في عام 1899 صدر فيلم "مقبرة كليوباترا"، وكان فيلمًا قصيرًا صامتًا من إخراج وبطولة جورج ميلييه، ويعد الفيلم من أقدم أفلام الرعب التي تم إنتاجها على الإطلاق، والذي يقوم فيه ميلييه في دور أحد لصوص المقابر والذي ينبش مقبرة الملكة المصرية كليوباترا والتي تجسدت في الفيلم كشبح وقامت بدورها الممثلة الفرنسية جيهان دي ألسي وهو اسمها الفني أما اسمها الحقيقي فهو شارلوت لوسي ماري أديل ستيفاني أدريان فايس ولدت في 20 مارس 1865 وتوفيت في 14 أكتوبر 1956. تعد دي ألسي أول ممثلة سينمائية تلعب دور كليوباترا (على الرغم من أنها كانت شبح)، وكانت تتميز ببشرة بيضاء وعيون واسعة ملونة، ونسخة "مقبرة كليوباترا" مفقودة، ولكن ورد أن شركة "لوبستر فيلم كومباني" في فرنسا قد اكتشفت نسخة مطبوعة، ولكن اتضح أنها كانت فيلمًا مختلفًا تم الخلط بينه وبين "مقبرة كليوباترا". وفي العام 1934، صدر فيلم "كليوباترا"، وهو فيلم ملحمي أمريكي من إخراج سيسيل بي ديميل، كتب السيناريو فينسينت لورانس ووالديمار يونج ووزعته شركة باراماونت بيكتشرز، وكان الفيلم أقصر من الأفلام التاريخية الأخرى المعتادة ورغم ذلك فاز بجائزة أوسكار للتصوير السينمائي. لعبت الممثلة الامريكية الجميلة كلوديت كولبير دور الملكة المصرية كليوباترا، ولعب هنري ويلكوكسون دور مارك أنتوني، وجسد وارن ويليام شخصية يوليوس قيصر، وركز الفيلم على الحياة العاطفية لكليوباترا، والتي تبدأ بعلاقتها مع يوليوس قيصر ولاحقًا مع مارك أنتوني، كان أداء كولبير مذهلاً حيث كانت في ذروة حياتها المهنية عندما لعبت دور كليوباترا، وفي نفس العام، حصلت على جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في فيلم "حدث ذات ليلة" والذي كان يقوم ببطولته أمامها كلارك جيبل. بعد نجاها الكبير في فيلم "ذهب مع الريح" وفوزها بجائزة أوسكار لأفضل ممثلة عن دورها فيه في عام 1939، قامت الممثلة البريطانية الساحرة فيفيان لي ببطولة فيلم "قيصر وكليوباترا" عام 1945 وهو فيلم بريطاني من إخراج جابرييل باسكال وهو مقتبس من مسرحية قيصر وكليوباترا لجورج برنارد شو. ودارات أحداث الفيلم حول الحب والسياسة في مصر القديمة وروما، وكان أغلى فيلم بريطاني تم إنتاجه في ذلك الوقت، لكنه فشل في استعادة ميزانيته الهائلة عند عرضه، لكن هذا لا يعني أنه لم يؤد بشكل جيد، إلا أن هذا يحدث في عالم السينما. بجمالها الإيطالي وعيونها الملونة وبشرتها الحنطية، قامت النجمة صوفيا لورين بتجسيد شخصية الملكة المصرية كليوباترا وشخصية خادمة تشبهها في فيلم "ليلتان مع كليوباترا" عام 1954، وكان فيلمًا كوميديًا أخرجه ماريو ماتولي وكتبه روجيرو ماكاري وإيتوري سكولا، ويصور الفيلم كليوباترا وفقًا لأسطورة أنها استخدمت جمالها لإغواء وسحر الرومان الأقوياء. وجسدت النجمة البريطانية إليزابيث تايلور والتي كانت تلقب بقطة هوليوود، شخصية الملكة المصرية كليوباترا في الفيلم الأيقوني "كليوباترا" الذي عرض عام 1963، ويعد الفيلم الأشهر على الإطلاق الذي تناول حياة كليوباترا، وأخرجه جوزيف إل مانكيفيتش، ولعب ريكس هاريسون دور يوليوس قيصر، وريتشارد بيرتون دور مارك أنتوني. الفيلم حصل على تسعة ترشيحات لجوائز الأوسكار وفاز بأربعة، وكان يدور حول كليوباترا، ملكة مصر الشابة، وهي تكافح لمقاومة الطموحات الإمبراطورية لروما، لعبت تايلور الدور بشكل جيد للغاية، وقد أسرت علاقتها الرومانسية مع مارك أنتوني الجماهير. هناك الكثير من الأفلام التي تناولت حياة الملكة المصرية كلبواترا، وهناك أفلام أخرى كثيرة يدرس صناع السينما في هوليوود انتاجها حول الملكة، فمثلا كان قد أعلن كاتب السيناريو الأمريكى ديفيد سكاربا، والمخرج العالمى دينيس فيلنوف في أواخر عام 2018 تقديم معالجة جديدة عن كليوباترا، تحت عنوان " قذر.. دموى.. وكثير من الجنس"، والذي انتشرت شائعات كثيرة حول ترشيح النجمة الأمريكية انجلينا جولي لتجسيد دور كليوباترا فيه. وما أريد توضيحه هو أنه في كل مرة عُرض فيلم عن كليوباترا، ثار النقاد والجماهير في جميع أنحاء العالم، وعارضوا اختيارات النجمات لدور كليوباترا برغم جمالهن الذي لا يقبل التشكيك من فيفيان لي وصوفيا لورين وإليزابيث تايلور وغيرهن، وذلك لأن صناع السينما الأمريكية كانوا دائما ما يخفقون في اختيار ممثلة لها ملامح وبشرة قريبة من المصريين، ولا تزال سلسلة الإخفاقات مستمرة مع صدور الإعلان الترويجي لفيلم نيتفلكس الوثائقي المثير للجدل Queen Cleopatra، المقرر بثه في 10 مايو المقبل، حيث تجسد شخصية الملكة المصرية الممثلة البريطانية أديل جيمس، صاحبة البشرة السمراء. الأمر هنا ليس كما يقول البعض نوع من العنصرية ومعارضة أن تجسد دور كليوباترا ممثلة سمراء، فقد تم انتقاد جميع الأفلام التي تناولت قصة الملكة المصرية حتى لو قامت بدورها قطة هوليوود البيضاء ذات العيون البنفسجية النادرة، لكن الغضب نابع من عدم الدقة التاريخية الفادحة وتزييف الحقائق والتاريخ أيا كان من يقف وراء ذلك سواء داعمي حركة "الأفروسنتريك" أو داعمي "تبييض بشرة ملوك وملكات مصر". "كليوباترا" التي ولدت في الإسكندرية بمصر في عهد الأسرة البطلمية، لم تكن سمراء، ولا بيضاء، هي ملكة مصرية نشأت وتربت وترعرعت على أرض مصر وأخذت ملامحها من مناخها وطبيعتها الاستثنائية، فمصر هي مصر فقط.
