المصالحة.. تلك الحالة السياسية التي تسعى إليها قطر منذ بداية أزمتها مع الرباعي العربي ( مصر – السعودية – الإمارات – البحرين ) بفد قرار جمعي من تلك الدول بقطع العلاقات السياسية مع قطر في يوليو 2017، اعتراضا على دعم الدوحة للمنظمات الإرهابية وتدخلاتها غير المسموحة في شؤون الدول. الأزمة في بادئها استعصت على الحل، رغم وساطة الكويت وسلطنة عمان، ربما لأسباب تعسفية من قطر التي انساقت وراء رغبات سياسية لا تتوافق مع دبلوماسيات الخليج وتعمدت المساس بالأمن القومي المصري من خلال ترويج أكاذيب إعلامية من خلال وسائل مارست تضليل الرأي العام في مصر دونما حسي أو رقيب.
الجهود العربية المبذولة للوساطة كانت تحمل حلولا جذرية لإعادة المياة إلى مجاريها، لكن تعقيدات كثيرة وحجرات عثرة وضعتها الدوحة في طريق الحل وتمسكت برفض الاشتراطات المنطقية لإتمام المصالحة، وهو الأمر الذي أحبط تلك المحاولات قبل تفاقم الأزمة.
معطيات جديدة
لكن معطيات اليوم تفرض واقعا جديدا، وتفتح من الوساطة الخليجية الأمريكية نافذة متسعة لتقارب وجهات النظر ورأب الصدع الخليجي، بما يتوافق مع ثبات المواقف المصري والتمسك ب الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي، وكذلك الامن القومي لمصر كجزء لا يتجزأ عن الأمن العربي.
الوساطة هذه المرة تبدو أكثر أهمية وجدية، خاصة مع تبني المملكة العربية السعودية للمفاوضات مع قطر بوساطة أمريكية كويتية عُمانية، ومباركتها لتلك الجهود من خلال منشورات رسمية على لسان مسئوليها.
البداية كانت من وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر ال محمد الصباح، الذي أعلن في بيان رسمي، أن السعودية وقطر على استعداد لإنهاء خلافاتهما، بل إنه أكد أن "محادثات مثمرة" جرت مؤخرا بين الطرفين حول المصالحة الخليجية.
وبدورها رحبت سلطنة عمان في بيان رسمي ب بجهود المصالحة الخليجية، وقالت إنها تعكس حرص كافة الأطراف على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق التضامن الدائم بين جميع الدول وبما فيه الخير والنماء والازدهار لجميع شعوب المنطقة"، وذلك فقا لبيان نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية.
وتعقيبا على الأمر، بادر وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، بالإشادة بجهود الكويت لتقريب وجهات النظر، من خلال تغريدة على تويتر، أما قطر فجاء ردها من خلال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن، الذي نشر تغريدة يرحب فيها بوساطة الكويت والولايات المتحدةالأمريكية.
تعليق مصر.. وشرط الجدية والحل الشامل
اليوم.. كانت مصر محل الأنظار بعدما علقت للمرة الأولى على جهود المصالحة بوساطة كويتية، بعد صمت ل 3 أيام كانت كافية لاستقراء الحالة، والرد الأمثل بما يضمن تحقيق المصلحة دون خلل.
مصر قالت إنها تأمل في هذا الصدد أن تسفر هذه المساعي المشكورة عن حل شامل يعالج كافة أسباب هذه الأزمة ويضمن الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه.
وأعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ عن تقدير مصر لاستمرار الجهود المبذولة من جانب أمير الكويت ودولة الكويت الشقيقة لرأب الصدع العربي وتسوية الأزمة الناشبة منذ عدة سنوات بين قطر ودول الرباعي العربي، وذلك في إطار الدور المعهود للكويت وحرصها الدائم على الاستقرار في المنطقة العربية.
بيان القاهرة أضااف: تؤكد مصر في هذا المقام بأنه انطلاقًا من مسئولياتها ووضعها، فإنها تضع دائما في الصدارة الحفاظ على التضامن والاستقرار والأمن العربي.
ويبدو جليا من التعليق المصري على الوساطة، أن مصر تقبل المصالحة شريطة الحل الذي يعالج كافة أسباب الأزمة ويلتزم بالجدية والتنفيذ، وهو ما يفسر الموقف الثابت لمصر من البداية.
وعلى أثر الرد المصري، علق وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بأن بلاده تثمن جهود الكويت والمساعي الأميركية نحو تعزيز التضامن في الخليج العربي.
وقال قرقاش على حسابه الرسمي في "تويتر": "الإمارات تدعم المساعي السعودية الخيّرة بالنيابة عن الدول الأربع" وقال إن الإمارات تؤكد أن علاقات مجلس التعاون مع مصر ركن أساسي في المحافظة على الأمن العربي واستقرار المنطقة.
وبينما تستمر جهود الوساطة، يبدو أن الأيام القادمة ستحمل تفاصيل جديدة ربما تنهي حالة الخلاف القائم، لكن الأمر يتوقف عند الالتزام القطري والجدية في ايجاد حل شامل للقضية.