الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، فرضه الله سبحانه على المسلم المستطيع بقوله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»، {آل عمران: 97}، فهو من أفضل الأعمال والقربات عند الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ»، رواه البخاري، ومسلم. ومواقيت الإحرام هي خمسة بتوقيت النبي -صلى الله عليه وسلم- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا». وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق ولم يبلغ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هذا الحديث فحدد لأهل العراق ذات عرق، فيجب على الحاج أن يحرم منها ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدا مكة يريد حجا أو عمرة، سواء كان مروره عن طريق البر أو البحر أو الجو والمشروع لمن توجه إلى مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة. أما ذو الحليفة: فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي لأهل المدينة، ولمن مر به من غير أهل المدينة. وأما الجحفة: فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية، وصار الناس يحرمون بدلا منها من رابغ. وأما يلملم: فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى اليوم: السعدية وبينه وبين مكة نحو مرحلتين. وأما قرن المنازل: فهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة، ويسمى الآن: السيل الكبير، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين. وأما ذات عرق: فهي مكان في طريق أهل العراق إلى مكة، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضا. فأما الأربعة الأولى؛ وهي ذو الحليفة، الجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، فقد وقتها النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ذات عرق، فقد وقتها النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أهل السنن من حديث عائشة رضي الله عنها، وصح عن عمر رضي الله عنه أنه وقتها لأهل الكوفة والبصرة حين جاءوا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرنا، وإنها جور عن طريقنا، فقال عمر رضي الله عنه: انظروا إلى حذوها من طريقكم . ويرتكب بعض الحجاج خطأ كبير أثناء الإحرام وهو مجاوزة الميقات دون أن يحرم منه حتى يصل إلى جُدَّة أو غيرها من داخل المواقيت، فيحرم منها، وهذا مخالف لأمر رسول الله بأن يحرم كل حاج من الميقات الذي يمر عليه ، فعلى من وقع منه ذلك أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه، فيُحرم منه إن تيسر ذلك، وإلا فعليه فدية يذبحها في مكة ويطعمها كلها للفقراء، سواء كان قدومه عن طريق الجو أو البر أو البحر.