بينما يتركز اهتمام العالم حول الأزمة المتصاعدة بين روسياوأوكرانيا، بدأت أزمة تايوان مع الصين في البروز على السطح من جديد. وحسب تقرير شبكة "سي إن إن"، فبالنظر إلى سطح المسألة، قد تكون هناك أوجه تشابه بين الأزمتين: فتايوانوأوكرانيا ديمقراطيتان صديقتان للغرب يمكن أن ينقلب وضعها الراهن من قبل الأنظمة الاستبدادية القوية في الصينوروسيا، بحسب وصف الشبكة. وفي حالة تايوان، يسعى الحزب الشيوعي الصيني إلى "إعادة التوحيد" في نهاية المطاف مع الجزيرة التي يدعي أنها إقليمه على الرغم من أنه لم يحكمها قط - لم يستبعد القيام بذلك بالقوة. وبالنسبة لأوكرانيا، فإن هذا التهديد يتكشف: فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتبر الروس والأوكرانيين "شعبا واحدا"، ومن غير الواضح بعد إلى أي مدى سيذهب لتحقيق هذا الادعاء - فقد أعلن يوم الاثنين عن منطقتين منفصلتين تدعمهما موسكو في أوكرانيا كجمهورية مستقلة. وقد أشار زعماء العالم أنفسهم ضمنا إلى وجود صلات بين مصير أوكرانياوتايوان في الأسابيع الأخيرة. وقال الرئيس التايواني تساي إنج وين إن تايوان يمكن أن "تتعاطف" مع وضع أوكرانيا نظرا لتجربتها مع "التهديدات العسكرية والترهيب من الصين". وفي الغرب، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم السبت إن "أصداء" ما يحدث في أوكرانيا "ستسمع في تايوان"، في حين قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في رحلة إلى أستراليا في وقت سابق من هذا الشهر بشكل غير مباشر إن "الآخرين يراقبون الرد الغربي على روسيا، حتى لو كان على بعد نصف عالم في أوروبا". وقد تزايدت المخاوف في السنوات الأخيرة من أن الصين الواثقة تحت قيادة الزعيم شي جين بينج قد تتخذ خطوة جريئة للسيطرة على تايوان، ومن المرجح أن تراقب بكين الوضع في أوكرانيا بعناية بحثا عن دلائل على كيفية استجابة القوى الغربية - ومدى شدة هذه الردود. وقد أعلنت الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الاوروبى وكندا وأستراليا واليابان فرض عقوبات اقتصادية لمعاقبة موسكو فى أعقاب تحركات بوتين فى وقت سابق من هذا الاسبوع. ولكن هناك حدود لأوجه التشابه، وإلى أي مدى يمكن لبكين أن تستفيد من الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا عندما يتعلق الأمر بأي إجراءات مستقبلية تجاه تايوان. وقال ليف ناكمان، وهو زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في مركز فيربانك للدراسات الصينية في جامعة هارفارد إن "كيفية استجابة الولاياتالمتحدةلأوكرانيا لن تكون هي نفسها التي ردت بها تايوان لأن الطريقة التي شيدت بها الولاياتالمتحدة علاقتها مع تايوان على مدى عقود تختلف عن مسؤولياتها تجاه أوكرانيا أو الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي". الصين: لا نعتقد إطلاقا أن العقوبات ضد روسيا هي أفضل حل لا تحل الأزمة.. الصين تعارض العقوبات الغربية على روسيا وقال ناخمان، الذي يركز على سياسة تايوان:"على الرغم من أن (بكين) ستظل تراقب عن كثب لنرى كيف يتفاعل العالم مع الغزو وإعادة رسم الحدود المحتملة، وهو ما من المرجح أن يدخل في حسابات بكين الجيوسياسية الخاصة، فمن غير المرجح أن تغير بكين استراتيجيتها تجاه تايوان بشكل كبير بشأن أوكرانيا". وعلى نحو مماثل، تراجع الخبراء عن الفكرة القائلة بأن تركيز الولاياتالمتحدة على أوروبا قد يوفر فرصة محتملة للصين لاتخاذ خطوة بشأن تايوان. ويبدو أن هذه المخاوف تتفاقم بسبب علاقات موسكو الوثيقة المتزايدة مع بكين. قال ستيف تسانج، مدير معهد SOAS الصين في جامعة لندن :" لا أعتقد أن الصينيين سيستخدمون القوة ضد تايوان هذا العام ... (شي) لا يريد حقا أن يخاطر"، مشيرا إلى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي، المقرر عقده في أكتوبر، والذي من المتوقع على نطاق واسع أن يضمن فيه شي فترة ولاية ثالثة تاريخية في السلطة. وأضاف تسانج:"إن المغامرة العسكرية غير الناجحة لن تفيد كثيرا فى فترة ولايته الثالثة، ومن المحتمل أن يؤدى الفشل إلى اخراجها عن مسارها". وقال ديفيد ساكس، وهو باحث في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، إن الصين هي المنافس الأكبر للولايات المتحدة على المدى الطويل والدولة الوحيدة التي يمكنها تحدي المصالح الأمريكية عبر المجالات وحول العالم. كما أن الديناميكية الفريدة بين الولاياتالمتحدةوالصين تعقد أي محاولة للمقارنة بين أوكرانياوتايوان. وأضاف:"إذا سيطرت الصين على تايوان، فإن هذا أكثر من أي شيء آخر سيساعدها على إقامة هيمنة إقليمية. ويدرك القادة الصينيون ان المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة مختلفة ومن المحتمل ان يكون ردها مختلفا تماما". الجمهوريات الشعبية تجد الصين نفسها فى وضع غير مريح عقب اعتراف روسيا يوم الاثنين بإقليمين منفصلين تدعمهما موسكو فى اوكرانيا كدولتين مستقلتين هما جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد وجمهورية لوجانسك الشعبية. وقد انتقدت الأممالمتحدة وقادة العالم الآخرون هذه الخطوة بشدة باعتبارها انتهاكا لسيادة أوكرانيا، حيث رد بوتين بأن الوضع 'مختلف' عما هو عليه الحال مع الدول السوفيتية السابقة الأخرى حيث كانت أوكرانيا 'تستخدم' من قبل دول أجنبية لتهديد روسيا. وكانت الصين متعاطفة مع المخاوف الروسية بشأن التهديد الأمني من حلف شمال الأطلسي (الناتو) - حيث شكل البلدان جبهة موحدة بشكل متزايد في مواجهة ما يعتبرانه تدخلا غربيا في شؤونهما الداخلية وتهديدات لأمنهما. وقد تعززت هذه الشراكة علنا قبل أسابيع فقط في قمة شي - بوتين. ولكن الصين استندت منذ فترة طويلة في سياستها الخارجية إلى الدفاع بقوة عن سيادة الدولة وإدانة ما تعتبره تدخلا خارجيا داخل حدودها. كما اتخذت بكين خطوات شاملة، بما في ذلك تلك التي استنكرها المجتمع الدولي باعتبارها انتهاكات كبرى لحقوق الإنسان، لمكافحة ما تعتبره تهديدات انفصالية - في هونج كونج أو شينجيانج أو التبت. نفت هوا تشون يينج مساعدة وزير الخارجية الصيني اليوم الأربعاء،أن تكون بكين اتخذت موقفا من أوكرانيا يتعارض مع مبدأها باحترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي. وقالت في مؤتمر صحفي دوري إن أي ادعاءات من هذا القبيل لها 'دافع خفي أو (كانت) تشوه الأمور عمدا'. وفي تعليقات في اليوم السابق، سارعت الوزارة إلى التمييز بين الوضع في أوكرانياوتايوان، عندما سئلت عما إذا كانت هناك أي أوجه تشابه. وأضافت:"أود أن أشدد على أنه لا توجد سوى صين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين. وهذه حقيقة تاريخية وقانونية لا جدال فيها. وقال المتحدث وانج ون بين أن مبدأ صين واحدة هو قاعدة معترف بها عالميا تحكم العلاقات الدولية"، مشيرة إلى مبدأ بكين بأنه لا توجد سوى صين واحدة على جانبى مضيق تايوان". يحكم البر الرئيسى الصينىوتايوان بشكل منفصل منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية قبل أكثر من 70 عاما عندما تراجع القوميون المهزومون الى الجزيرة. وحثت بكين حتى الآن على ضبط النفس ودعت إلى الحوار ردا على التطورات في أوكرانيا هذا الأسبوع. وقال ناكمان من جامعة هارفارد إن كيفية رد فعل الصين تجاه أوكرانيا ستكون عملية موازنة صعبة مع أجنداتها الخاصة وعلاقتها الحالية مع روسيا، ومن المحتمل أن يخطو قادتها بحذر. وقال إن "الصين تحاول قصارى جهدها لعدم اتخاذ موقف حازم لدعم روسيا بينما تضغط أيضا من أجل السلام والدبلوماسية (في أوكرانيا). وهذا يخبرنا بأن الصين لن تتطابق مع مستوى العدوان الروسي (في تايوان) - على الأقل في الوقت الحالي".