أثارت التسريبات لتسجيلات تخص الفريق السيسي موجة من التساؤلات تنبيء بصراع مبكر على السلطة ليس من تيارات الإسلامية أو القوى الثورية بل بدا لي أن هناك صراعا من داخل المؤسسة القديمة الراسخة المعروفة إعلاميا بالدولة العميقة فالملاحظ للتسجيلات بدا بعضها قديما يعود إلى ما قبل 30 يونيو وكأن جهة ما تتبع الفريق وتسجل له ما قد تحتاجه لتشويش الصورة الذهنية المطبوعة عنه لدى المصريين. تأتي هذه التسريبات لترسل بعدة رسائل للجماهير أولها سلبي يؤشر أن الفريق يعيش وسط جبهة مخترقة تصل يدها إليه حتى في اجتماعاته الخاصة وكأن القائمين على هذه الجبهة يريدون توصيل رسالة إليه مفادها أنك لست بعيدا عن يدنا فاليوم تسريب صوتي وقد يكون اغتيالا غدا . رسالة أخرى سلبية تؤشر إلى أن بعض أجزاء الدولة العميقة لا تريد السيسي رئيسا وتريد ألا يتخطى دوره تمهيد الأرض بإزاحة الإخوان وتحجيمهم وإرغامهم على الجلوس على طاولة المفاوضات ضمن صفقة مستقبلية تحدد إلى أي مدى يمكن أن تكون مشاركتهم في الحياة السياسية. وهنا يبرز دور للفريق أحمد شفيق الذي على الرغم من علمه بشعبية الفريق السيسي في الشارع المصري والتي تكفل له الفوز السهل والمؤكد في الانتخابات الرئاسية المقبلة إلا أنه خرج على الإعلام بتصريح يؤكد فيه أنه سيترشح إذا لم يقرر الفريق السيسي خوض الانتخابات وهى رسالة تؤكد رغبته في الترشح مما يعزز المخاوف من انقسام داخل الدولة العميقة التي تبدو منقسمة حول الفريقين شفيق والسيسي أن الفريق شفيق هو الأقرب تفاهما مع الإدارة الأمريكية التي مازالت تبحث عن موضع قدم للإخوان بالضغط على حكومة المرحلة الانتقالية بقطع المعونة عن الجيش وكأن الفريق السيسي هو المعرقل لحل وسط يمكن أن يكون الفريق شفيق أقرب إليه يسمح باستمرار الجماعة في مستقبل مصر السياسي وهنا لاننسى أن الفريق شفيق أعلن إبان ترشحه للرئاسة قبوله بدور ما للجماعة في حكومته إذا أعلن رئيسا لمصر . فهل هناك صراع داخل الدولة العميقة فبعض أجهزتها يميل لعودة الفريق شفيق مرشحا رئاسيا توافقيا ترضاه جماعات الإسلام السياسي ومن بينها جماعة الإخوان وهو ما تقبله أيضا وتدعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبين جبهة أخرى يمثلها الفريق السيسي ترغب فى إنهاء ميراث مبارك داخل الدولة بنفس قدر رغبتها في إنهاء الوجود السياسي لجماعة الإخوان . أعتقد هذا وما يؤكده حديث الفريق السيسي عن ضرورة السيطرة على الآلة الإعلامية ووجود أذرع للجيش بداخلها وهو الذي يؤكد أن أجهزة إعلامية موجودة على الأرض تعمل من أجل الجبهة الأخرى التي تميل إلى الفريق شفيق رئيسا تعمل على تقليل شعبية الفريق السيسي وتصعب من احتمالية ترشحه للرئاسة بإذاعة مثل هذه التسريبات ومهاجمة الحكومة الانتقالية والتركيز على الظواهر السلبية في الشارع كانفلات الأسعار وانتشار البلطجية في محاولة لتحجيم شعبية الفريق السيسي الذي يراد به أن يكون مع مرور الأيام عبئا على الدولة وتحسن أوضاعها ليبدو أن الحل الوحيد لتهدئة الأوضاع في مصر إقليميا ومحليا خروج السيسي من المشهد السياسي نهائيا على أن يكون الفريق شفيق هو الحل التوافقي بالاتفاق مع أمريكا والإخوان وأن تعد خطة متفق عليها لمسار الانتخابات الرئاسية المقبلة لتصوت الجماعة وأنصارها للفريق شفيق رئيسا ليمنحها الفريق مشاركة ما في حكومته المستقبلية. إن الفريق السيسي على خطر عظيم ويبدو أنه يحارب على جبهتين أخطرها الداخلية التي ترفض بعض المصالح فيها أي محاولة للتغيير بل ترغب في إعادة خريطة حكم مبارك دون وجوده ..وأنه لن يسمح للسيسي بالذهاب إلى أبعد من إنهاء الإخوان على الأرض ويكمن نجاح السيسي في مهمته في قدرته على الصمود بحلمه الناصري القائم على الاستقلال الوطني ووحدة العرب أمام تحالفات قديمة ترغب في العودة بمصر إلى أوضاع ما قبل 25 يناير سياسيا واجتماعيا. لاأدعي أن حربا خفية قائمة بين الفريق السيسي والفريق شفيق على مقعد الرئاسة ولا أملك دليلا على ذلك بل ما ذهبت إليه ما هو إلا محاولة لفهم كيف يمكن أن تتسرب تسيجلات لقائد الجيش الذي كان مديرا للمخابرات الحربية إلا من خلال أجهزة داخل الدولة يفترض أنها تتحرك بأمان داخل الدائرة المغلقة للفريق السيسي ..حفظ الله مصر من كل سوء.