أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أسباب انتشار الإسلام في العالم، منوهًا بأن من يقرأ التاريخ ويلاحظ انتشار الإسلام على مر العصور يعلم أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما بإقامة العائلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض. وأوضح «جمعة» عبر صفحته ب «فيسبوك»، في إجابته عن سؤال: «ما أسباب انتشار الإسلام في العالم؟»، أن هناك حقائق حول هذا الانتشار حيث يتبين الآتي: أنه في المائة العام الأولى من الهجرة : كانت نسبة انتشار الإسلام في غير الجزيرة كالآتي ففي فارس (إيران) كانت نسبة المسلمين فيها هي 5%، وفي العراق 3%، وفي سورية 2%، وفي مصر 2%، وفي الأندلس أقل من 1%. وأضاف: أما السنوات التي وصلت النسبة المسلمين فيها إلى 25% من السكان فهي كالآتي: إيران سنة 185 ه، والعراق سنة 225 ه، وسورية 275 ه، ومصر 275 ه، والأندلس سنة 295ه، والسنوات التي وصلت نسبتهم فيها إلى 50% من السكان كانت كالآتي: بلاد فارس 235 ه، والعراق 280 ه، وسورية 330 ه، ومصر 330ه، والأندلس 355 ه. وتابع: أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 75% من السكان كانت كالآتي: بلاد فارس 280 ه، والعراق 320 ه، وسورية 385 ه، ومصر 385 ه، والأندلس سنة 400 ه. وواصل: من يعلم هذه الحقائق ويعلم أن من خصائص انتشار الإسلام: (أ) عدم إبادة الشعوب، (ب) الإبقاء على التعددية الدينية من يهود ونصارى ومجوس؛ حيث نجد الهندوكية على ما هي عليه وأديان جنوب شرق آسيا كذلك، و(ج) إقرار الحرية الفكرية، فلم يعهد أنهم نصبوا محاكم تفتيش لأي من أصحاب الآراء المخالفة، و(د) ظل إقليم الحجاز مصدر الدعوة الإسلامية فقيرًا حتى اكتشاف البترول في العصر الحديث. وأكد أن كل هذه الحقائق وغيرها، تجعلنا نتأكد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإنسان الكامل، وهو الرسول الخاتم الذي علم البشرية بأسرها فضائل الأخلاق، والتسامح، والنبل، والشجاعة، وعلى دربه سار أصحابه، والتابعون من بعدهم، وضرب المسلمون أروع الأمثلة للأخلاق وانبهر العالم من حولهم بهذه الأخلاق النبوية التي توارثوا جيلًا بعد جيل. واستطرد: هذه لمحة من سمات الرسول المعلم، وكيف كان حاله وهو يجاهد باللسان والسنان في سبيل إعلاء كلمة الله، ولإتمام رسالة رب العالمين، ولم تكن حضارة المسلمين تراثًا مكتوبًا فحسب، بل كانت واقعًا عاشه المسلمون وعاشه معهم أنصارهم وأعدائهم وسجلته كتب التاريخ. وأكمل: وينبغي علينا أن نتعلم من رسولنا كل الأخلاق الفاضلة، والسلوك القويم؛ حتى نواجه العالم بحضارتنا المتجددة دائما، ولا نتبع أذناب الحضارات التي نحت الأخلاق بعيدا عن واقعها المعيش؛ فأمة الإسلام هي الأمة الشاهدة، وهي الأمة التي تحملت تكاليف الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فسد المسلمون وتركوا ما كلفهم الله به من مهام لإصلاح الأرض فسدت الأرض، فلننظر كيف عرف المسلمون وظيفتهم في الصدر الأول للإسلام، حيث قال ربعي بن عامر رضى الله عنه لرستم قائد الفرس عندما سأله : ما أنتم ؟ فأجابه بقوله : «نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام» [تاريخ الطبري].