الحب هو إحساس عاطفي له أكثر من حالة أو صورة، وهو شبيه بمرآة يرى فيها الإنسان ذاته، فمرة يضحك، واخرى يبكي.. والحقيقة أن غريزة الحب لها أشكال متعددة، ولا أحد يستطيع أن يضع قائمة محددة لأنواع الحب المختلفة، فهناك الحب الصادق، وهناك الحب الرومانسي وهناك الحب الجنسي، وهناك ما يعرف ب" الشذوذ" والذي يطلق على نفسه اسم الحب أيضًا، وكل ذلك يأتي تحت مسمى واحد متعارف عليه هو"الحب". وفي ضوء ذلك يبقى السؤال: ما الذي يميز الحب الحقيقي عن الحب الزائف؟ أو ما الذي يجدر بنا أن نفعله لتبيان حقيقة مشاعرنا ؟! إن الطبيعة البشرية تقول، أن رحلة الحب في حياة الإنسان تبدأ من الطفولة، حيث يرتبط الطفل بأمه بعمق ويعتمد عليها في كل احتياجاته، ويصاب بالقلق إذا غابت عنه، ويبتهج عندما تعود. وهذا هو حب اعتمادي إلى أبعد الحدود. ولكن ما إن يصل الطفل إلى الثالثة من عمره حتى يبدأ في حب من نوع جديد، كحب الصحبة لبعض الأطفال من الذين في مثل عمره. ويتجه الطفل في هذه المرحلة بمشاعره نحو أبيه ليبدأ الإعجاب العميق به. ويتطور هذا الإعجاب إلى حد شديد التوهج نحو الأم إذا كان الطفل ذكرًا، أو ناحية الأب إذا كان الطفل أنثى.
ثم يبدأ الطفل بعد السنة السادسة من عمره في حب مجموعة أصدقاء له من نفس عمره لأنه يجد فيهم المرح والتسلية، وقد يجمع مجموعة الأصدقاء هواية مشتركة، ويزيد على كل ذلك أن كلا منهم يقبل الآخر ويحبه. وبعد ذلك يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة، وخلال هذه المرحلة يطل الحب الشهواني، وفي نفس الوقت يطلب حب آخر وهو الحب الرومانسي، ثم يمتزجان في عاطفة واحدة رغم اختلاف كل منهما. فالحب الشهواني خشن وجسدي، والحب الرومانسي كريم وحنون ومثالي، ومن الاثنين يأتي إلينا هذا المزيج المدهش الذي نبني به الحياة الأسرية.
وهناك إحساس كل منا بنفسه التي يحبها، فكل منا يفكر في نفسه بدرجة أو بأخرى، كما أن كل منا يرغب في أن ينال إعجاب الآخرين وتقديرهم، لذلك يتحدث عن نفسه وانجازاته كلما سنحت له الفرصة، أو استطاع أن يعثر على مستمع جيد. وقليل منا هو القادر على أن يخفي حبه لنفسه خلف ستار من خدمة الآخرين فيحبونه ويغدقون عليه الاحترام. ونحن نميز باحساسنا كل يوم بين هؤلاء القادرين على منح الحب لمن حولهم، وأولئك الذين يفضلون الاستمتاع فقط بحب الآخرين دون منحهم أي حب. وفي رحلة بناء كل منا لحياته نفاجئ في فترة من الفترات بفقدان القدرة على تمييز مشاعرنا. وإذا فتش كل منا في ذكرياته فسيجد صورًا متعددة لما نقول. إن الحب يمكن أن يختفي تحت سحابة من التردد ، ويحدث ذلك للفتيات وللشباب على حد سواء. ونحن نلتقي جميعًا كل يوم بشاب يتحدث عن ليونة فتاة معينة ودلالها، وكيف تختار ملابسها بما يبرز أنوثتها، ويبقى خيال الشاب مشتعلاً إلى أن يتزوجها ،ليفاجئ بأن كل ما تخيله منها هو مجرد وهم، وأن تلويحها بمفاتنها كان مجرد تصرف لا شعوري لاصطياد الرجال، وايقاعهم في غرامها، في حين أنها لا تملك أدنى قدرة على التفاعل العاطفي. وفي أحيان كثيرة نرى فتاة مليئة بالجاذبية، ولكنها تمتلئ بالمعارضة لكل من آراء والدها ووالدتها. ليفاجئ الجميع في النهاية بزواجها من شخص يعترض عليه أهلها، وهذا لا يعني أنها تحبه فعلاً لمميزاته الجذابة، ولكن أحد الأسباب القوية لتمسكها به هو رغبتها في معاندة الأهل. ومثال ذلك هو الزواج بين أفراد من ديانات مختلفة، واذا ما نشأ حب بين فتى وفتاة من أصول دينية مختلفة، كزواج المسلم من مسيحية في المجتمع المسلم، أو زواج المسيحي من يهودية في المجتمع المسيحي، فإن الخطبة الطويلة هي التي تتيح للاثنين فرصة اكتشاف مدى اختلاف كل منهما عن الآخر، ويمكن لقصة الحب هذه أن تاخذ نهايتها المحتومة، وهي الفشل قبل البدء في الزواج.