أكد وو بينغ بينغ نائب مدير قسم اللغة والثقافة العربية فى جامعة بكين والمتخصص فى شئون الشرق الاوسط أن مصر تمثل جانبا هاما فى الاستراتيجية الصينية الجديدة التى ترتكز على ثلاثة محاور . وقال وو، فى حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط فى بكين اليوم، إن اول هذه المحاور هو بناء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن ال21، والثانى هو إقامة البنك الاسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، والثالث هو نقل القطاع الصناعى وخاصة الصناعات الثقيلة والهامة مثل صناعة الحديد والصلب والصناعات عالية التكنولوجيا وغيرها الى دول أخرى ، خاصة وأن السوق الصينية اصبحت متشبعة بالمنتجات الصناعية الثقيلة. واضاف انه بالنسبة للمحور الاول فموقع مصر الجغرافى فى قلب قارات أسيا وأفريقا وأوروبا يجعلها أحد مراكز الارتكاز بالنسبة لطريق الحرير، الذى تنوى الصين أن تجعله شريان حياة يمد القارات الثلاث بالتنمية والرخاء. وأما عن المحور الثانى وهو البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية المنتظر انشاؤه ، فقد طالب بينغ مصر بالا تتأخر فى اتخاذ قرار الانضمام اليه ، معربا عن اعتقاده بان مصر باتخاذها هذه الخطوة ستعزز العلاقات بينها وبين الصين بالاضافة الى انها ستعزز من وجودها فى آسيا. وبالنسبة للمحور الاخير من الاستراتيجية الصينية..قال بينغ إن مصر لديها من الامكانات ما يؤهلها لان تستقطب الكثير من القلاع الصناعية التى تنوى الصين نقلها فضلا عن امتلاكها الايدى العاملة التى من السهل تدريبها جيدا كما انه لديها خبرات تصنيعية كبيرة والموقع الاستراتيجى المتميز كمدخل للأسواق العربية والافريقية والاوروبية. ورشح بينغ مصر لتكون مركزا صناعيا كبيرا يستضيف الصناعات عالية التكنولوجيا وصناعات الطاقة الجديدة والمتجددة. وحول المخاطر المحيطة بمصر حاليا ، قال الخبير فى شئون الشرق الأوسط إنه يتوقع أن تتزايد المخاطر الارهابية فى المنطقة بسبب ما تموج به من أزمات ومشاكل أهمل علاجها لفترة طويلة مثل اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء والجهل..مشيرا الى أنه بنى توقعاته تلك على ما يراه الان على خريطة المنطقة من الحرب الاهلية فى سوريا وتفكك بعض الدول كالعراق وليبيا واليمن بالاضافة الى تأجج الصراعات الطائفية. وأشار الى أنه لهذا وبسبب كل تلك العواصف التى تجتاح المنطقة فان الصين تريد مصر الدولة أن تكون قوية لان قوة مصر هى التى ستقف فى وجه كل تلك الازمات ، ولانه بدون مصر القوية لن يكون هناك استقرار فى العالم العربى والشرق الاوسط ولن يكون هناك استقرار فى العالم كله. وقال وو بينغ بينغ إن هذه هى الحقيقة التى يعرفها الجميع فى الصين وفى روسيا وفى الولاياتالمتحدةالامريكية ، وتحدث عن الجهود التى يجب ان تبذل لمواجهة خطر الارهاب ، وأوضح أن هذه الجهود يجب ان تكون على عدة مستويات منها الدولى حيث يجب على الاممالمتحدة ان تتخذ قرارات أكثر قوة ضد الارهاب فى ليبيا وسوريا ، كما يجب على مجلس الامن أن يضطلع بمسئولياته نحو الازمتين بالاضافة الى واجب من المجتمع الدولى لتقديم المزيد من المساعدات الانسانية للضحايا الموجودين فى مناطق النزاع ، مطالبا الدول الكبرى بان تتحد مع مصر فى مواجهة الارهاب . وطالب وو العالم العربى بان يتحد ليجد الحلول السياسية للقضايا الهامة فى ليبيا والعر اق واليمن وفلسطين ، مؤكدا أن مصر كدولة معتدلة تسطيع أن تلعب دورا هاما فى هذا الصدد. وحول تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة ..أكد بينغ أن هناك حقيقة يعرفها الجميع ، وهى أنه لا يمكن التحاور مع الارهابيين او الوصول الى حلول سياسية معهم ، ولهذا فلا توجد الا طريقة واحدة للتعامل مع الارهاب وهى القوة.. ولكن يجب ان تكون هناك تفرقة بين الارهابيين وبين قوى المعارضة الشرعية. وأضاف أن الصين ستؤيد قيام قوة عربية عسكرية مشتركة تعمل لاجل حماية المنطقة العربية ومصالحها وللحفاظ على الامن والاستقرار الاقليميين ، بشرط أن تعمل هذه القوة بقرار من المؤسسات الدولية مثل الاممالمتحدة أو الجامعة العربية. وقال وو بينغ بينغ المتخصص فى شؤن الشرق الاوسط إن الدولة الصينية تفضل أن تتعامل دائما مع الدول القوية القادرة على مجابهة التحديات ، وأوضح أن الاختلاف بين الفكر الصينى والغربى يكمن فى هذه النقطة ، فالغرب يعتقد أن الديمقراطية هى الحل لكل شئ حتى ولو كانت على حساب أمن المجتمع والافراد وضعف الدولة ، أما الصين فترى أن المهم هو أن تكون هناك دولة قوية تستطيع حماية حقوق شعبها وحقوق المجتمع وأمنه واستقراره. وأكد ان وجهة نظر الصين جديرة بالاحترام لانها ترى انه يجب ان تكون هناك توازنات لإيجاد دولة قوية تستطيع أن تضمن الحقوق الفردية واستقرار الدولة ، وأشار الى أن الصين تؤمن أن التدخلات الخارجية هى التى تضعف الحكومات وتثير المشاكل بدلا من أن تقدم الحلول وأن الحل لأى مشكلة فى أى دولة يجب أن ينبع من داخلها ومن أهلها لانهم الاقدر من غيرهم على فهم أنفسهم وأحوالهم ولهذا فالصين تدعو دائما الى اللجوء للحوار وليس الخيار العسكرى لحل أى مشكلة. وبشان الوضع فى سوريا ..قال إنه يجب أن يكون هناك تفاهم مشترك بين روسياوالولاياتالمتحدة للوصول الى تسوية هناك ، وأيضا يجب أن يكون هناك تفاهم بين المعسكرين الكبيرين فى المنطقة وهم المعسكر الذى تتزعمه السعودية والذى يتضمن دول الخليج والاردن والمغرب ، وذلك الذى يتضمن تركيا والعراق وايران ، وقال إنه وبما أن مصر لا تنتمى لاى من المعسكرين فهى تستطيع بما لها من حكمة ودور تاريخى فى المنطقة ان تلعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر ، موضحا أن تركيا تريد أن تكون قائدا فى المنطقة لذا فهى تستغل اى فرصة مواتية مثل الحرب فى سوريا لتعزيز وجودها ونفوذها فى العالم العربى. وعن الموقف بالنسبة للقضية الفلسطينية قال إن أهم شئ هو توحيد الفصائل الفلسطينية لتكوين جبهة فلسطينية موحدة وقوية ، وأشار الى الدور الهام الذى يجب أن تلعبه مصر فى اى محاولة لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية . وأشار الى أن الصين تؤمن أن الفرص الجيدة تأتى دائما بعد المرور بالاوقات الصعبة ، وأوضح أن مصر بعد الاوقات الصعبة التى شهدتها مؤخرا تسعى للبحث عن حلول لنفسها وللمنطقة.. وأن مصر والاخرين فى المنطقة يحتاجون الى أفكار جديدة ثقافية وأمنية ودينية ، وأن مصر يمكن أن تشارك فى انشاء آلية للأمن من خلال التعاون مع دول المنطقة خاصة وانها دولة لها استراتيجياتها الخاصة وتمتلك امكانية خلق افكار جديدة ، خاصة وأن معظم المفكرين العرب قضوا جزءا من حياتهم فى مصر. وأوضح أنه فى وقت الازمات يبحث الجميع عن الحلول المبتكرة ، ومن هنا جاءت الدعوة فى مصر لثورة دينية عن طريق السعى للفهم الحقيقى للدين والبعد عن التطرف ، مؤكدا أن فكرة الثورة الدينية فكرة مبتكرة اثارت اعجاب الصين خاصة وأنها تنبع من جوهر الدين الاسلامى نفسه لانها تدعو التابعين له باعمال العقل والتطور ، ولهذا فيجب ان يكون المسئول عن تنفيذ هذه الثورة الدينية المؤسسات الراسخة المتخصصة فى الدين مثل الازهر الشريف ، لأنها الطريقة السليمة للقضاء على الفكر المتطرف. وعزا اقبال البعض فى المجتمعات الغربية على الانضمام للمتطرفين الى الافتقاد لثقافة احترام الاخر.. وقال إن ما حدث فى فرنسا من أنشطة ارهابية مؤخرا هو أكبر دليل على ذلك، مؤكدا أن عدم إحترام الاسلام الذى يظهره البعض من المتشدقين بالحرية - الذين ينسون او يتناسون دائما انه لا يوجد ما يسمى بالحرية المطلقة وأن اية حرية مهما كانت يجب أن يكون لها حدود - يثير غضب شباب المسلمين ، وقال إن هناك ايضا سببا للتطرف وهو فقدان الامل فى المستقبل، حيث يعانى الشباب من سوء مستوى المعيشة مقارنة باترابهم ، ولهذا يجب أن تكون هناك برامج جادة لانتشالهم من براثن الفقر ورفع مستوى معيشتهم.