قبل إنطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بأسابيع، وتحديداً فى شهر ابريل الماضى، خرج علينا الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم، متحدثاً عن ان الوزارة استعدت تماماً للإمتحانات، وان هذا العام لن يشهد اى تجاوزات مضيفاً ان وزارته اتخذت مجموعة من الإجراءات حرصاً على سير الامتحانات فى جو من الأمن والنظام. وشدد "الهلالى" على ان الوزارة لن تكشف خطتها لغشاشي الثانوية العامة، حتى ينالوا العقاب اللازم، مؤكداً أن الوزارة قامت بتشكيل فريق لمكافحة الغش الإلكتروني بامتحانات الثانوية العامة، كذلك التشديد على تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2015 والذى حدد عقوبة الحبس والغرامة التى لا تزيد على 50 ألف جنيه لمن ينشر أو يذيع أو يروج أسئلة أو أجوبة تخص أعمال الامتحانات. على الرغم من تلك الإستعدادات، إلا أن إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" ضربت بها عرض الحائط لانه بعد مرور نصف ساعة على امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي، نظام حديث ، نشرت صفحة «شاومينج بيغشش الثانوية العامة»، صورة الامتحان، كما نشرت نموذج إجابة الامتحان، الذى وضعته وزارة التربية والتعليم ، وقالت الصفحة فى "تحدِ سافر للدولة" انها تهدى الامتحان لوزير التربية والتعليم. «شاومينج» في الأعوام الماضية كانت تكتفي بنشر الامتحان فقط، ومعه إجابات للأسئلة، إلا أن العام الحالي، فى تطور جديد لها، نشرت الصفحة الإجابة النموذجية للأسئلة، كما سربت نفس الصفحة امتحان التربية الدينية الذى كان مقرراً عقب امتحان اللغة العربية وذلك قبل موعده بساعة كاملة مما دفع وزارة التربية والتعليم، لإلغاء الامتحان. من المؤكد أن إلغاء امتحان التربية الدينية يُعد إهداراً فى الأموال، وهى تكلفة طبع أوراق الامتحان الملغى، وتكلفة طبع أسئلة الامتحان الجديد، ومصروفات للجان والمراقبين والتأمين الخارجى، ومجهود مضاعف على الطلاب الذين سيؤدون الامتحان بعد الانتهاء من أداء جميع المواد. فضيحة أخرى تمت امس عندما تداول رواد "فيس بوك" صورة لطلاب الثانوية العامة بإحدى اللجان يقومون بالغش الجماعى فى بعض المحافظات ، وايضاً شوهد عدد من أولياء الأمور يقومون بإرسال اجابات امتحان اللغة العربية لابنائهم عبر الواتس، مما يؤكد ان هناك طلاباً يدخلون اللجان وبحوزتهم الهواتف المحمولة الخاصة بهم، وهى سقطة كبرى للدولة، ولنظام التعليم الهزيل. إن تسريب الامتحانات على "الفيسبوك" وكذلك وجود حالات الغش الجماعى داخل اللجان ماهى إلا ظواهر تهدد الأمن القومى، والنظام التعليمي بشكل كامل، وتنذر بكارثة في المستقبل، حيث يمكن لهؤلاء الطلاب الغشاشين الحصول على مجاميع مرتفعة، تمكنهم من دخول كليات القمة، على حساب الملتزمين، تكون من نتيجته ظلم فادح للمجتهد ، تجعله ناقماً على الدولة، ومؤسساتها، فى ظل نظام تعليمى فاسد وردئ. السؤال الذى يطرح نفسه .. ماذا سيحدث فى باقى المواد التى من المقرر ان يؤدى الطلاب امتحاناتها اليوم، وخلال الايام القادمة؟ .. أؤكد استمرار تسريبها، اذا لم تتصدى كافة مؤسسات الدولة لصفحات التسريب بكل قوة، وكذلك سوف تتواصل ظاهرة الغش الجماعى اذا لم يتم الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه الإخلال بنظام الامتحانات داخل اللجان. اذا لم يتم اتخاذ الإجراءات التى من شأنها استعادة هيبة الدولة وحسن سير نظام الامتحانات فى أسرع وقت، أستطيع التأكيد على ان تصريحات المسئولين عن وزارة التربية والتعليم ماهى إلا كلام للشو الإعلامى فقط لاغير، وهؤلاء يجب محاسبتهم وإقصاؤهم فوراً من مواقعهم طالما باتوا عاجزين عن التصدى لتلك التجاوزات. وإذا كنا نلقى باللوم على وزارة التربية والتعليم والدولة فى انتشار ظاهرتى تسريب الامتحانات والغش الجماعى، إلا اننى لن أغفل قيام أولياء الأمور بمحاولات مستميتة لتغشيش ابنائهم داخل اللجان، مع انه من المفترض ان يكون هؤلاء قدوة للأبناء، لكن لاننا فى مجتمع فقد كل مقومات الأخلاق والسلوكيات الحميدة وابتعد عن كافة القيم النبيلة، جعلنا نشاهد تلك الظاهرة المؤسفة، البعيدة كل البعد عن القيم والتعاليم الدينية الصحيحة.