الأسبوع الثاني من شهر رمضان الكريم، ومازلنا نعيش يوميا مع الدراما الرمضانية، والاعلانات التي لا تقل اهمية عن الدراما، فبين كل مشهد، ومشهد من المسلسلات يطل علينا كما هائلا من الاعلانات، والتي تحتاج إلي صفحات طويلة لتحليل ما تتضمنه من رسائل ترويجية لبيع منتجعات، ومنتجات متعددة، ورسائل لحشد التمويل من أجل التبرع لمستشفيات السرطان، والقلب وغيرها. استوقفني نماذج فجة لأربعة اعلانات خادشة للحياء، تخالف الاعراف، منها من يستخدم الاطفال بشكل مخالف يسيء لطفولتهم، وقد علمنا مؤخرا بانه تم او جاري وقف الاربعة اعلانات المشار اليها بواسطة جهاز حماية المستهلك. وجهاز حماية المستهلك هو الجهاز المنوط به متابعة، ومراقبة هذه الاعلانات، واتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها، حيث انها لا تندرج تحت الابداع بل تعد اساءة بالغة للمجتمع المصري، لتضمنها إيحاءات جنسية، فضلا عن تضمنها لمعلومات خاطئة عن بدائل الغذاء الطبيعي للأطفال. ونثني علي التحرك السريع لجهاز حماية المستهلك، واعتبار هذه المخالفات فرصة للإسراع بعرض مسودة التعديلات المطلوبة علي قانون حماية المستهلك المعمول به الان، وهو القانون رقم 67 لعام 2006، والذي يشوبه الكثير من العوار، لأنه لم يكفل حماية المستهلك بالشكل اللائق. وبجانب هذه الاعلانات نجد اعلانات أخري اعتبرها مسيئة أيضا تتاجر بمرضي السرطان، وتستغل مرضهم لحث المشاهدون علي التبرع لمساعدة المرضي، الهدف في حد ذاته له وجه لهدف نبيل، وهو تشجيع التبرع والتكافل من خلال توجيه الذكاة لعلاج المرضي، والوجه الاخر غير المحمود هو ما يشعر به مرضي السرطان، واسرهم من الم اثناء مشاهدة هذه الاعلانات التي تدخل كل بيت لاسيما في شهر رمضان! لم يفكر القائمون على هذه الاعلانات في كم الالم والعذاب النفسي الذي يشعر به مرضي السرطان واسرهم، ولم يفكرون أيضا في ان معظمهم يفضل تغيير المحطة لتجنب الاستماع إلى الحوار القاسي المؤلم، ومشاهدة المرضي المتألمين! هناك العديد والعديد من الافكار والاساليب التي تساعد علي حشد التمويل، وتشجيع الجمهور علي التبرع لدعم الخدمات الانسانية، فنجد علي سبيل المثال الرائع السير مجدي يعقوب المصري المحترم في اعلان ارسم قلب يظهر فيه مجموعة رائعة من الفنانين المتطوعون، ومعهم الانسان مجدي يعقوب بابتسامة من القلب، الابتسامة لا تستغرق دقائق ولكن تصل إلى قلوب الملايين بمنتهي البساطة، لصدق وبساطة الاعلان والقائمين عليه. لا يمكن ان يختلف احد علي الرسالة والابداع الذي يظهر عظمه العمل، بشكل انساني راقي لا يهين مريض، ولا يجرح مشاعره ولا مشاعر أسرته! ونحن في هذا المقام لا يمكن ان ننسي ايضا جمعية اهل مصر للحروق، وما تبذله من جهد حثيث مخلص علي الرغم من كونها جمعية وليدة، مازالت في بداية طريقها، الا ان صدق القائمون عليها يظهر في الاعلانات الترويجية المحترمة مثل اعلان شوف بقلبك، وهو أيضا اعلان يجسد الهدف المنشود، لتقديم خدمة محترمة لضحايا الحروق بشكل راقي، لمسناه ايضا في تنظيم الجمعية لحفل فني رائع لصالح مستشفى الحروق، وذلك باستضافة صاحبة الصوت الملائكي الفنانة ماجدة الرومي تحت سفح الهرم في مشهد رائع يظهر حضارة وجمال مصر. الاعلام والاعلان رسالة سامية، وسلاح ذو حدين قد تؤتي هذه الرسالة بثمارها بشكل إيجابي، او شكل سلبي من كافة الزوايا، فيظن البعض ان التبرع سيضيع في اعلانات ومؤتمرات وحفلات لا جدوي لها، لا تصل للفئة المستهدفة. هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في الاعلانات، ومصداقيتها ووقعها علي الفئة التي يتم مخاطبتها أخذا في الاعتبار التنوع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للجمهور، واغتنام فرصة شهر رمضان بشكل إيجابي!