تحتاج إلي القانون عندما تزبل الفضيلة, وتحتاج الي القوة عندما يزبل القانون, والحاكم الحق هو من يسوس بلا حاجة الي القوة, الحكيم الصيني لاو تسو أغلب الظن أن الإخوان علي استعداد دائم للمناورة السياسية ولديهم رصيد ضخم في المعارضة وفنون البقاء, ومغازلة السلطة, والانقلاب عليها. والأهم أنها عاشت لسنوات طويلة تلعب دور الضحية, فقد كانت محظورة وملاحقة إلا أن السؤال الآن: هل الجماعة جاهزة للحكم ؟!. والحقيقة المجردة تقول ليس لديهم خبرة سابقة ولكن قبل أن نصل الي الخبرة, هل لديهم الرغبة في الانفراد بالحكم ؟! .. وهنا تربكنا جماعة الاخوان, فعادة ماتبدأ بحديث وينتهي بها المطاف بفعل مغاير. فقد تحدثت عن مشاركة لا مغالبة.. وانتهي بها الأمر بالسعي الي المغالبة في الانتخابات, و المغالبة في اللجنة التأسيسية, والآن يقولون إنه ليس لديهم الرغبة ولا القدرة علي حكم مصر بمفردهم. لماذا ؟. وجوابهم لأن الظروف الدولية لا تسمح. ولأن مشكلات مصر أكبر من أي فصيل آخر. وأغلب الظن أن هذه مناورة اخوانية بامتياز, والأرجح أنهم سوف يتقدمون الي الحكم, ولن يتركوا للمشتاقين للحكم إلاالفتات, إنها نفس سلوكيات الحزب الوطني المنحل. وأكاد أقول إنها خمر السلطة, والتي ما إن يتجرع المرء منها جرعة واحدة حتي يفقد توازنه, والأيام حبلي, وليس أحمد عز الوطني منا ببعيد!. والذين تساورهم الشكوك عليهم الرجوع الي اللغة الاستعلائية, والاتهامات العنيفة التي وجهها منافسو حزب الحرية والعدالة مثل عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط, والمرارة التي تحدث بها حزب النور عن تجربتهم مع الحزب الاخواني والتنسيق معهم, أو حديث جورج اسحاق في بورسعيد, بل وحتي عمرو الشوبكي في التجربة التي عرضها عن المنافسة مع أحد مرشحي الحرية والعدالة في الدقي وامبابة! ويبقي أن ماسبق مجرد شواهد علي لعبة السلطة, وسبل الوصول إليها. ومن يتصور أن هناك من يعرض وجبة ساخنة من كعكة الحكم بلا ثمن إما جاهل أو غافل, أو فاقد الأهلية كلية ليشارك في اللعبة السياسية. ونصل الي مسألة الخبرة, وبداية يمكن للإخوان الارتياح قليلا لأن ثمار الوطني في حكم مصر لم تكن لتقلق أحدا يجيء الي الحكم بعده, بل إن أي مجهود ولو ضئيل سيأتي بنتائج جيدة علي الأرض إلا أن إرث مبارك المثقل بالمظالم وبمشكلات معقدة وبإخفاقات أشد تعقيدا لن تترك مجالا للنوايا الحسنة ناهيك عن المناورات, والأهم أن التوقعات المبالغ فيها التي ساهم فيها الاخوان وخصومهم لدي الشعب لن تترك للحرية والعدالة وقتا كافيا ليتعلم فنون الحكم أثناء الحكم ذاته؟!. وأخطر شيء هو ألا يأتي السمن والعسل من أول يوم لحكم الإخوان, أليس ذلك هو الحكم الرشيد الذي بشروا الناس به. أغلب الظن أن الإخوان سيكونون ضحية أنفسهم هذه المرة, فهم الذين أثاروا مارد الأمل وعليهم أن يواجهوه! نقلا عن الاهرام