أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدًا –صلى الله عليه وسلم - أن يجعل للمسلمين مقبرة في المدينة عند هجرته إليها، لتكون مطلبًا ووصايا للأحياء عند موتهم. واختار النبي –صلى الله عليه وسلم- أرض مقبرة البقيع أو كما يطلق عليها البعض «جنة البقيع»، وهي أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي حاليًا. وتعود أهمية أرض البقيع الدينية والتاريخية، إلى أن أموات تلك المقبرة هم الجيل الأول من صدر الإسلام،صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فالقرب منها يعتبر أمنية للدفن فيها لكثير من المسلمين ومجاورة الصحابة، والخروج يوم البعث من القبور مع أكثر من عشرة آلاف صحابي إلى أرض المحشر. وتقع المقبرة في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد النبوي، وقد ضمت إليها أراض مجاورة وبني حولها سور جديد مرتفع مكسو بالرخام، تبلغ مساحة المقبرة أكثر من 180 ألف متر مربع، وتحظى باهتمام بالغ وكبير من لدن الحكومة السعودية، وذلك لما لها من قيمة كبيرة لدى المسلمين، وتاريخ عريق مرتبط بالنبي الكريم. وقال المؤرخون إن أصل البقيع في اللغة هو كل مكان فيه «أُرُومُ الشجر» من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العوسج، مبينًا أن بقيع الغرقد من أهم المعالم المهمة والمأثورة منذ عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى الآن، إذ يحتضن الصحابة والتابعين، وأول من قبر هناك من المهاجرين عثمان بن مظعون -رضي الله عنه. وأوضحوا أيضًا أن بقيع الغرقد لم تكن المقبرة الوحيدة في المدينةالمنورة قبل الإسلام، بل كانت هناك عدة مقابر متفرقة في المدينة وما حولها، ولم يكن البقيع ذا شأن عن غيره، حتى اتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم مقبرة للمسلمين، مفيدًا بأن الأحاديث النبوية بينت أن اختيار موقعه جاء من عند الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وأضافوا أن اختيار موقع مقبرة البقيع كان من قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث النبوي، عن أبي رافع -رضي الله عنه- قال: كان رسول - الله صلى الله عليه وسلم- يرتاد لأصحابه مقبرة يدفنون فيها الأموات، وطلب نواحي المدينة وأطرافها، وقال: «أمرت بهذا الموضع» يعني البقيع، فكان أمر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم باتخاذ البقيع مقبرة للمسلمين أكبر فضل له وقد تعهدها الرسول الكريم بالزيارة. ويتعاهد المسلمون على زيارة مقبرة البقيع في كل عام وموسم لزيارة المدينةالمنورة، يأتون إليها ويدعون لأهلها، مشيرًا إلى أنه من الصحابة والصحابيات الذين عرف مواقع دفنهم فيها مثل: قبور بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته، وزوجاته، وعماته رضي الله عنهن جميعًا.