس جديد) أو انتخابا، وإذا لم يتحقق ذلك، تدير حكومة الأقطاب الفراغ إلى حين الاتفاق على مقاربة شاملة للأزمة على قاعدة العودة إلى منطق السلة المتكاملة، باعتبار هذه الصيغة الحكومية هى أداة تنفيذية وهيئة حوارية في آن معا". وأوضح المصدر أن "هذه الجهود التي كانت تهدف للنأي بالملفات الداخلية عن صراعات المنطقة وتداعياتها السلبية الخطيرة على لبنان، أفسدتها جريمة اغتيال الوزير السابق محمد شطح التي لا تعد بعيدة عن الصراع الإقليمي الدولي، لتفسد محاولات إعادة بناء الثقة بين فريقي 8 و14 آذار التي كان يعمل عليها عقلاء في الفريقين، وكأن المطلوب إبقاء لبنان ساحة لتصفية الحسابات". ولفت إلى أن "شطح برغم خلاف تياره مع "حزب الله" كان مبادرا في إحدى المراحل، إلى فتح قناة حوار مع الحزب، كما أن شطح تميز عن آخرين في فريقه بقناعة بإبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع العماد ميشال عون، ولذلك يمكن القول إن الجريمة موجهة ضد المؤمنين بالاعتدال والحوار والتواصل". فيما ربطت صحيفة "المستقبل" اللبنانية بين الجريمة والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، معتبرة أن شطح هو شهيد المحكمة بامتياز بعد التهديد والوعيد ومحاولات الانقضاض عليها. ورأت أن الجريمة تهدف لقطع الطريق على تشكيل حكومة جديدة، وما يترافق مع تهديدات بإدخال لبنان في نفق الفوضى العارمة، والتلويح بتعميم الفراغ على المؤسسات الدستورية وإبقاء مركز رئاسة الجمهورية شاغرا. وقالت: "إقليميا، فإن الجريمة وقعت ضمن الحريق السوري الذي يصر نظام بشار الأسد على تصديره إلى لبنان ومنه إلى المنطقة ككل، بفعل عجزه عن استعادة أي بقعة جغرافية تحررها المعارضة السورية، والاستعاضة عنها بدك المناطق السكنية المأهولة بالمدنيين بالبراميل المتفجرة". وأوضحت أن "الجريمة وقعت في منطقة تعتبر إلى حد ما واقعة تحت المجهر الأمني، حيث توجد مئات كاميرات المراقبة المزروعة على أسطح وشرفات الفنادق والمؤسسات التجارية والمباني المحيطة بموقع الانفجار وتحت أعين الأجهزة الأمنية"، مشيرة إلى أن "الكثيرين يعرفون أن شطح كان يتنقل بحرية من دون مواكبة أمنية أو إجراءات وقائية، وربما كان يعتقد نفسه أنه خارج الاستهداف، وهو صيد سهل لمن يتربص به شرا، وهذا ما سهل على القتلة تنفيذ جريمتهم بهدوء وبدقة متناهية". وقالت إن "هناك ما يثير شكوكا من أن يكون تفجير بهذا الكم من المتفجرات وهذا النوع من الإتقان معد لاستهداف أكثر من شخصية، وربما كان المقصود تصفية شطح مع شخصيات أخرى كان الجناة يعتقدون أنهم سيمرون في موكب واحد، كما أن كمية المتفجرات لم تكن وجهة استعمالها تقتصر على الوزير شطح بمفرده، إنما كانت معدة لضرب موكب يتخذ إحتياطات أمنية كبرى وتسير فيه سيارات مصفحة، ليكون قادرا على تدميره". ونقلت الصحيفة الناطقة باسم تيار المستقبل شهادة السفير المصري في لبنان أشرف حمدي بحق الوزير الشهيد محمد شطح. وقال السفير المصري ل"المستقبل": "نفتقد الوزير شطح ممثل الاعتدال والحوار والصدقية، علاقاتنا به كانت وثيقة وهو منفتح على الحوار، وكانت له أفكار متقدمة جدا حول مدنية لبنان وتقوية مؤسساته". وأضاف أنه "كان شخصية عاقلة ومتزنة، ونتمنى نهاية هذه الأحداث في لبنان، والتي تذهب من دون عقاب، ولذا نتمنى إحقاق العدالة والتحقيق الموضوعي في الحادث ومحاكمة المسئولين عن الاغتيال بشكل سريع، لأن عدم العقاب يشجع على الاستمرار في هذا النهج للأسف الشديد". وأعرب عن تمنياته أن يسعى الجميع إلى تقوية مؤسسات الدولة وأمنها، وأن لا يترك موضوع الأمن للأمن الذاتي أو أمن الأطراف المختلفة.