باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، وفي إشارة من الاحتلال الإسرائيلي إلى قرب إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، أقبلت طواقم بلدية الاحتلال في القدس اليوم "الأربعاء" على خطوة خطيرة ومستفزة جديدة، حيث قامت بنصب لافتة تعريفية بالقرب من باب الناظر، أحد أبواب المسجد الأقصى، مكتوب عليها "جبل الهيكل"، وذلك في ظل استمرار سياسة الاحتلال الممنهجة لتهويد المدينة المقدسة و"عبرنة" أسماء المقدسات والبلدات والشوارع والقرى. وتسابق سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجماعات اليهودية المتطرفة الزمن لتحقيق الحلم اليهودي لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى في أسرع وقت ممكن، وهو ما يأتي في إطار سياسة تهويدية شاملة تهدف إلى نزع الهوية الإسلامية، وهدم المنازل وطرد أهلها، وبناء مستوطنات في القدسالشرقية وتشجيع الهجرة إليها، وضم معالم إسلامية إلى قائمة التراث اليهودي، وافتتاح كنس يهودية أسفل وجوار المسجد الأقصى، وتوسيع حدود بلدية القدس لتضم تمركزات يهودية ومستوطنات غير قانونية لزيادة نسبة السكان اليهود، وهو ما يعرف باسم "مشروع القدس الكبرى". "لا معنى لإسرائيل من دون القدس.. ولا معنى للقدس من دون الهيكل".. هذه مقولة بن جوريون أول رئيس وزراء لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهى المقولة التي تبين أهمية بناء الهيكل بالنسبة لليهود، وفي سبيل تحقيق ذلك تقوم سلطات الحكومات المتعاقبة في دولة الاحتلال باتخاذ خطوات من شأنها محاولة هدم المسجد الأقصى من خلال حفر الأنفاق والحفريات أسفله وجعله عالقا معرضا للانهيار في أي وقت. ويستحوذ المسجد الأقصى على أغلب وعود الأحزاب الإسرائيلية التي تخوض انتخابات الكنيست المقررة في مارس المقبل، حيث تتنافس القوى الاحتلالية كافة على إعلان مشروعات خطيرة جدا تهدد المسجد الأقصى المبارك، وذلك باتفاق جميع الأحزاب والقوى اليهودية بكل مسمياتها من اليسار إلى اليمين على تنفيذ هذا الأمر. وتدعو منظمات يهودية متطرفة عديدة، ومن بينها "جماعة أمناء الهيكل"، علنا إلى هدم المسجد الأقصى بمعالمه الإسلامية الحالية وبناء الهيكل المزعوم الذين يرون فيه خلاصهم، ولهم محاولات عديدة في هذا المجال منها محاولة حرق الأقصى عام 1969، فضلا عن الاقتحامات اليومية لباحات المسجد وبأعداد كبيرة في حراسة شرطة الاحتلال، حيث زادت قوتهم وتأثيرهم داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية في الفترة الأخيرة. وجماعة "أمناء الهيكل"، هي حركة دينية يهودية إسرائيلية يمينية متطرفة مقرها الرئيسي في القدسالمحتلة ولها فروع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتقوم من خلاله بجمع الدعم المالي، وتعتقد بأنه على اليهود إعادة بناء الهيكل الثالث المزعوم مكان المسجد الأقصى، وذلك للتحضير لمجيء المسيح، وقد حاولت هذه الحركة أكثر من مرة إرساء حجر الأساس للهيكل المزعوم بعد أن تم تجهيزه وفق مواصفات توراتية، لكن محاولاتها باءت بالفشل. ويرى خالد الحسيني نائب رئيس "هيئة مرابطي القدس"، في تصريح خاص لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله اليوم، أن وضع لافته باسم "جبل الهيكل" خطوة خطيرة جدا، مع العلم بأن سلطات الاحتلال تستخدم هذا المسمى منذ زمن على الحرم القدسي الشريف في إعلامهم وفي حياتهم اليومية، أما أن يتم التجرؤ على وضع مثل هذه اللافتة على مرأى العالم فهي رسالة خطيرة على نيتهم المبيتة للاستيلاء عليه من خلال الاقتحامات اليومية ومخطط التقسيم الزماني والمكاني، مشيرا إلى أنه قد سبق ذلك محاولة لسن قانون في الكنيست للسيطرة الإدارية على المسجد الأقصى وسحبه من الأوقاف الأردنية. وقال الحسيني "إن ذلك يأتي بعد أن قامت بلدية الاحتلال الإسرائيلي بوضع لافتات بأسماء للشوارع والطرقات والحارات بالبلدة القديمة باللغات العربية والعبرية والإنجليزية، وأن أغلب هذه الأسماء لم يتم تسميتها بأسمائها العربية الأصلية بل أسماء عبرية تهدف لخدمة مشروع تهويد القدس وتزوير الحقائق والتاريخ وتغيير الوجه والطابع العربي والإسلامي للمدينة. وأشار إلى أن سلطات الاحتلال قامت منذ أيام قليلة بتحويل مجموعة من المعالم والعقارات الإسلامية التاريخية غربي المسجد الأقصى المبارك إلى "حمامات عامة" للمستوطنين والسياح الأجانب الذين يزورون منطقة "جسر أم البنات" الواقعة ضمن منطقة حي باب المغاربة على بعد نحو 50 مترا غربي المسجد الأقصى. واعتبر أن تحويل هذه الأبنية التاريخية العريقة إلى حمامات بمثابة جريمة بحق الآثار والتاريخ والحضارة، واستهتارا بهذه المعالم الإسلامية الوقفية العريقة التي يجب أن تحفظ وتصان وفق القوانين والأعراف الدولية، مطالبا الدول والهيئات الإسلامية والعربية بالتصدي لمثل هذه الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي. وأكد الحسيني أن "هيئة مرابطين القدس" دائما كانت تحذر الأمتين العربية والإسلامية للوقوف في وجه هذه المخططات، مضيفا "مازلنا ننادي ونصرخ بأن الأقصى في خطر.. وها هي الأدلة تأتي تباعا بوتيرة متسارعة من قبل هذا الاحتلال الغاشم، وأن من يدنس أقصانا يدنس كل بيت عربي مسلم أينما كان، ومن يستطيع أن يحتل ويسيطر على مقدساتنا فهو يكسر بهذا هامات الأمة أجمع ويدوس على كرامتها أينما وجدوا". ومن جانبه، ندد عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شئون القدس أحمد قريع بقيام طواقم تابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس بنصب لافتة تعريفية في القدس القديمة، قائلا "إن هذا الإجراء الخطير الذى قامت به بلدية الاحتلال يأتي في سياق حملة التهويد المسعورة التي تقودها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص". ورفض هذه الممارسات الإسرائيلية العدوانية التي ترمي إلى تغيير الأسماء العربية والتاريخية لأبواب المسجد الأقصى المبارك، مشيرا إلى أن إسرائيل تسعى وبشكل حثيث إلى تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي والثقافي والديني للمدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، ما يستدعي ضرورة مواجهة هذه الانتهاكات الفظة والمخططات التهويدية التي تسعى إليها حكومة الاحتلال الإسرائيلي. ودعا قريع المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية إلى ضرورة التدخل العاجل لوقف كامل عمليات الاستيطان الإسرائيلي المخالف للقانون الدولي، والضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي أيضا بوقف كامل أنشطتها التهويدية في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك. أما الدكتور حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، فقال "إن إسرائيل تهدف من وراء هذه الإجراءات التهويدية المتطرفة إلى تكريس السيادة الإسرائيلية على مدينة القدسالشرقية، وشرعنة التمييز العنصري لضم التراث العربي والإسلامي الموجود في المدينة إلى قائمة التراث الإسرائيلي دون وجه حق". وأضاف أن وضع لافتات باسم الهيكل على بوابات الأقصى المبارك إنذار خطير يجب الالتفات إليه سريعا.. فإسرائيل اليوم في خطواتها الأخيرة لإقامة الهيكل، ونحن بالهيئة الإسلامية المسيحية ندعو المجتمع الدولي إلى ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية ووضع حد لها قبل المساس بمسرى رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام. وأشار إلى أن سلطات الاحتلال سبق لها وأن تعدت على الحضارة العربية الإسلامية بالقدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة منتهكة كافة القوانين والأعراف الدولية، هادفة إلى طمس المعالم الحضارية والأثرية والتاريخية في الأراضي الفلسطينية وإظهارها على أنها يهودية إسرائيلية، حيث سبق لها أن تعدت بتغيير اسم مدينة القدس من "اورشليم" إلى "يورشلايم"، إضافة إلى القرار الإسرائيلي القاضي باستبدال الأسماء العربية إلى عبرية في أراضي ال48، وهو دليل على ممارسة إسرائيل للعنصرية وتكريسها سياسة الاحتلال كأمر واقع. وتتطلب الخطوة الأخيرة التي أقبلت عليها سلطات الاحتلال بوضع لافتة "جبل الهيكل" على أحد أبواب الأقصى العمل على تكريس حشد دولي على المستويات كافة لإخضاع كيان الاحتلال للعدالة والمحاسبة الدولية على جرائمهم بالاستيطان والتهجير والتهويد والتطهير العرقي التي يرتكبها في المدينة المقدسة، والتي تهدف إلى عزل القدس عن محيطها العربي وعن ترابطها الجغرافي مع الضفة الغربية تمهيدا لضمها بالكامل وإخراجها من مصطلح الضفة الغربية، والعمل على توفير مساحات تتوسع تدريجيا لاستيعاب المهاجرين اليهود لتنفيذ عملية التهويد الديمغرافي.