أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية "الدائرة الأولى بالبحيرة" برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، على إلغاء امتحان جميع المواد واعتبار الطالب راسبا عاما كاملا لكل من يقوم أو يشارك بأية وسيلة إلكترونية أو هاتفية في تسريب الامتحان بقصد الغش أو محاولة الغش، وأنه لا يجوز أن تتراجع الدولة عن وضع التعليم على رأس أجندتها كمدخل للتنمية الوطنية. وقالت المحكمة إن "الدولة ملزمة بالهيمنة على عناصر التعليم الرئيسية ولا يجوز أن يكون موقفها منه سلبيا أو متراجعا أو محدودا، ولا يجوز أن تنفصل البرامج التعليمية عن أهدافها ولا تنعزل عن بيئتها ولا يكون استيعابها لحقائق العصر قاصرا، بل يتعين أن تمد بصرها إلى ما وراء الحدود الإقليمية اتصالا بالآخرين". ووصفت تسريب الامتحانات والغش الجماعي بأنه "كارثة تربوية وأخلاقية وتعليمية بسبب الفشل الذي أصاب دور المعلم وإدارة المدرسة والطلاب وأولياء الأمور"، ونبهت إلى أن "منظومة التعليم في مصر في خطر جلل، مما يستلزم استنهاض همم الأجهزة التعليمية والتنفيذية والتربوية لتغيير النظام التعليمي واتباع الطرق الحديثة غير التقليدية لوضع الامتحانات لتبتعد عن التلقين وتقديم المناهج بما يناسب روح العصر". وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة، نائبى رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار الجهة الإدارية فيما تضمنه من إلغاء جميع مواد امتحان العديد من الطلاب بالصف الثالث الثانوى بالبحيرة في العام الدراسي 2014/2015، لقيامهم بتسريب الامتحان والغش الجماعي في مادة اللغة الإنجليزية، واعتبارهم راسبين في ذلك العام في جميع المواد وألزمتهم المصروفات. وترجع وقائع القضية إلى قيام أحد الطلاب - حينما تم توزيع أوراق الأسئلة في مادة اللغة الإنجليزية باللجنة - بإلقائه الورقة من نافذة اللجنة ليتلقاها زميله بحوش مركز الشباب المجاور للمدرسة، وبعد نصف ساعة دخل الأخير ومعه ورقة الأسئلة عدة نسخ ومجابا عليها لتسليمها لزملائه الآخرين، وعندما تم اكتشاف أمرهم قاموا بالاتصال بأولياء أمورهم الذين أبلغوا الشرطة بالواقعة بالمحضر رقم 3244 لسنة 2015 إدارى المحمودية لإرهاب رئيس اللجنة، ثم أحيل الموضوع إلى التحقيق، وانتهت الجهة الإدارية إلى إلغاء جميع مواد الامتحانات للطلاب واعتبارهم راسبين. واختتمت المحكمة حكمها عن رسالة التعليم بقولها إن "رسالة التعليم هي علاقة بالغة الأثر عظيمة الشأن لا يقتصر نطاقها على أطراف العملية التعليمية وحدها، وهي المؤسسات القائمة على التعليم والطالب والمعلم، بل يمتد ذلك النطاق ليشمل الأسرة أيضا ولكل طرف دور يؤديه في إطار تلك الرسالة السامية حتى تؤتي ثمارها، فتنتج جيلا قويما متسلحا بقوة العلم ودرع العلم والأخلاق، وأن العملية التعليمية يصادفها من المشكلات والعوائق ما يحول دون تحقيقها لأهدافها، وأهم تلك العوائق ظاهرة الغش في الامتحانات التي أخذت في التنامي في الأعوام الأخيرة بعد أن تغيرت القيم السائدة في المجتمع، وأصبح ما كان مذموما في الماضي سلوكا مقبولا وعاديا لدى البعض، بل وتولد الإحساس لدى الطالب بأن الغش هو حق له لا يجب التنازل عنه، وساعد على ذلك معاونة الأهل أحيانا لأبنائهم على ارتكاب تلك الجريمة والتي وصلت إلى حد استخدام العنف في بعض الأحيان لمساعدة أبنائهم على ذلك، فى صورة تجسد ترديا فى القيم الأخلاقية". وانتهت إلى أن القرار المطعون فيه بإلغاء امتحان جميع المواد لهؤلاء الطلاب واعتبارهم راسبين فى العام الدراسى 2014/2015 لقيامهم بتسريب الامتحان والغش الجماعي صدر صحيحا ومتفقا مع حكم القانون وقائما على سببه المبرر له.