فكرت السائحة الفرنسية مارجو بينيه مرتين قبل أن تركب الطائرة المتجهة إلى مدينة مراكش المغربية. كان ذلك بعد أيام من مقتل 38 سائحا بأيدي مسلحين متشددين في تونس. وبعد أن أمضت هي وزوجها وطفليهما أسبوعا تقريبا في مراكش والعاصمة الرباط وبلدات مغربية أخرى دون وقوع حوادث تعتقد مارجو أنها اتخذت القرار الصائب. لكن زائرين محتملين آخرين ربما لا يكونون مقتنعين بالقدر ذاته بأن شواطيء المغرب وجبالها ومواقعها التاريخية آمنة من هجمات المتشددين بعد المذبحة التي ارتكبت على شاطئ تونسي في يونيو حزيران. ويعد سجل الأمان في المغرب من بين الأفضل في شمال أفريقيا لكن العاملين في مجال السياحة يشيرون إلى انخفاض كبير في معدلات الحجز منذ هجوم تونس. ويخشى العاملون من أن السياح لا يميزون بين البلدين في المنطقة. وقال أوليفييه زوج مارجو فيما كانت الأسرة تزور جامع حسان التاريخي في الرباط "عندما يتعلق الأمر بالأطفال فإن الشعور بأنك تعرضهم للخطر مروع... لكن الإرهاب قد يضرب في أي مكان بما في ذلك في الدول الأوروبية." وقبل مجيئهم خاضت الأسرة نقاشا طويلا مع مرشدهم السياحي ومع أقارب وأصدقاء بشأن إجراءات السلامة في المغرب الأمر الذي يبرز القلق من أن مناطق أخرى يفد إليها السياح في شمال أفريقيا قد تتحول لأهداف لمتطرفين إسلاميين. وتضرر قطاع السياحة في تونس بسبب هجومين لمتشددين في ثلاثة أشهر استهدف الأول متحف باردو في العاصمة في مارس آذار حيث قتل 20 سائحا أجنبيا في حين استهدف الثاني منتجعا بمدينة سوسة في يونيو حزيران حيث كان معظم الضحايا بريطانيون. ومثلما هو الحال في تونس فإن قطاع السياحة في المغرب هو مصدر أساسي وحيوي للعملة الصعبة ولتوفير الوظائف التي تعزز الاقتصاد. وقال فريد كرداد وهو مالك فندق رياض المعطي في وسط الرباط "منذ الهجوم الأخير في تونس جاءتنا العديد من الإلغاءات وليس لدينا أي رؤية بالنسبة للشهور الثلاثة الأخيرة." والرياض هي منازل مغربية تقليدية تحولت مع مرور الوقت إلى فنادق. وقال عمر القباج مدير شركة انترديك ماروك التي تملك أربعة من أكبر الفنادق في المغرب بينها فندق حياة ريجنسي في الدار البيضاء إن ما يحدث في تونس وغيرها يؤثر بالطبع على المغرب مشيرا إلى انه يقدر الانخفاض في عمليات الحجز منذ هجوم منتجع سوسة بواقع 30 في المئة. وأضاف إنه يتحدث فقط عن حجوزات السائحين الفرنسيين وأن من السابق لآوانه معرفة الجنسيات الأخرى. - المتشددون يقوضون دعائم الاقتصاد يمثل السائحون الفرنسيون أكثر من 40 في المئة من عشرة ملايين سائح يجتذبهم المغرب سنويا. وتحقق السياحة إيرادات تقترب من نحو ستة مليارات دولار في السنة أي ما يعادل ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال وزير السياحة المغربي لحسن الحداد لرويترز إن من السابق لآوانه تقديم أرقام عن تأثير هجوم تونس. وأضاف ان المغرب لم يشهد عمليات إلغاء كبيرة للحجز في الوقت الراهن لكن الصورة ستتضح في الأسابيع المقبلة. وعانى قطاع السياحة المغربي بالفعل على مدى العام المنصرم منذ ذبح متشددون إسلاميون سائحا فرنسيا في الجزائر في سبتمبر أيلول والهجوم الدموي الذي نفذه متشددون إسلاميون على صحيفة شارلي إبدو في باريس في يناير كانون الثاني ومذبحة متحف باردو في مارس آذار. وتراجعت إيرادات السياحة في المغرب بواقع 6.6 في المئة في النصف الأول من 2015 لتصل إلى 24 مليار درهم (2.45 مليار دولار) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي حيث بلغت الإيرادات 26.13 مليار درهم. وتعتبر منطقة شمال أفريقيا عرضة لعنف المتشددين في ظل وجود آلاف من الشبان لاسيما من المغرب وتونس يقاتلون مع الجماعات المتشددة في العراق وسوريا ويهدد بعضهم بشن هجمات بمجرد عودتهم لمواطنهم. ووضع المغرب أجهزة الأمن في حالة تأهب قصوى منذ يوليو تموز من العام الماضي وكثيرا ما يعلن القضاء على خلايا لمتشددين إسلاميين متهمين بالتخطيط لشن هجمات داخل وخارج المملكة. وعانى المغرب من هجمات نفذها مسلحون يشتبه بأنهم إسلاميون لكن آخرها كان منذ أربع سنوات في مراكش عندما فجر انتحاري إسلامي نفسه في مقهى سياحي شهير مما أدى إلى مقتل 15 شخصا. وقال الحداد إن الأمن أصبح أمرا بالغ الأهمية فيما يتعلق باختيار المقصد السياحي مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية في المغرب تعمل بلا كلل لحماية الساحئين والمواطنين المغاربة." واضاف الحداد أن السلطات تنفذ نظاما أمنيا لحماية المواقع الاستراتيجية والسياحية.