الدولار يرتفع بعد بيانات حول معنويات المستهلكين الأمريكيين    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    وزيرة التعاون الدولي: الحكومة تتبنى إجراءات وتدابير محفزة للشركات الناشئة    العمالة المصرية على موعد للعمل في اليونان.. اعرف التفاصيل    أول تعليق من مصر على التصويت بالأمم المتحدة على أحقية فلسطين في العضوية الكاملة    ليلة دامية.. آخر التطورات الميدانية والعسكرية في رفح الفلسطينية    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    عضو التحالف الوطني: قافلة من 106 شاحنات تنتظر دخول معبر رفح (فيديو)    الدوري المصري، فاركو يقلب الطاولة ويتقدم 21 أمام الجونة في الشوط الأول    بطولة العالم للإسكواش 2024.. يحيى النواسانى يتأهل للدور الثانى    الأرصاد تحذر من نشاط الرياح والأتربة وأمطار خفيفة على هذه المناطق    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 بصيغة pdf وخطوات الحصول على أرقام الجلوس    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    رئيس جمهورية اليونان تزور مكتبة الإسكندرية (صور)    محمد رمضان يشارك بمهرجان موازين الموسيقي في المغرب    القومي لحقوق الإنسان يشارك في إطلاق دورة مهرجان إيزيس لمسرح المرأة    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    خريطة قوافل حياة كريمة الطبية حتى 16 مايو.. الكشف والعلاج مجانا    حسام موافي يحذر من وجود دم في البراز : مرض خطير    12 عرضا تدل على الإصابة بأمراض الكلى    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نقيب المهندسين: نستهدف تعزيز التعاون مع صندوق الإسكان الاجتماعي    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    أبرزهم رضا سليم وإبراهيم دياز.. نجوم المغرب يُزينون 6 نهائيات قارية حول العالم    أشرف صبحي يلتقي فرج عامر وأعضاء سموحة لتعزيز الاستقرار داخل النادي    بالصور.. تشييع جثمان والدة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    اعرف قبل الحج.. حكم تغيير نية الإحرام من التمتع إلى القِرَان بعد دخول مكة    خطيب الجامع الأزهر: الحضارة الإسلامية حوربت من خلال تشكيك المسلمين في تراثهم العريق    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    نادال: ريال مدريد لم يهزم بايرن ميونخ بالحظ    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    أوكرانيا: روسيا تشن هجوما بريا على خاركيف وإخلاء بلدات في المنطقة    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    بدء جلسات اجتماع اللجنة الدائمة للقاء بطاركة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في الشرق الأوسط    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    زي الفل.. أحمد السقا يطمئن الجمهور على صحة الزعيم    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمية.. أخطر أمراض المصريين
نشر في صدى البلد يوم 22 - 03 - 2013

أظهرت الثورة المصرية أجمل وأعظم الأشياء فينا طوال أسبوعين فقط.. وبعدها انقلب السحر على الساحر وتكشفت أمامنا أمراض كثيرة كان أخطرها ما حدث للعقل المصري في السنوات العجاف بحيث وجدنا أنفسنا الآن نعاني قصورا رهيبا في القدرات والإمكانات أمام مجتمع لم يعد قادرا أن يرى تحت قدميه.
كنا دائما ننبه إلى خطورة المحاولات التي استهدفت عقل مصر ابتداء بنظم تعليمية متخلفة وثقافة سطحت كل شيء وإعلام شوه الشخصية المصرية في كل ثوابتها ودخل بها متاهات واسعة من عشوائية الفكر وفقر الرؤى.
وفي تقديري أن العامين الأخيرين ومنذ قيام الثورة كشفت لنا أخطر الأمراض المستعصية التي تعاني منها مصر وهى الأمية.. سنوات طويلة ونحن نتناول هذه الظاهرة التي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان في هذا العصر، خاصة أن دولا كثيرة احتفلت بوفاة آخر إنسان أمي فيها منذ عشرات السنين.
والغريب أن الأمية الأزمة والقضية كشفت عن أمراض أخرى في المجتمع المصري تبدأ بالسلوك والفوضى وتنتهي عند واقع سياسي متخلف يرفض حتى الآن أن يتعامل مع العصر بقدراته وأساليبه، وقد ألقى ذلك أعباء كثيرة على الواقع السياسي المصري، خاصة حين نتحدث عن قضايا الديمقراطية والحريات والعدالة الاجتماعية.. وهنا ظهرت أمامنا أشباح الأمية تنكر كل هذه الرؤى وترفض كل هذه الأشياء.. ولهذا لم يكن غريبا أن يقف أحد المسئولين الكبار يوما ويقول إن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية ولعله كان يشير بطريقة أو أخرى إلى قضية الأمية حيث الجهل وسوء الاختيار.
وقي تقديري وبعد كل ما حدث في الشارع المصري من تجاوزات وما شهده من أخطاء، خاصة مواكب الفوضى التي غيرت تماما صورة المصريين أمام العالم، كل هذا يعود إلى نقطة البداية وهى أن بيننا ما يقرب من 30 مليون مصري لا يقرأون ولا يكتبون.. هذه أكبر جريمة ارتكبتها كل النظم السابقة في حق الإنسان المصري حينما تركته سابحا في متاهات الجهل حتى لا يعرف لنفسه حقوقا أو رأيا أو قضية.. وقد ترتبت أشياء خطيرة على الأمية في مصر ابتداء بطريقة التفكير والسلبية واللامبالاة وانتهاء بالخزعبلات الفكرية والدينية التي اجتاحت عقول نصف المجتمع المصري ووصلت به إلى حالة من الانهيار الفكري لم تشهدها مصر إلا في عصور التراجع والانحطاط.
لقد طفت على السطح بضراوة أزمة العقل المصري بعد الثورة وكان في مقدمة هذه الظاهرة الأمية، حيث تناثرت الأرقام هنا وهناك عن عدد الأميين في مصر وهى من أعلى نسب الأمية في العالم.. هذا يذكرنا بمحاولات كثيرة لمواجهة هذا المرض الخطير بدأت حين جاء نص صريح ملزم في دستور1923 بأن تقضي الحكومة على الأمية في فترة زمنية محددة وللأسف الشديد فإن الدستور لم ينفذ بل إن مواكب الأمية زادت اتساعا في كل أرجاء المحروسة.. وفي دستورنا الأخير نص جديد يلزم الحكومة بالقضاء على الأمية في عشر سنوات.
ولاشك أن الآثار المترتبة على ظاهرة الأمية في مصر أكبر من مجرد تعليم القراءة والكتابة لأنها تحرم المجتمع من جزء كبير من قدراته العقلية والفكرية والعملية وتضيف له أعباء كثيرة في تخلف الفكر وتراجع السلوك.. نحن أمام أمراض كثيرة هى من توابع الأمية من بينها مستوى الأداء والإنتاج والكفاءة وقبل هذا كله طريقة التفكير والتعامل مع روح عصر لا مكان فيه للجهل والخزعبلات.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. كيف نواجه هذه القضية وما إمكانات البدء في مشروع حضاري وتعليمي جديد للقضاء على الأمية؟ هناك تجارب سابقة لعلاج هذا المرض الخطير لم تحقق نتائج ملموسة باستثناء تجربة وحيدة ناجحة في المؤسسة العسكرية وأرى ضرورة الاستفادة منها إذا كنا بالفعل جادين في محاربة الأمية.
لا يكفي أن يطالب الدستور الحكومة بمواجهة الأمية، ولا يكفي أن نتحدث كل يوم عن المشكلة وأن يتناولها الإعلام كأحد الأمراض الاجتماعية الخطيرة، ولكن يجب أن يشعر المجتمع كله بأن الأمية عار علينا جميعا أن نترك 30 مليون مصري لا يقرأون ولا يكتبون وتلعب بهم سلوكيات غريبة وأفكار شاذة وقوى سياسية لا تحترم إرادة الإنسان وعقله وما نشاهده الآن من مظاهر سلوكية تبدأ بعشوائية الفوضى وتنتهي عند غياب الرؤى.
هناك أكثر من جانب في قضية الأمية يمكن أن تساعد على البدء في هذه المعركة الحضارية:
أولا: لا أعلم عدد خريجي كلية التربية من جميع التخصصات الذين يجلسون على الأرصفة في الشوارع بلا عمل لأكثر من عشر سنوات، ولكن المؤكد أنهم بعشرات الآلاف، هؤلاء درسوا قواعد التدريس والتربية ويمكن الاستعانة بهم في مشروع كبير لمحو الأمية في كل ربوع مصر بحيث تقدم لهم الحكومة رواتب مناسبة مع صرف بدلات إضافية لمن يعملون في الأقاليم.. إن هذا العدد من حملة المؤهلات العليا يمكن أن يتفرغ لهذه المهمة القومية الكبرى وخلال سنوات قليلة يمكن القضاء نهائيا على هذه الكارثة الخطيرة.
ثانيا: أن يتم التنسيق مع هيئة قصور الثقافة التي تنتشر في كل أرجاء مصر لاستخدام مقارها في إعداد دورات لمحو الأمية في جميع المحافظات، وأن تقدم الحكومة لقصور الثقافة دعما ماليا مناسبا لكي تشارك في هذه المهمة.
ثالثا: الاستعانة بمئات الآلاف من خريجي الجامعات الذين تطاردهم مواكب البطالة ويرغبون في المشاركة في هذا المشروع مقابل مكافأة مادية مجزية لا تقل عن1500 جنيه شهريا ووضع برامج ملزمة لكل خريج لمحو أية عدد معين خلال فترة زمنية محددة.
رابعا: الاستعانة ببرامج الدول الأجنبية التي حققت إنجازات في تجاربها مع محو الأمية والأساليب الحديثة في التعليم، ومن بين هذه التجارب دول لجأت إلى برامج تدريبية لتعليم حرفة من الحرف واكتساب خبرات في مجال معين وهذا الأسلوب مطلوب بين الشباب وصغار السن بصورة خاصة.
إن هذه الطريقة يمكن أن تفتح مجالا أكبر لتدريس دورات في الكمبيوتر بحيث يخرج الدارس من دورات محو الأمية إلى دورات تعليمية وتدريبية في مجالات الإنتاج وهنا يمكن أن تشارك الشركات الكبرى في مثل هذه البرامج وتختار التخصصات التي تناسب أساليب الإنتاج فيها وهنا يمكن أن تشارك في تمويل هذه البرامج.. إن في مصر الآن مؤسسات كثيرة لا تجد العامل المناسب من حيث القدرات والتدريب والخبرة، ولو أننا واجهنا مشكلة الأمية وسرنا بها في طريق واحد مع اكتساب خبرات جديدة فسوف نوفر عمالة جيدة ومدربة وفي نفس الوقت نواجه واحدة من أخطر الأزمات في مصر وهى مشكلة البطالة.
خامسا: إن خطة محو الأمية ينبغي أن تكون سياسة حكومة وليس مجرد هيئة صغيرة تخصص لها بعض الموارد المالية، وذلك لضمان التنسيق بين جميع الوزارات وهنا تدخل كل مؤسسات الدولة الثقافية والدينية والتعليمية والإعلامية مشاركة في هذا المشروع.. لا مانع أبدا من استخدام المساجد ودور العبادة في دورات محو الأمية أو مشاركة الفضائيات في تقديم برامج ثابتة أو استخدام المدارس في الفترات المسائية وتشجيع طلاب الجامعات في العطلات الصيفية للمشاركة في هذا المشروع مقابل عائد مادي مناسب حسب الأعداد التي يقومون بمحو أميتها.
لا أحد يعرف حتى الآن عدد خريجي الجامعات والمدارس المتوسطة الذين لا يعملون وهم بالملايين ومنهم من قضى سنوات طويلة ينتظر عملا لا يجيء.. وهنا لابد أن نفكر في طريقة لاستخدام هذه القدرات في مواجهة واحدة من أخطر الأمراض في مصر وهى الأمية.
إن الدخول في مثل هذا المشروع سوف تترتب عليه عدة نتائج مهمة.. أولها أن نمسح هذا العار الذي لحق بكل أجيال مصر في وجود هذا العدد الهائل من الأميين.. ثانيها أن نفتح فرص عمل لشباب تتكدس بهم الشوارع والمقاهي والدولة عاجزة عن توفير فرص عمل لهم.. وثالثها أن محو امية هذه الملايين يمكن أن يكون خطوة نحو تأهيلهم وتدريبهم على حرف معينة ليشاركوا في الإنتاج على أسس عصرية وحضارية جديدة.
وقد يكون مشروع محو الأمية بداية لمواجهة مأساة أطفال الشوارع الذين يزيد عددهم على ثلاثة ملايين طفل،
وقبل هذا كله فإن محو أمية الملايين الذين ينتشرون في كل أرجاء مصر ريفا وحضرا سوف يخلق مناخا جديدا يفتح أبوابا لعقل جديد وسلوكيات أكثر تحضرا.
إن فوضى الشارع.. وخزعبلات الفكر.. وعشوائيات السياسة وانحدار مستوى الحوار والسلوك والفكر وهذه الغمة التي اجتاحت حياة المصريين بدأت عند حدود الأمية وملايين لا يقرأون ولا يكتبون ثم امتدت إلى تعليم فاسد.. وثقافة مشوهة وإعلام مرتجل وكانت النتيجة هذا الشارع الغريب الذي نراه الآن بكل ما فيه من الفوضى والخلل ابتداء بالملايين من أطفال الشوارع وهم لا يقرأون ولا يكتبون وانتهاء بهذه الجموع التي يحركها فكر متخلف نحو مصير مجهول ومستقبل غامض.
إن الأمية هى أخطر أمراض مصر المعاصرة وتقف وراءها سلسلة طويلة من التوابع وحين نقضي علي هذه المأساة التاريخية سوف تتغير أشياء كثيرة في حياتنا وسوف نمسح عارا لن تغفره لنا الأجيال القادمة.
.. ويبقى الشعر
في الركن يبدو وجه أمي
لا أراه لأنه
سكن الجوانح من سنين
فالعين إن غفلت قليلا لا ترى
لكن من سكن الجوانح لا يغيب
وإن توارى.. مثل كل الغائبين
يبدو أمامي وجه أمي كلما
اشتدت رياح الحزن.. وارتعد الجبين
الناس ترحل في العيون وتختفي
وتصير حزنا في الضلوع
ورجفة في القلب تخفق.. كل حين
لكنها أمي
يمر العمر أسكنها.. وتسكنني
وتبدو كالظلال تطوف خافتة
علي القلب الحزين
منذ انشطرنا والمدي حولي يضيق
وكل شيء بعدها.. عمر ضنين
صارت مع الأيام طيفا
لا يغيب.. ولا يبين
طيفا نسميه الحنين..
في الركن يبدو وجه أمي
حين ينتصف النهار..
وتستريح الشمس
وتغيب الظلال
شيء يؤرقني كثيرا
كيف الحياة تصير بعد مواكب الفوضي
زوالا في زوال
في أي وقت أو زمان سوف تنسحب الرؤي
تكسو الوجوه تلال صمت أو رمال
في أي وقت أو زمان سوف نختتم الرواية..
عاجزين عن السؤال
واستسلم الجسد الهزيل.. تكسرت
فيه النصال علي النصال
هدأ السحاب ونام أطيافا
مبعثرة علي قمم الجبال
سكن البريق وغاب
سحر الضوء وانطفأ الجمال
حتي الحنان يصير تذكارا
ويغدو الشوق سرا لا يقال
في الركن يبدو وجه أمي
ربما غابت.. ولكني أراها
كلما جاء المساء تداعب الأطفال
فنجان قهوتها يحدق في المكان
إن جاء زوار لنا
يتساءل المسكين أين حدائق الذكري
وينبوع الحنان
أين التي ملكت عروش الأرض
من زمن بلا سلطان
أين التي دخلت قلوب الناس
أفواجا بلا استئذان
أين التي رسمت لهذا الكون
صورته في أجمل الألوان
ويصافح الفنجان كل الزائرين
فإن بدا طيف لها
يتعثر المسكين في ألم ويسقط باكيا
من حزنه يتكسر الفنجان
من يوم أن رحلت وصورتها علي الجدران
تبدو أمامي حين تشتد الهموم وتعصف الأحزان
أو كلما هلت صلاة الفجر في رمضان
كل الذي في الكون يحمل سرها
وكأنها قبس من الرحمن
لم تعرف الخط الجميل
ولم تسافر في بحور الحرف
لم تعرف صهيل الموج والشطآن
لكنها عرفت بحار النور والإيمان
أمية..
كتبت علي وجهي سطور الحب من زمن
وذابت في حمي القرآن
في الأفق يبدو وجه أمي
كلما انطلق المؤذن بالأذان
كم كنت المحها إذا اجتمعت علي رأسي
حشود الظلم والطغيان
كانت تلم شتات أيامي
إذا التفت علي عنقي حبال اليأس والأحزان
تمتد لي يدها بطول الأرض..
تنقذني من الطوفان
وتصيح يا الله أنت الحافظ الباقي
وكل الخلق ياربي إلي النسيان
نقلا عن "الأهرام"
المزيد من أعمدة فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.