ينظم زعماء المعارضة في فنزويلا استراتيجية سرًا في حين يظهر المرشح المفترض للحكومة على موجات الأثير طوال الوقت، وتغطي الملصقات الجدران، وعلى الرغم من أن هوجو تشافيز لايزال رئيسا ولكنّ المواطنين يشعرون بأنهم يتجهون سريعا نحو انتخاب خليفته. وستوجه الدعوة لإجراء انتخابات جديدة إذا لم يتعاف الزعيم الاشتراكي من السرطان أو في حالة عجزه عن مواصلة الحكم من المستشفى. وباستثناء مجموعة من الصور لم ير أو يسمع صوته منذ نحو ثلاثة أشهر وتتردد شائعات عن احتضاره. لذا لايثير دهشة أحد ان يرى طرفي اللعبة السياسية في فنزويلا التي تعاني من انقسام سياسي مرير يستعدان لانتخابات مبكرة في حين يبدي كل منهما في العلن تمنياته لتشافيز بتمام الشفاء. وقال انريكي كابريلس المرشح الأوفر حظًا للمعارضة "لم توجه الدعوة لانتخابات رئاسية بعد ولكن ينبغي أن تكون مستعدًا.. ونحن مستعدون". وفاز تشافيز على كابريلس وأعيد انتخابه رئيسا في أكتوبر الماضي، ولكن زعيم المعارضة فاز على نائبين سابقين للرئيس في انتخابات محلية. ومن المرجح أن ينافس نائب الرئيس الحالي نيكولاس مادورو في حالة وفاة تشافيز أو تنحيه. ومنح تشافيز البالغ من العمر "58 عاما" شخصيا الضوء الأخضر لانطلاق السباق على خلافته في ديسمبر الماضي. ففي خطاب مفعم بالمشاعر للامة -وهو آخر خطاب علني له - قبل توجهه لكوبا لإجراء جراحة اعترف الرئيس -في واقع الأمر - بأنه ربما لا يهزم المرض. وأضاف أنه ينبغي -في تلك الحالة- أن يحترم الفنزويليون الدستور ويجرون انتخابات وحث الناخبين على اختيار مادورو تلميذه ونصيره الذي يراه الأكثر ملائمة لاستكمال الثورة التي فجرها بأسلوبه. ورغم افتقار مادورو (50 عاما) لجاذبية تشافيز فقد عمل على تقليد أسلوبه ولغته الخاصة. وهو يظهر يوميا على شاشات التليفزيون لتوبيخ المعارضة وافتتاح مرافق عامة ويشيد برئيسه في كل مرة. وقال في إحدى كلماته المعتادة في كراكاس "نشعر بأننا أبناء لرئيسنا القائد هوجو تشافيز. نريد أن نكون مثل تشافيز. كلنا تشافيز". ومثل هذا الظهور اليومي ينذر بحملة انتخابات مبكرة غير معلنة. ويصر مادورو وأبرز الحلفاء الآخرين لتشافيز على أن الأخير لا يزال يمسك بزمام المسؤولية رغم اعترافهم بأنه يصارع الموت، وأكدت مصادر من حزبه الاشتراكي أن الترتيبات تجري لانتخابات محتملة. وخشية أن يؤخذوا على حين غرة دون أن تتاح لهم فترة كافية لتنظيم حملة انتخابية عقد زعماء ائتلاف الاتحاد الديمقراطي اجتماعات سرية الأسبوع الماضي لبحث الاستراتيجية والشروع في اختيار مرشح يجري التوافق عليه. وحصل كابريلس على نسبة 44 بالمائة من الأصوات حين هزم أمام تشافيز وهو رقم موحي نسبيا يمثل أكبر نصيب من الأصوات للمعارضة في المنافسات مع تشافيز منذ تقلده سدة الحكم في عام 1999. ويبدو أن كابريلس (40 عاما) وهو حاكم ولاية محب للرياضة هو الاختيار الواضح للمعارضة. ولكن بعض أحزاب الائتلاف أبدت تذمراً لشعورها بأنها نحت جانبا خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. وقد يضر صراع طويل أو غير مقبول بين كابريلس وغيره من راغبي الترشح بالجميع إذ يذكر الناخبين بالخلافات التي عرقلت المعارضة في السابق. وقال هنري فالكون أحد ثلاثة حكام في البلاد ينتمون للمعارضة إن عدم اختيار كابريلس "ضرب من الانتحار" وأعلن مساندته لكابريلس الشهر الماضي رغم ان البعض كان يعتبره منافسا محتملا. وفي الوقت الحالي يبدو مادورو صاحب الحظ الأوفر أمام كابريلس إذ ينظر إليه على انه الخليفة المختار وامتداد لحقبة تشافيز في مناخ مشوب بالعاطفة يصاحب تنحي تشافيز أو وفاته. وذكرت وكالة هنترلاسيز المحلية لاستطلاعات الرأي ان 50 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يعتزمون التصويت لمادورو مقابل نسبة 36 بالمائة لكابريلس في حالة إجراء الانتخابات في الوقت الراهن. وقال مراقب للدوائر السياسية اليسارية في أمريكا اللاتينية إن بقاء أفكار تشافيز حتى بعد رحيله تبين مدى تفرد أسلوب حكمه الذي استند لسماته الشخصية والثروة النفطية في البلاد. وكتب يواكين فيلالوبوس القائد السابق لجماعة ماركسية في السلفادور وهو حاليا مستشار وناقد مستمر لليسار في مقال في صحيفة الباييس الإسبانية "وفاة الرجل القوي ستعزز الحركة والنظام..ستساعد وفاته المبكرة "حركته" على تخطي تبعات عدم كفاءة حكومته".