أثناء مشاهدتي إحدى الحلقات التليفزيونية على واحدة من القنوات المدفوعة الأجر والتي تجتهد للهجوم على مصر بأي شكل وفي كل حدث وحدث، يطالعنا ضيوفهم من حملة الكلمات الصارخة والصوت العالي والضجيج المتكرر ليوجهوا الطعنات الرعناء والشعارات الجوفاء التي حفظوها عن ظهر قلب ضد مصر وقيادتها لتضمن لهم ظهورهم الإعلامي. وكان حديث الحلقة منصبا على محاور عدة حول العلاقات المصرية الروسية وكذلك الفرنسية، ولكن كالعادة تجاهل الضيف الإخواني محاور الحلقة وأخذ يتكلم عن الشقاق المجتمعي الداخلي وتبعاته! وغيره من السلبيات الواقعية الداخلية التي صنعتها أيديهم أنفسهم! وأخذ في إسقاطها بشكل مغالط تماما لواقعها على شخص الرئيس وأسلوب قيادته الحالية. وحقا لم أستطع متابعته عندما علا صوته الجهوري وبحركات يده العنترية عندما سأله مقدم البرنامج عن الحل لهذا الشقاق المجتمعي، وهنا احمرت عيناه واشتدت عروق رقبته وأجاب: "السيسي وحده هو صانع الشقاق وهو المسئول عنه ويجب أن يترك الحكم"!! وهنا وجدت نفسي أبتسم وأنا أسترجع مقتطفات من المشهد منذ بداية الشقاق وكيفما رأيته ورصدته عبر سنوات. ووجدت عقلي يلقي أمام عيني عشرات الصور.. صور الملايين الذين خرجوا عبر عام كامل في شوارع وميادين الوطن في مليونيات متعاقبة رفضا لحكمهم ومندوبهم وإرشادههم الحاكم. صور مشايخهم وهم يشعلون نيران الاستقطاب بيننا وبينهم.. هذا الاستقطاب الذي ابتدعوه ورسخوه في عقولهم وعقولنا ودفعونا به دفعا للفظهم ورفضهم والخروج عليهم.. صور الفشل المتلاحق بين يوم وآخر. وتعجبت من هذا التناسي والتجاهل المقصود للدور والحراك الشعبي الذي وضع باختياره حدا لفشلهم.. هذا الحراك الذي هو بداية التغيير ونهايته. وتعجبت من ذلك التكرار والتركيز الذي رصدته على ضيف الحلقة الجهجهوني في أن كل إجاباته عن كل سلبيات المرحلة يصبها في شخص الرئيس ويحملها على عاتقه، وفهمت أن تلك المنهجية التي سبق وشاهدتها على ألسنة صارخين آخرين على قنوات أخرى، هى منهجية واحدة مقصودة وخطة إعلامية قوامها اختزال كل الصراع في شخص القائد الذي وليناه، وتحميله عواقب وتبعات كل مستجدات الواقع اليومي، والبعد عن اختزال قضيتهم في شخص مرسي - هم والعودة بها لمربع الثورية الملتهبة. ووجدتني أتساءل عن غاية هذه المنهجية الفاشلة وذلك الاختزال عبر تلك القنوات السامة، والتي يشاهدها من يملك الوعي ومن لا يملكه، وهى منهجية مدبرة ومتفق عليها بينهم جميعا لترسيخ كل صعوبات المرحلة في شخص الرئيس ذاته، وبالتأكيد ضمن ظاهرة الزهايمر التي تخاطبنا بها تلك الأفواه يسقطون دوما فيها هذا الظهير الشعبي القوي المليوني لتلك القيادة الحالية والدرع الحامي لها ضد أسهم ألسنة الباطل التي يطلقونها، وهو نفس الظهير الذي خرج مرارا وسيخرج تكرارا تأكيدا وإصرارا على اختياره. وتمنيت أن أطرح على صاحب الصوت خالي العقل سؤالا قوامه كلمتان.. وأين بديلكم لو رحل السيسي؟ هل سنجده بين ثنايا مراهقي وصبية السياسيين المهرة العاجزين حتى اليوم على التوافق عى مرشح مجلس نواب، أم سنجده بين ربوع فصيلكم ممن عمل على إسقاط الوطن غير مبال بآلام فقرائه ومحتاجيه، أم تريدون إعادة المسجون للقصر!! أين بديلكم الذي سيجمع درعا شعبية تحميه من غزوات تلك المرحلة التي أصبحنا فيها جميعا قضاة على كل فعل وحدث، أين بديلكم الذي سيعمل بتناغم مع كل مؤسسات الدولة لينقذها وفي نفس الوقت يحارب في جبهات عدة لسحق مؤامراتكم وإرهابكم. أين بديلكم؟ يا من خلقتم الشقاق.