وجَّه الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية – رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي،قائلا:""سيادة الرئيس نحن ندرك أن المسئولية عظيمة والتركة ثقيلة فسر على بركة الله ودعاؤنا لك بأن يعينك الله سبحانه وتعالى على ما وليت فيه وأن يرزقك الصبر وأن يرزقك التوفيق في كل ما تقول وكل ما تفعل". جاء ذلك خلال لقاء فضيلته في برنامج "حوار المفتي"،وقدم العزاء لأسر الشهداء من الاخوة الأقباط، وأن يمن الله عليهم بالصبر، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل. وفي السياق ذاته وجه مفتي الجمهورية رسالة للبابا تواضروس والإخوة المسيحيين قال فيها عزاؤنا لأنفسنا ولكم لأننا جميعًا مصريون ونحن في خندق واحد ولن يفرقنا أحد. وقال للمصريين عليكم أن تدركوا أن وعيكم هو سبيل النجاح، فالمصريون أرسلوا للعالم بصفة عامة وللإرهابيين بصفة خاصة رسالة قوية أننا على قلب رجل واحد وهذه الأعمال الإرهابية لن تزيدنا إلا إصرارًا وتماسكًا. وقال مفتي الجمهورية إن الشعب المصري يثق في المؤسسات الدينية الرسمية وأدرك أن هذه المؤسسات بما لديها من خبرة طويلة ورصيد كبير وضخم قادرة على مواجهة الأفكار الإرهابية. وأكد أن الناس لا تزال تثق في المؤسسات الدينية المصرية فإننا يرد إلينا في دار الإفتاء 2400 سؤال يوميًّا ونجيب عنها وهذا يعكس ثقة الناس في هذه المؤسسات والإقبال عليها يؤكد على أن منهجها هو المنهج الذي يحتاجه الناس. وقال المفتى إن المصريين خاضوا معارك أشرس من ذلك ووقفوا ضد دعوات كانت تريد أن تنال من العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين فالمصريون كانوا على قدر كبير من الإدراك والوعي على مدار التاريخ للتصدي لمثل هذه الدعوات، ونحن ندرك تمامًا قدر هذه الوعي، فالمسلمون في طنطا اصطفوا للتبرع بالدم للمسيحيين، وهذا يؤكد أننا في تلاحم لا توجد قوة على وجه الأرض يمكن أن تفرق بين مصري ومصري آخر. وحول مجلس مكافحة الإرهاب الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أكد مفتي الجمهورية أن كل جهد يؤدي إلى الكفاح ودحض الإرهاب نحن نرحب به ونحن معه قلبًا وقالبًا، مطالبًا الجميع بالتكاتف لإنجاح هذا المجلس لأن الإرهاب لا حدود له. وأشار إلى أن دار الإفتاء قامت بعدة إجراءات لمحاربة داعش والجماعات الإرهابية بدأت بإنشاء مرصد دار الإفتاء وما يخرج عنه من إصدارات تتصدى للفكر المتطرف، فقد حاربنا فكر داعش من خلال الكتب التي تصدر عنهم حيث عكفنا على دراستها وتفنيد ما جاء بها والرد عليها ونشرناها في كافة وسائل الإعلام مشددًا على أننا في دار الإفتاء عون للرئيس في هذا الاتجاه ونرحب بكل جهد يبذل في هذا الاتجاه. وقال مفتي الجمهورية إن الإرهابيين أضروا بالإسلام وجعلوا الناس يخافون من الدين وأفعالهم لا تنتمي للدين من قريب أو بعيد، مشيرًا إلى أن المجتمع الغربي عندما يدرس الإسلام بصورة محايدة يجد أن الإسلام بريء من أفعال هذه الجماعات الإرهابية وأن أفعالهم لا تمت للدين بصلة ولا علاقة لها بالإسلام، وفكرة الإسلاموفوبيا كان لأفعال الإرهابيين جزء كبير في ظهور هذه الظاهرة في الغرب. وحول إعلان حالة الطوارئ التي أقرها الرئيس مؤخرًا لمدة ثلاثة أشهر، قال المفتي إن التشريع الإسلامي أجاز لولي الأمر اتخاذ الإجراءات التي تضبط الأمن وتقي المجتمع من مشكلات، وهذا متفق عليه بين جميع أبناء الأمة بأنه يجوز له وفق التطور العصري أن يتخذ من الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تقي المجتمع المشكلات التي تضر به. وأشار إلى أن الدستور والقانون نظم هذه المسألة وهذه الإجراءات تسير في سياق المشروعية القانونية والمشروعية الشرعية، مضيفًا أن مثل هذه الإجراءات الاستثنائية تتخذها الدول الغربية في حال ما يوجد ما يضر بمصلحة الدولة، وعليه يجوز للدولة أن تتخذ من الإجراءات التي تحافظ على سلامة المجتمع. وقال مفتي الجمهورية إن دور العبادة المذكورة في الكتاب الكريم في قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} المفسرون قالوا إن كثيرًا هنا عائد على الجميع ومعنى هذا أيها الإرهابي أنك عندما تعتدي على بيت من بيوت العبادة كأنك تعتدي على شيء قدسه الله تعالى، على شيء مقدس في نفوس أصحابه، وجريمتك هنا جريمة كبيرة في حق دور العبادة. وأضاف أن الإرهابيين لم يعتدوا على دور العبادة فقط بل اعتدوا على أنفس بريئة، لا أعلم ماذا سيقولون غدًا وهم واقفون أمام الله تعالى عندما يسألهم لماذا قتلتهم، وألا أجد مبررًا لمرتكبي هذه الأفعال الإجرامية والذين ينتظرهم عذاب شديد من الله تعالى يوم القيامة. وأكد مفتي الجمهورية أنهم يعتمدون على مجموعة من الأفكار والفتوى المتطرفة التي تنال من العلاقة بين أبناء الوطن على اختلاف معتقداتهم، مشيرًا إلى أننا رصدنا في دار الإفتاء المصرية أكثر من 5000 فتوى متطرفة تهدد العلاقة بين المسلم وغير المسلم، وجدنا أن 70% من أحكام هذه الفتاوى جاء بالتحريم، و20% بالكراهة و10% مباح، مشيرًا إلى أن 90% من جملة أحكام هذه الفتاوى تحرم التعامل مع غير المسلمين وهذا مخالف لأمر الله تعالى للتعامل معهم بالبر والقسط كما في قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فمثل هذه الفتاوى تحصر التعامل معهم في دائرة الحرام والمكروه وتضيق دائرة التعامل مع غير المسلمين. وقال مفتي الجمهورية إننا في دار الإفتاء المصرية سنصدر خلال أيام مجموعة من الفتاوى التي ترد على تلك الفتاوى التي تضيق العلاقة بين المسلم وغير المسلم، والتي تكشف أن فتاوى هؤلاء المتطرفين لا تستند إلى أساس صحيح من الدين. وأكد مفتي الجمهورية أن سياسة الاجتزاء هي سياسة المتطرفين في التعامل مع النص الشرعي وفي قراءتهم للنص الشرعي، وفي قراءتهم للفتاوى والأحداث التاريخية وكل شيء. وأوضح، أنه عندما يستند المتطرفون إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" هم فهموا النص فهمًا غير صحيح لأن المقصود هنا المشركين الذي ناصبوا النبي صلى الله عليه وسلم العداء في مكة وآذوه واعتدوا عليه وأصاحبه، منوها أنه لا يوجد في تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته من بعده أنه حارب كل الناس. وأوضح، أن مرصد الإفتاء قام بإعداد دراسة نشرها في نشرة "إرهابيون" حول فتاوى المتطرفين ضد المسيحيين والتي تعد جرس إنذار ينذر أن هناك خطرًا ينبغي أن نواجهه والتصدي لمثل هذه الفتاوى المضلة، وبالتالي سنخرج دراسة موسعة للتصدي لمثل هذه الفتاوى. وقال مفتي الجمهورية إن فتاوى الإرهابيين تؤدي إلى ضرب التعايش بين المسلمين وغير المسلمين وتضيق التعايش بينهم وهي بعيدة عن الإسلام لأن الإسلام لم يكن هكذا فقد جاء الإسلام لتعايش مع كل مكونات البشرية فرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته تعايشوا مع كل الناس. وفي تفسيره لعقلية الانتحاري قال مفتي الجمهورية إننا عندما ننظر إلى عقل الإرهابي الذي يفجر نفسه طمعًا في دخول الجنة نرى أنه بحاجة إلى دراسة نفسية واجتماعية تحلل لنا كيف تأثر هذا الإرهابي بهذه الفتاوى المتطرفة، ورسالتي للشباب أننا اكتوينا بالفتاوى الشاذة التي صدرت من أناس ليس لديهم علم شرعي ولا فكر وأضلوا الناس فهم نبت شيطاني لم يتلق العلم على أيدي علماء بل قرءوا الكتب ولم يفهموها. واختتم مفتي الجمهورية لقائه بأن الرباط ليس قاصرًا على الجيش بل كل شخص مطالب بأن يؤدي عمله بضمير وأخلاق ويراعي الله تعالى ويرضي الله تعالى في عمله، كل مصري يعمل في خدمة وطنه هو جندي في ميدان العمل المدني يشارك الجندي الآخر في ميدان القتال.