قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إن أعلى الحمد والشكر هو لله رب العالمين، تعرفه وتعمل به ثم تديم العمل عليه حتى يصير لك معيشةً ومنهجًا، فتعيش في الحمد ويعيش الحمد فيك ، يقول تعالى : ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ أُمرنا بالشكر لله رب العالمين، وحتى يحوله إلى عمل، قال: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ . وحتى يصير لنا عادة قال في ركن الصلاة وهى فاتحة الكتاب : ﴿الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ففرضها علينا، وفرض علينا تكرارها، فلابد علينا ونحن نقوم بذروة سنام الإسلام وهي الصلاة أن نذكر مرارًا وتكرارًا كل يوم: ﴿الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فنديم العمل. هل نعذب على الذنوب ولو كثرت حسناتنا ؟ علي جمعة يرد 4 آيات تخلصك من الكوابيس المزعجة قبل النوم.. علي جمعة يكشف عنها ما هي أعلى مراتب الحمد؟ وأضاف جمعة عبر الفيسبوك : كل ذلك في ظاهر القول؛ وَلَكِنَّ الذي يجب أن تنقل نفسك إليه أن يكون الحمد منهجًا تعيشه ويعيشك، فتظل في كل حركاتك وسكناتك في دائرة الحمد لله رب العالمين ، وهنا أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحمد الله سبحانه وتعالى على كل حال ؛ في السراء شكرًا له واعترافًا بفضله وَمَنِّهِ ونعمته علينا ، وفي الضراء، كان يقول: «الحمد لله على كل حال». وعن أبي موسى الأشعري؛ فيما أخرجه الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا بِمَا هو كائن في الغيب، فقال: «إن الملائكة إذا قبضت ولد أحدكم، ناداها الله سبحانه وتعالى، فقال: أقبضتم روح ولدِ عبدي؟ فيقولون: نعم، يا ربنا، فيقول جل جلاله: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: قال: الحمد لله». -لم يتبرم بقضاء الله، والمصيبة جلل، فَقَدَ ابنه، والولد نعمة من النعم الكبيرة، فطر الله قلب الأم وقلب الأب على حب الولد ، ولذلك يدافعان عنه بلا هوادة بل وبلا عقل حتى لو كان ظالمًا ينظرون إليه فيحبونه، فقدوه- يقول ربنا جل في علاه: «ابنوا لعبدي بيتًا، وسموه: بيت الحمد».
وتابع: يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لم يشكر للناس، لا يشكر الله». فإذا قدم أحدهم إليك معروفًا، فينبغي عليك أن تقول له: جزاك الله خيرًا، شكرًا. فإذا لم تفعل، وقلت: الحمد لله، ولم تشكر مَنْ أجرى الله الفضل على يديه، فإن الله لا يقبل منك هذا الحمد. ما هذا؟ الأمر تعدى مرحلة الاعتقاد والفعل والدوام عليه، إلى مرحلة المعيشة فيه وأن يعيش فينا ، حتى إن الله سبحانه وتعالى يربط شكر الناس بشكره: «مَنْ لم يشكر للناس، لا يشكر الله». ويقول سبحانه وتعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾ فجعل هذا الدين الذي هو منهج الحياة موجبًا للشكر. وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يحب من أحدكم إذا أكل أكلة: أن يحمد الله، وإذا شرب شربة: أن يحمد الله». ما هذا الجمال؟ إنه المعيشة، إنه الدخول في تفاصيل حركات الحياة وربطها برب العالمين. إذا وصل المؤمن إلى درجة أن يعيش في الحمد، وأن يعيش الحمد فيه هل سيكون غافلًا عن ذكر الله؟ هل سيفعل المنكرات ؟ أم سيخاف رب العالمين، فيعبده عن يقين، ويعمر الأرض ويصلحها، ويزكي نفسه . "الحمد" معرفةٌ، فعملٌ، فدوامٌ، فمعيشة.. واختتم الدكتور علي جمعة: عندما فَقَدَ الناسُ هذه المعاني لم يحسنوا عملها، وبالتالي لم يدوموا عليها؛ ولذلك لم يعيشوا فيها، ورأينا ما رأينا من تفككٍ في المجتمع، ومن أن أحدهم يهرف بِمَا لا يعرف، وانعكست الأحوال، وابتعدنا عن منهج الله؛ بل صور بعضهم منهج الله على غير ما هو له، فكان حجابًا بين الخلق والخالق، وَصَدَّ عن سبيل الله بغير علم؛ لأنه لا يعرف، وكل ذلك يقتضي غضب الله، ولا يقتضي رضا الله.