هل سيظل قدر العرب وأرض الإسلام والمسلمين هو الاحتلال؟ صهيوني مرة وصفوي آخر بعد فترة من الاستقلال الوهمي؟ هل يظل العرب دوما تحت رحمة ضربات الحروب والمذهبية الفتاكة ومشاريع فكرية مشبوهة؟ لا يمكن التقليل من حجم وخطورة التحديات التي يشكلها تنظيم الدولة وتشكلها باقي التنظيمات المسلحة في العالم العربي، فهذه مسألة باتت محسومة ولا يمكن النقاش فيها لكن ومع الاعتراف بهذه الحقيقة فإنه يجب إدراك أنْ لا مقارنة إطلاقا بين تهديدات هذا التنظيمات لهذه المنطقة وبين تهديدات إيران التي تمس الجوانب الاستراتيجية، والتي تستهدف مكانة العرب السنة في المعادلة السياسية الشرق أوسطية. إن المقصود هنا هو أن «داعش» ظاهرة مصيرها الزوال لا محالة نظرا لأنها تنتهج طريقا غير واضح في إقامة كيان إسلامي صحيح بل ما تفعله كله ضد الإسلام، وبدلا من نشر إسلام الهداية والرحمة نشرت إسلام الذبح والرعب وإن كنت مخطئا وإن الإعلام الغربي هو الذي يروج عنها هذا، فكيف وهي تملك أدوات إعلامية كبيرة، ورغم ذلك نقول وبكل وضوح إن الجمهورية الفارسية المسماة زورا وبهتانا إسلامية هي الأخطر على العرب. أما بالنسبة لإيران، فإن الأمور أكثر تعقيدا وأكثر خطورة فهي أصبحت لها يد كبيرة عمليا داخل أربع دول عربية هي العراقوسوريا ولبنان بحدود معينة واليمن، والأخطر، وهذا معلن ومعروف ولا يستطيع أي كان إنكاره، هو أن هذا التمدد الإيراني قد ترتبت عليه تغييرات «ديموغرافية» خطيرة جدا، وبحيث أصبح الخيار إما الاستسلام للإرادة الإيرانية والتسليم بالأمر الواقع، وإما القبول بالتقسيم المذهبي الذي أصبحت خطوطه العامة واضحة كل الوضوح. في تصريحات من وقت قريب اعتبر مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، أن بلاده أصبحت امبراطورية، وأن بغداد عاصمتها، وهاجم معارضي النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرا أن كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية، وداعيا في الوقت نفسه إلى قيام اتحاد إيراني، وشدد يونسي على أن "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، مشيرا بذلك إلى عهد الامبراطورية الفارسية الساسانية التي سيطرت على العراق، واتخذت من المدائن عاصمة لها. بالإضافة إلى أن تحركات قاسم سليماني بين حلب ودمشق وجبهات القتال في سوريا وبين بغداد وتكريت وديالى وجبهات القتال في العراق، معناه أن إيران هي صاحبة الحرب وهي صاحبة القرار في هذين البلدين العربيين، وهي في حقيقة الأمر كذلك، ولا يجب أن ننسى أن الاتفاق النووي والتوافق الأمريكي – الإيراني على استبدال المقاطعة بالشراكة، سيحييان روح الامبراطورية الفارسية لدى حكّام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد يكون ذلك مقابل تنازلات أمريكية بالعراق. وكشفت الخطوة المفاجئة التي أفصح عنها التقرير السنوي الصادر عن جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الأمريكية، برفع إيران وحزب الله اللبنانى، من "قوائم الإرهاب"، عن أن هناك دورا قويا لهم في المنطقة في الفترة المقبلة، خاصة أن المعطيات على الأرض في العراق أن الولاياتالمتحدة توفر عبر الجو وعبر مستشاريها العسكريين على الأرض كلّ الدعم للميليشيات الشيعية التي تتبع إيران. وتفيد المعلومات بأنّ الولاياتالمتحدة تتشارك مع إيران في المعلومات الاستخباراتية حول مواقع مقاتلي "داعش"، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر، وذلك عبر حلفاء طهران في النظام العراقي الحاكم. غريب أمر بعض الحكام العرب، بينهم من شاركوا في تدمير العراق، وكل المعطيات حينها تؤكد أن إيران ستتقوّى إلى درجة لا يمكن وصفها، وقد حدث!! إن الأنظمة العربية التي استغبتها أمريكا ستشرب من علقم الصفويين حتما، بعدما أعطى الغرب لهم دورهم المعلن من خلال الاتفاق النووي، وقد لا يجد العرب أمامهم سوى الرضوخ لتقاسم النفوذ والأدوار بما يخدم مصالح غيرهم على حساب مصالحهم.