تعليقات البرادعى وعمرو موسى على التمويلات الخارجية للجمعيات الاهلية ، ليست مفهومة ، ومطالبهما ليست واضحة . قالا ان "قمع" الجمعيات الحقوقية خطوة للوراء ، وعودة لعصر النظام السابق ، وكان كلام حق يراد به باطل . فى مصر ، مفترض ان للجمعيات الاهلية اطار قانونى ، تماما مثلما فى الولاياتالمتحدة ، وفى بريطانيا ، والمانيا ، ودول الخليج العربى . فى المانيا مثلا ، لا يتطلب اشهار الجمعيات الاهلية تراخيص من الادارة ، لكن تلقى منظمات المجتمع المدنى اموالا من الخارج دون اذن ، ودون كشوف حسابات .. كارثة . نشاط الجمعيات المدنية شرعى، لكن المعاملات المالية عادة ما لا تدخل فى اطار الحريات او على الاقل الدول ذات النظام ، حتى لو كانت التدفقات ، تبرعات لمساعدة المرضى . قال البرادعى ان الجمعيات الحقوقية ايقونة الديمقراطية، وهذا صحيح، لكن مناداته بان يطلق العنان لتدفقات الاموال، من الخارج لحقوققين ، دون رقيب، ولا مكاشفة مع الحكومة ، لا يمكن اعتباره مطلبا شرعيا فى دولة تسعى الى النظام.. بعد 30 عاما من "التجاوزات " . الشىء بالشىء يذكر ، و فى ازمة الجزيرة مباشر ، اعترض الدكتور العوا على قرار اغلاق المحطة فى القاهرة ، وطالب بعودتها للعمل والبث من عمارة ميدان عبد المنعم رياض ، حتى لو من دون ترخيص ! لم تتواتر اراء مشابهة لناشطين فى اكثر الديمقراطيات استقرارا . فلم يطلب احدهم ، الغاء القانون ، فى السويد ، ولا طلب احدا التجاوز باسم الحريات السياسية فى لوسكمبرج . لماذا المقارنة مع دول اوروبا ؟ لان كثيرين يعتقدون المقارنة منصفة للذين يدعون الى الحريات " على المزاج " و" الهوى " . ففى اوروبا ، لا يعتقدون فى " المزاج " ، ولا يعرفون " الهوى " ، اللهم الا فى البارات ، بعد ساعات العمل . حتى البارات ، وعلب الليل هناك ، لها ما ينظمها من قوانين شديدة الصرامة ، سريعة التطبيق .. جبرا عند الاقتضاء ، او بالقوة ، حين الحاجة الى القوة . فى الدنمارك ، لا يمنعون " المرح " فى صالات " الرقص " ، لكن لا احد يمكن ان يخترق القانون ، باسم الحريات الشخصية ، وبدعوى انه ليس من حق الدولة " مصادرة المرح " ! المعضلة ليست فى حق " الحقوقيين " فى التمويل من الخارج ، لكنها فى تصوراتهم عما ينبغى ان يلتزموا به من محددات . فى الازمة الاخيرة ، اعترضوا على ما وصفوه بالمداهمات الامنية ، لمقار مؤسساتهم ، وشارك معظم المرشحين المحتملين للرئاسة فى " زفة " لم يظهر فيها شكل ما يطالبون به فى المستقبل ، وفى اطار القانون . بالمناسبة ، الاعتراض على القوانين المنظمة لعمل الجمعيات الاهلية وارد ، كما ان المطالبات بتغيير القوانين جائزة ، لكن الاحتجاج على اوامر النيابة ، جاه جمعيات تعمل دون ترخيص ، وتتلقى اموالا اجنبية ، بلا اطار شرعى .. لا يمكن ان يكون مطلبا " حقوقيا ". الدعوة لاستمرار تدفق اموال الخارج الى المجتمع المدنى بلا اشراف حكومى .. غريبة ، و معظمها مزايدات . والدول التى استهجنت " مداهمات" الامن لمقار تلك الجمعيات ، ستفعل سلطاتها ما هو اكثر ، لو وجدت اموالا اجنبية ، مجهولة المصدر ، فى " دورة مياه " احد مطاراتها .