القضاء العرفى هو عمل تطوعى ولابد للشخص الذى يعمل به أن يكون عنده الملكة وروحه طويلة تستوعب كل الناس ويخاف الله القضاء العرفى يحكم بالفضل وليس بالعدل لأن العدل لا يكون إلا على المنصة أمام القضاة. إنما الفضل هو أن يكون الشخص له حق والقاضى العرفى يقنعه أن يتنازل عنه بالفضل أو قبول الدية أو التغريب أن يترك الجانى البلد القضاء العرفي في مصر وسيلة لفض المنازعات وإنهاء الخصومة بين العائلات دون اللجوء إلى المحاكم الرسمية ويُعدّ حكم هذا القضاء نهائيا ويلتزم به طرفا النزاع وينتشر القضاء العرفي في الصعيد وبين البدو و المحافظات وخاصة الحدودية لمصر للقضاء العرفي قوانين خاصة تختلف عن قوانين الدولة فهو يعتمد في أحكامه على العادات والتقاليد والبعد الاجتماعي وقواعده غير المكتوبة تتوارثها الأجيال ويلجأ اليها المصريون لسرعته في إصدار الأحكام وهذا بعكس القضاء الرسمي الذي قد ينظر في قضية لسنوات طويلة ومنها أيضا قضايا المرأة وتعد قضايا المرأة من أكثر القضايا التي ينظر فيها القضاء العرفي وأبرزها الطلاق والنفقة وما شابه ذلك وغيرها وذلك نظرا لخصوصية النساء في المجتمعات المصريه وخاصه الصعيد والمحافظات والقبائل البدوية، ويتم اختيار القاضي العرفي بناء على معايير معينة كالوراثة او مخالطة المشايخ فهنالك العديد من الشخصيات داخل القبائل (كبير القبيلة) اشتهرت بالحكمة ومجابهة الظلم ومناصرة الحق وهذا يدفع الناس إلى اللجوء إليهم في مظالمهم وقد توارث أبناؤهم القضاء العرفي والحكم بين الناس. والقاضي العرفي يكون صاحب خبرة وملمًا بأعراف البلد والعائلات والقبيلة ومتابعًا بشكل جيّد لأحوال الأهالي ومستجدات النزاعات والأحكام الصادرة لحلّها في منطقته والمناطق المحيطة وهو عادةً يكون حسن الخلق ويتميز بعلاقة جيدة مع الجميع ويجيد التحدث بلباقة وغير عصبي ويتحكم فى نفسه ومتّزنًا صاحب كلمة نافذة و لا يتلوّن أو يكذب لإرضاء أي طرف وسريع البديهة وقادرًا على التصرّف بسرعة في المواقف والنزاعات المفاجئة وايضا لليمين شأن كبير عند العرب ، لليمين شأن كبير عند البدو فهم يتحاشون الحلف سواء أكانوا صادقين أم كاذبين ولا يلجأون إليه إلا في الضرورات القصوى وعندهم يقين راسخ أن من يحلف كاذبا لابد أن يصاب في نفسه أو عياله أو ماله عاجلا وكثيرا ما يرى المدعي مشفقا من تحليف غريمه وغالبا ما يعفيه من ذلك إن كان الأمر ليس مهما, ويأخذ قضاة البدو بالحديث النبوي الشريف "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر". فعلى المدين أن يحلف إذا أنكر ما عليه أما الدائن فيقول إذا طلب منه القسم"أنا أتوقي بمالي" إلا أنه في بعض الأحيان نرى أن الدائن نفسه يقول لعملية يا تأخذ يا تعطي ، أي إما أن أحلف يمينا أو تشتري هذا اليمين بمبلغ كذا وعليه أن يختار إحداهما وإذا لم يتيقنوا من صدق الحالف يطلب المدعي أن يحلف عنه رجل تقي من خمسته من يثق في دينهم وصدقهم وخوفهم من الله أو يحلف المدعي عليه ويزكي يمينه أحد أفراد خمسته من الذين لا يشك وقالوا عن كثير الحلف عنده الدين زي ورق التين. ويجب أن يكون القسم بالله صريحا وثلاث كلمات أولاهن الله وآخرهن الله "هذا لا يمنع أن يضع أحدهم يده على رأس الحالف ويقول صلاة محمد على راسك انك ما حسبت الغرض الفلاني أو يأخذه عند مقام رجل صالح أو يجعله يضع يده على المصحف أو على شيء من الزاد أو يحلفه بأحد أبنائه" من المقال القادم عن القضاء فى المجالس العرفيه المساواة بين الخصمين على القاضي أن يساوي بين المتنازعين في المجلس والمأكل والمشرب والاحتفاء والاستقبال, والقاضي لا يقضي إلا في بيته وقديما قالت العرب في بيته يؤتى الحكم ومن المأثور في المساواة بين الخصمين عن عمر بن الخطاب دعوى فلم يعرفها فجعلا بينهما زيد بن ثابت فأتياه في منزله فما دخلا عليه قال له عمر جئناك لتقضي بيننا, وفي بيته يؤتى الحكم قال فتنحى له زيد عن صدر فراشه فقال هاهنا يا أمير المؤمنين فقال جرت يا زيد في أول قضائك وما كنت لأسألها لأحد غيره قال فحلف عمر ثم حلف لا يدرك زيد القضاء حتى يكون عمر ورجل من عرض المسلمين عنده سواء وعن أبو هريرة يقضي, فجاء الحارث بن الحكم فجلس وعلى وسادته التي يتكئ عليها فظن أبو هريرة أنه لحاجة غير الحكم فجاء رجل فجلس بين يدي أبي هريرة فقال له مالك قال استأذني على الحارث فقال أبو هريرة قم فاجلس مع خصمك فإنها سنة أبي القاسم هناك قصة عن قضاء نوري الشعلان تقول مر رجل يقود ناقته برجل شراري يرعى إبله ومعه بندقية فأعجب صاحب الناقة بالبندقية فابتاعها من صاحبها بناقته رأسا برأس وبعد أن مكث خمسة عشر يوما يطوف على النجوع ويطلق الأعيرة النارية في الأفراح عاد إلى الشراري وقال أعطني ناقتي وخذ بندقيتك لا حاجة لي بها فرفض الشراري وقال افرض أن ناقتك ماتت أنت قضيت مرامك بالبندقية والآن تريد إرجاعها لا أقللها أبدا وبعد أخذ ورد احتكما لنوري الشعلان وحين قدم الشراري إلى ديوان النوري جلس على طرف مع عامة الناس في حين مخاصمه إلى صدر المجلس وسلم على النوري وعانقه, وأبلغه سلام أصدقائه وأقاربه وأخذ النوري يسأله عن بعض معارفه وأدنى مجلسه وقص له قصته مع الشراري فقال النوري مخاطبا الشراري أنت ياالشراري ليش ما ترد لهذا الرجل ناقته وتأخذ بندقيتك أنتم عندكم إبل كثيرة وهذا ما عنده غير هذي الناقة يرد عليها ويسقي عياله ردها له وخذ معدود العدل مفقود أي مادام هناك غاية ومحسوبية فقدت العدالة والقضاء البدوي أولى بالتسوية بين الخصمين اهتماما كبيرا إذ لا يحق للقاضي أن يرحب بأحد الطرفين ويتجاهل الآخر ولا يكلم أحدهم على انفراد في خلوة وإلا ودارت حوله الشبهات.