شم النسيم من أعياد الفراعنة، وصار في العصر الحديث عيدًا شعبيًا يحتفل به كثير من أهل مصر من الأقباط والمسلمين، وقد ارتبط هذا العيد عند الفراعنة بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل. وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم (عيد شموش) أي بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم (شم) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله. يرجع بدء احتفال الفراعنة بشم النسيم رسميًا إلى عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، حيث كانت يتحول لعيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب كما كان فرعون، وكبار رجال الدولة يشاركون في هذا العيد. مظاهر الاحتفال بهذا العيد قديما: كان قديما يحتفل القدماء المصريون بعيد شم النسيم عبر الخروج إلى الحدائق والحقول والمتنزهات؛ ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون وآلات موسيقية. وتتزين الفتيات في هذا اليوم بعقود الياسمين (زهر الربيع)، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، فتقام حفلات الرقص على أنغام الناي والمزمار والقيثار، ودقات الدفوف، تصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع، كما تجري المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية. الأطعمة المرتبطة بشم النسيم وتطورها: كان لشم النسيم أطعمته التقليدية المفضلة عند القدماء المصريين، حيث نجد أنها نفس المأكولات التي نتناولها في عصرنا الحالي، والتي انتقلت من عصر الفراعنة إلينا فكانت قامتهم تحتوي على: (البيض- والفسيخ، والبصل، والخس، والملانة) ارتباط البيض بشم النسيم: يعتبر البيض الملون مظهرًا من مظاهر عيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق). بدأ ظهور البيض في شم النسيم مع بداية العيد الفرعوني، حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (أخناتون الفرعوني)، وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة. أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضًا؛ إذ كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه، وذلك حتى يحقق لهم دعواتهم. تناول الفسيخ: كان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ، فكانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعًا معينًا لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور) وهو ما يعرف بالسمك البوري، والذي يصنع منه الفسيخ حاليا. تناول البصل مع السمك المملح: عندما أصيب ابن امير صغير في الأسرة الفرعونية السادسة بمرض عجز الاطباء عن علاجه، قام أحد الكهنة بإحضار بصلة خضراء وقام بإطعامها للطفل، ومن ثم استعاد الطفل عافيته، ومن ثم ارتبط تناول البصل مع السمك المملح كنوع من العلاج من مشاكل التسمم، وهي عادة ما زالت من العادات والتقاليد المتبعة إلى الآن في مصر وفي بعض الدول التي تحتفل بعيد شم النسيم أو أعياد الربيع.