سلوك الفاسدين كلمة تفتح لدينا العديد من التساؤلات للتعرف على التركيبه التى تكون نفسية وضمير الفاسد وأعنى هنا بالفساد الفساد فى أماكن العمل حيث يندرج أسفل كلمة الفساد مجموعه من الإعاقات النفسية والإجتماعية والأخلاقية التى تعود بالمفسد الى تنشئتة الأولى ومنظومة القيم والأخلاق التى تربى عليها منذ نعومة أظافره. ونجد أن كلمة الفساد يندرج أسفلها مجموعه من أمراض المال منها ما يطلق عليه الراشى والمرتشي وسلوك النصب والاحتيال على المال، والمرتشي هو من يستغل موقعه الوظيفى للتربح وهو ما يقدم للمرتشي من الراشى فى صورة مال أو ثروة أو ملكية أو خدمات أو هدايا لفرد أو عدة أفراد لحثه أو حثهم على التصرف بشكل غير أمين يخلو من النزاهه والشرف وهناك مجموعه من الأسباب النفسيه والأقتصاديه لسلوك الرشوة منها الفقر والاحتياج ، وغلاء الأسعار وتحول نظام القيم فى المجتمع الى القيم الأقتصاديه. وأيضاً نقص فرص الاختيار والوسائل المشروعه لتحقيق الأهداف ، اللامعياريه وأضطراب منظومة القيم ، والأفتقار الى الضمير المهنى ، وعدم فهم الدلاله الأخلاقيه للعمل. صحيح أن مجموعة العوامل السابقة عوامل مساهمة لدى بعض الأفراد من ضعاف النفوس وتلعب الدور الأكبر فى تسهيل الدافع النفسي لسلوك المرتشي ، ولكن يرجع الدور الأكبر والأهم الى العوامل النفسيه التى تشكل البناء النفسي للمرتشي، والتى تعمل عملها منذ الطفولة، فمن أهم دوافع سلوك الرشوة ما يتصل بالثواب والعقاب وأسلوب المكافأه، وهو ما يغيب عن النظام المؤسسي فى مصر. فنجد هناك غيابا تاما لمعاقبة من أخطأ وأصبح من يعتلى وظيفه مهما كانت تلك الوظيفه أصبح بلارقيب أو حسيب، غياب لردع المخطئ ومكافأة السلوك الإيجابى وهذا ما أدى الى تدهور الجهاز الإدارى فى الدوله لسنوات وسنوات طويله دون وضع ضوابط للسلوك البشرى. فسلوكنا البشرى يشكل من خلال الثواب والعقاب مما يدفع المخ إلى تكوين مسارات عصبيه تسهل القيام بردود أفعالنا وفقاً لتركيبة المسارات العصبيه التى تشكلت وفقاً للبيئة التى تشجع سلوك ما أو تمنع وتدحض سلوك ما غير مرغوب فيه. وكلما كان العقاب أو الثواب فورى كلما تأصل السلوك المرغوب فيه فى أداء مهامه ، ونجد أن الوالدين عندما يقدما مكافأه للطفل بمجرد أن ينتهى من نشاط غير مرغوب فيه ، فيتعلم الطفل بعد ذلك أن السلوكيات والأنشطة السيئة المنفرة هى التى تؤدى الى المكافأة ، فلا ينمو لديه سلوك حل المشكلات بل ما ينمو لديه هو سلوك الرشوه. وبالقياس على المرتشى نجد أن الراشى يقدم له الثمن فور أداء العمل أو قبل أتمام العمل فى الغالب مما يدعم ويؤسس لتأصيل سلوك الرشوة لديه دون عقاب وظيفى يناسب درجة الجرم الذى قام به. وكثيرأ ما شغلنى كمتخصص فى ملاحظة سلوكيات الناس بحكم عملى كباحث فى النفس البشريه سلوك المرتشي فى أماكن العمل وتميزة بالمال والثراء عن بقية زملاؤه الشرفاء ، وأجد الكثير ممن يطلق عليه عبارات تمجد فيه فيطلق عليه البعض مخلصاطى ، أوالمنجد ، أوممشي نفسه ، أوجرئ ، أوشاطر بيخلص على طول ، وغيرها من العبارات التى تدعم من سلوكه. ونجد نظرة الناس له من البسطاء كما لو كان المنقذ أو المخلص أو المنجد من ويلات البيروقراطيه والأنتظار لساعات بل أحيانا لأيام للحصول على الخدمه المنوط بها ذاك الموظف. وأجد أن الوقت قد حان ونحن نعمل معا لبناء مصر الجديده بكل ما تحمله الكلمه من معنى، الوقت قد حان لتدافر جميع الجهود داخل مؤسساتنا وأجهزتنا الحكوميه والأهليه فى كل مكان على أرض مصر أن نطبق سياسة الثواب والعقاب مع أسترجاع القدوه والقيمه فى حياتنا ، فالثواب لكل من يعمل ويجتهد لخدمة هذا الوطن وإعلاء رايته. والعقاب لكل من يهدم ويفسد على أرض الوطن، والقدوة من خلال العودة لقيمنا الحميدة من خلال مؤسسة الأسرة ، والمدرسة ، والنادى ومركز الشباب، من خلال كتاب القرية، وشيخ الجامع، والقسيس فى الكنيسة، من خلال إعلام وطنى شريف يعلى كلمة الحق ويرسخ المبادئ الحميدة داخل المجتمع، من خلال مواطن حر مراقب جيد لما حوله يمنع الفساد والمفسدين على أرض وطنه يزرع فى أبنائه منظومة القيم الأخلاقية والضمير يعلمهم الممنوع والمرغوب من خلال القدوة والثواب والعقاب، أدعوا كل أبناء الوطن كلاً فى موقعه أن تتكاتف جهودنا للقضاء على منظومة الفساد والمفسدين فى الأرض لبناء مصر الجديدة، بصواعد أبنائها الشرفاء المخلصين ولتحيا مصر وليحيا كل مصرى شريف على أرضها.