إذا كنت من محبي الآثار فإنك بالتأكيد تعرف مسجد الرفاعى بميدان صلاح الدين بالقاهرة، لكن هل تعرف أنه قبل إنشائه كان هناك مسجد آخر بني فوقه الرفاعي. نعم هي قصة من التاريخ أخبرنا بها الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق. قال عبد اللطيف ل صدى البلد: "كان هناك مسجد فاطمى قديم عُرف بإسم مسجد الذخيرة لأن الذى أنشأه رجل يدعى ذخيرة الملك جعفر متولى الشرطة – أى قائدها – ووالى القاهرة ومحتسبها حوالى سنة 516 ه/ 1122م، ويذكر المقريزى أن هذا المسجد عرف أيضًا باسم "لا بالله"، لأن ذخيرة الملك جعفر كان يقبض على الناس بالطريق ويعنفهم فيحلفونه ويقولون "لا بالله"، فيقيدهم ويستعملهم فيه بغير أجرة. وجاء فى الخطط التوفيقية أنه كان يشغل جزءًا أخر من مسجد الرفاعى زاوية كانت تعرب باسم الزاوية البيضاء أو الزاوية الرفاعية، نسبة إلى الشيخ على أبى شباك من ذرية الرفاعى لذلك عرف المسجد بهذا الاسم، على الرغم من أنه من إنشاء السيدة خوشيار هانم والدة الخديوى إسماعيل ليكون مسجدا كبيرا ومدفنا لها ولأفراد أسرتها، ولقد حدث ما أرادت إذ عقب وفاتها دفنت فيه فى سنة 1885م كما دفن فيه أيضا كثير من أفراد أسرتها من الرجال والنساء ومنهم الخديوى إسماعيل والسلطان حسين كامل والملك فؤاد، كما دفن فيه شاه إيران رضا بهلوى ثم أرسل إلى إيران فى حين يرقد حاليا جسد ابنه الشاه محمد رضا بهلوى. وعند بناء مسجد الرفاعى عهدت خوشيار هانم بالإشراف على البناء إلى المرحوم حسين باشا فهمى وكيل ديوان الأوقاف عام 1869م لوضع تصميم المسجد ولكن العمل توقف عدة مرات بسبب وفاة خوشيار هانم عام 1885م وظل معطلا حوالى ربع قرن إلى أن تولى الخديوى عباس حلمى الثانى فأمر بتكملته حتى افتتح لصلاة الجمعة فى غرة المحرم سنة 1330 ه/ 1912م. وبالنسبة للمسجد نفسه فقد أراد مهندسه حسين باشا أن يحاكى مسجد السلطان حسن فى ضخامته وارتفاعه حتى لا يبدو المسجد كالقزم أمام المارد فبنيت مداخله عالية مرتفعة ومساحته ضخمة مستطيلة حوالى (6500 متر مربع) منها " 1767 مترا" للجزء المعد للصلاة وباقى المساحة للمدافن وما يتبعها.