أثار الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، جدلًا فقهيًا بتأييده قرار المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، والذي أقرته الحكومة التونسية بشكل رسمي بالأمس، متوقعًا أن تتخذ مصر مثل هذا القرار بعد عشرين أو ثلاثين عامًا من الآن. وذكر «الهلالي»، في مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية»، الذي يعرض على فضائية «MBC مصر» مساء أمس، السبت، أن «الميراث حق وليس واجبا مثل الصلاة والصوم»، موضحًا: «صحيح أن آية المواريث واضحة وصريحة في القرآن لكنها مذكورة كحق، أما لو كان أمرًا واجبًا مثل الصلاة فلا يمكن الكلام فيه». وزعم أن «قرار تونس بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث صحيح فقهيًا»، مشيرًا إلى موافقة غالبية الشيوخ في تونس على هذا القرار. وألمح أستاذ الفقه المقارن، إلى أن الفقيه تتغير فتواه بتطور ثقافته بمرور الوقت ومع تغير الزمان والمكان والعصور، لافتًا إلى أن المرأة الآن تساوي الرجل في الشهادة وهذا تطور فقهي لا يتعارض مع الدين في شيء، ولا يعارض نص كلام الله. وأكدت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الإسلامَ يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقةٍ شبه متساويةٍ، وتهدفُ الشريعةُ الإسلاميةُ بشكلٍ عامٍ إلى غايةٍ متميزةٍ هي الحمايةُ، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويُبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها، فالقرآنُ والسنةُ يحُضَّان على معاملة المرأة بعدلٍ ورِفقٍ وعَطفٍ. وقالت «الحنفي» ل«صدى البلد»، إن الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى وليس البشر، فكانت بذلك من النظام والدقة والعدالة في التوزيع ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله، قال تعالى: «آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء/11). وأشارت إلى أن المرأة ترث في أحوال كثيرة تأخذ أضعاف الذكر، ففي قوله تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ» (سورة النساء: 11)، لم يكن ذلك إلا في موضع واحد وهو وجود البنت مع أخيها الذي يساويها في الدرجة، وهذا يرجع لحكمة إلهية عظيمة لأنه هو المسؤول عن بناء بيت الزوجية، وعن النفقة سواء على أهل بيته أم أمه وأبيه. ولفتت إلى أن المرأة قد تجوز التركة كلها فرضًا وردًا في حالة عدم وجود وارث غيرها ولا يوجد عاصب، منوهة بأن البنت مع وجود الأب تأخذ نصف التركة والأب يأخذ السدس مع الباقي من التركة لو تبقى منها شيء، مشيرة إلى أن البنت تأخذ النصف مع وجود ابن الابن وهكذا -كثير وكثير-. ونبهت أستاذ الفقه، على أن علم الميراث من الأمور التي اختص بها رب الأرباب لتعلقها بالمال وهو سبب للشأن والتنازل بين الإنسان وأخيه الإنسان، لذا اختص به سبحانه وتعالي فلا يستطيع ملك مقرب أو نبي مرسل أن يزيد أو ينقص عما فرضه الله عز وجل أو يعترض عليه: «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (سورة النساء: 11) وقال جل شأنه: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ» (سورة النساء 14). وشددت على أنه لا يجوز لأي ملك أو رئيس أو مجلس نواب أن يتعدى حدود الله، لأن الميراث من الثوابت التي لا تتغير طبقًا للأهواء، وكذلك حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، مؤكدًا أنه يحرم زواج المسلمة من غير المسلم.