* قضاة وقانونيون: الجلسات العرفية ليست بديلا عن القضاء.. وأحكامها لا تمثل القانون * مسموح بها فى النزاعات المدنية.. ومرفوضة كليا فى الجرائم الجنائية تساؤلات عديدة بدأت تتردد فى الأوساط السياسية والشعبية حول الجلسات العرفية والأحكام الصادرة عنها، وبدأت التساؤلات تدور، هل أصبحت بديلا عن القضاء؟ أم أنها باتت بالفعل قضاء موازيا؟ وما مدى صلابة وقوة أحكام هذه الجلسات؟ وهل هي متوافقة مع القانون أم لا؟ قضاة وأساتذة قانونيون أكدوا أن جلسات الصلح فى الصعيد والبدو، والتى تصدر أحكامها من شيوخ القبائل لحل الصراعات وحقن الدماء، ليست بديلا عن القانون، وهي نوع من المصالحة الودية غير الملزمة للدولة، مطالبين بتفعيل القوانين لوضع حد لهذه الصراعات الدموية وتحجيم دور الجلسات العرفية. الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، أكد أنه لا مانع من الجلسات العرفية شريطة ألا تكون قضاءً موازيا وبديلا للقانون، واصفا إياها بأنها "مصالحة ودية تقيم المودة والتسوية، ويكون هدفها الحرص على العلاقات الودية بين الأفراد فى موقع الأحداث، والوصول إلى نوع من الترضية". وقال السيد إن الجلسات العرفية وأحكامها لها اصل فى فلسفة القانون وتاريخه، وهى السعى أولا إلى التصالح بين المتنازعين وإقامة العلاقات الودية، مؤكدا أن التصالح هو تنازل مشترك بين الأطراف. وحول قانونية هذه الأحكام العرفية، أكد الفقيه الدستورى أنها ليست بديلا عن القانون، لأن حق الدولة فى العقاب قائم، حتى لو تصالح طرفا النزاع فى قضايا القتل، فالترضية لا تصلح فى الجناية. وأشار إلى أنه فى حالة ضخامة الجرم وسقوطأ برياء، فإن الدولة بكل أجهزتها تاخذ إجراءاتها العادية، ويصبح الحكم العرفى تحت نظر النيابة العامة أو المحكمة والتى تقدر مدى تأثيره على حل الأزمة، فقد تأخذ به وتصدر حكما بتخفيف العقوبة، وقد تتجاهله وتصدر حكمها فى الدعوى حسب ما نص عليه قانون العقوبات. من جانبه، أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن مصر دولة ديمقراطية قائمة على القانون ومؤسسات الدولة، وأن الجلسات العرفية وأحكامها ليس لها سند قانوني أو دستورى، ولن تكون فى يوم من الأيام قضاءً موازيا، لأن ذلك معناه انهيار الدولة وغياب العدالة. وقال الجمل إن جلسات الصلح التى تلجأ إليها العائلات والقبائل فى الصعيد وبعض المناطق الصحراوية عن طريق شيوخ القبائل أو المحكمين العرفيين، لا أساس لها من القانون ولا يعتد بها من منظور القضاء حتى لو تنازل الطرفان عن حقهما أمام القاضى بسند كتابى، لأن القانون المصرى لا يعترف مثلاً بمفهوم دفع الدية فى جرائم القتل لأهل القتيل، ويشترط تنفيذ العقوبة على المتهمين، وأن يأخذ القانون مجراه على الجميع. وأضاف أن المطلوب الآن أن تخضع أحكام وقرارات الجلسات العرفية لرقابة القضاء وعدالته. وأوضح أن القضاء العرفى ليس له حق فى الفصل فى القضايا الجنائية والتى ينتج عنها سقوط أرواح ودماء، وهذا من اختصاص القضاء الجنائى، والذى يضمن حق المجتمع فى جزاء رادع لكل من تسول له نفسه إرهاب المواطنين واستباحة دمائهم. وأشار رئيس مجلس الدولة الأسبق إلى أن الجلسات العرفية قد تفصل فى قضايا مدنية، لأن العقد شريعة المتعاقدين، وغير ذلك يعد مخالفا للقانون والدستور، شريطة أن تعرض الأحكام العرفية على القضاء للفصل فيها.