مقال بساط الريح 2/2ميدان التحرير شخصية عام2011 علي أرضه كانت أسوأ صور الاحتلال البريطاني قبل شهرة ميدان التحرير يوم 25 يناير التي جعلته أبرز شخصيات عام2011 كان إحدى علامات الميدان مجمع التحرير الذي يقصده يوميًا أكثر من أربعين ألفا من البشر من الذين يعملون فيه وأيضًا الذين يزورونه خاصة طابقيه الأول والثاني اللذين يضمان مصلحة الجوزات والهجرة. وقد أقيم مبني المجمع عام1949 وتولي تصميمه المهندس المصري كمال إسماعيل الذي أشرف علي أضخم توسعات للحرمين الشريفين قام بها الملك فهد رحمه الله. وقال لي المهندس كمال إسماعيل الذي تولي إدارة الأبنية الحكومية وكان من أشهر أعمالها دار القضاء العالي ومصلحة التليفونات ومصلحة الشهر العقاري في شارع 26 يوليو وكلها مبان عظيمة تتميز بالأعمدة الضخمة التي تجملها، إنه حرص علي تصميم مبني مجمع التحرير علي شكل شبه قوس مما أعطي المساحة الممتدة شكل الميدان. وقبل إقامة مبني مجمع المصالح الحكومية في التحرير كان للقوات البريطانية الموجودة في مصر بسبب الاحتلال البريطاني ثكنات تقيم فيها أعداد كبيرة من القوات البريطانية. وكانت هذه الثكنات تمتد في المساحة التي تبدأ من أمام مبني المتحف المصري العريق الذي أقيم عام1902 وأصبح من أشهر متاحف العام. في مقتنياته الأثرية المصرية والتي ضاقت به مما استدعي إقامة متحف جديد يجري حاليا بناؤه. والي جوار مبني المتحف كانت تمتد أرض ثكنات قصر النيل التي بعد جلاء الإنجليز عنها قسمت إلي أكثر من منطقة فاحتلتها مصلحة الأرصاد الجوية نحو عشر سنوات ثم أخليت ليقام مكانها فندق هيلتون الذي افتتح عام1958، والي جوار الهيلتون أقيم مقر جامعة الدول العربية الذي افتتح عام1956 بتكلفة مليون جنيه وكان مبلغا ضخما. سنوات الاحتلال والثكنات وقد لايعرف الكثيرون أنه كان للإنجليز وجود في أماكن كثيرة في القاهرةوالإسكندرية علي رأسها قلعة محمد علي، كانوا يقيمون بها حتي جلوا عنها يوم الرابع من يوليو عام1946 وكانت القلعة من أوائل الأماكن التي جلوا عنها، وفي نفس العام في أكتوبر وديسمبر قاموا بالجلاء عن مطار كان قاعدة جوية لهم في حلوان، وعن قاعدة عسكرية أخري في وادي النطرون. وفي خلال عام1947 أتم الإنجليز تنفيذ معاهدة1936، الجلاء عن قلعة رأس التين التي يتوسطها الفنار الكبير وثكنات مصطفي باشا برمل الإسكندرية، وقلعة كوم الدكة بالإسكندرية ومطار هليوبوليس بالقاهرة، وقشلاق باب الحديد ميدان رمسيس حاليا، حيث كانت لهم شبه قاعدة صغيرة قرب ميدان المحطة، كما جري الجلاء عن ثكنات الحليمة حيث استلهم الكاتب الكبير المرحوم أسامة أنور عكاشة مسلسله الرائع ليالي الحلمية. وفي27 مارس1947 شهدت القاهرة احتفالا بجلاء الإنجليز عن ثكنات العباسية وبعد أربعة أيام في يوم31 مارس جري احتفال حضره الملك فاروق رفع فيه العلم المصري علي السارية التي توسطت ساحة الثكنات الداخلية. وبجلاء الإنجليز عن ثكنات قصر النيل انحصر وجودهم في القواعد العسكرية التي أقاموها في منطقة قناة السويس وهي المنطقة التي حرصوا في معاهدة36 علي استمرار بقائهم فيها لضمان حماية المرور في قناة السويس حيث أهم طريق يربط اطراف الإمبراطورية البريطانية. وقد أدي هذا الوجود إلي انتفاضة المصريين التي اتبعها إلي إلغاء النحاس باشا معاهدة36 في أكتوبر1951، مما أدي إلي اشتعال المقاومة الوطنية ضد الإنجليز في معسكرات القناة وحصار الإنجليز لمبني محافظة الإسماعلية وثكنات بلوك النظام يوم25 يناير1952 ورفض الجنود المصريين الإنذار الموجه إليهم بالخروج مستسلمين وأصروا علي المقاومة مما أدي إلي سقوط50 شهيدا من جنود الشرطة. وفي اليوم التالي جاء رد الفعل في القاهرة مما أدي إلي حريق القاهرة يوم26 يناير. عمر مكرم والخارجية المصرية وقد كان مسجد عمر مكرم من أوائل المباني التي أقيمت بعد جلاء الإنجليز عن ثكنات قصر النيل, إذ جري بناؤه عام1948 وقام بتصميمه المهندس المعماري الإيطالي ماريو روسي. وهو من مواليد روما عام1897 وجاء الي مصر ضمن مجموعة من المهندسين الأوروبيين الذين استقدمهم الملك فؤاد للعمل في القصور الملكية وفي وزارة الأشغال التي كانت تتولي الإشراف علي المشروعات المعمارية في مصر. وقد أحب روسي القاهرة واعتنق الإسلام عن دراسة وإيمان,معززا ذلك بالاندماج الكامل في المجتمع المصري ودراسته العمارة الإسلامية حتي أصبح واحدا من أكبر الأسماء في فنها خلال النصف الأول من القرن الماضي. وقد اختير اسم عمر مكرم للمسجد نسبة الي السيد عمر مكرم وهو من مواليد أسيوط عام1750 وتعلم في الأزهر ولعب دورا وطنيا في مقاومة الفرنسيين خلال غزوة نابليون عام.1798 إلا أن اختيار الاسم للمسجد لم يكن بالتأكيد لمقاومة الفرنسيين وإنما لدور عمر مكرم في تولية محمد علي مؤسس الأسرة العلوية حكم مصر, فقد فضل محمد علي, علي نفسه وأيده مما جذب تأييد الشعب. لكن كما هي القاعدة فإنه بعد أن استقرت الأمور لمحمد علي خشي علي نفسه من نفوذ رجال الدين فنفي عمر مكرم الي دمياط عام1809 حيث أقام بها أربعة أعوام انتقل بعدها الي طنطا حيث أمضي بقية عمره حتي توفي عام1822 والي جوار مسجد عمر مكرم يوجد قصر الأميرة نعمت الله كمال الدين ابنة الخديو توفيق بن اسماعيل باشا وزوجة ابن السلطان حسين كامل شقيق الملك فؤاد. وهو واحد من أجمل وأندر المباني القديمة الباقية في هذه المنطقة. وقد تنازلت الأميرة نعمت الله عن قصرها هذا لوزارة الخارجية المصرية سنة1930 ليصبح مقرها الرسمي. وظلت وزارة الخارجية تحتل القصر الذي احتاج الي صيانة وتجديدات في الوقت الذي ضاق بوزارة الخارجية فتم نقل الوزارة في التسعينيات من القرن الماضي الي عمارة في شارع النيل الي أن يتم اكتمال بناء مبناها الجديد في ماسبيرو بكورنيش النيل بجواره مبني الإذاعة والتليفزيون. إلا أن الدكتور أسامة الباز الذي كان يعتز كثيرا بلقب وكيل أول وزارة الخارجية الي جانب مستشار رئيس الجمهورية. رفض التخلي عن مكتبه وظل وحده مقيما في القصر إلي أن انتهي دوره الرسمي.