"أرجو أن نبحث عن نقطة بداية جديدة، فنحن ما زلنا للأسف ندور فى نفس المكان والدائرة المفرغة التى كنا فيها منذ عدة عقود، ندور فى دائرة التجزئة وتكفير المخالفين والبقية تأتى، فهل سنستطيع أن ننقذ سوريا والعراق وتونس واليمن ولبنان وليبيا؟ هذا هو السؤال والتحدى الأصعب فى المرحلة المقبلة. بهذه الكلمات اختتم الدكتور حسن حنفى لقاءه الفكرى في معرض القاهرة الدولى للكتاب، محذرا مما هو قادم إذا بقى الحال كما هو عليه. وقال حسن حنفي: إن تجديد الخطاب الدينى هو أحد وسائل تطوير الخطاب الإصلاحى الذى حاول من قبل الجمع بين القديم والجديد قبل أن يصطدم بالحداثة فينكمش على نفسه ويعود إلى القديم مرة أخرى ويكفّر الحداثة والحدثيين، والتجديد والمجددين. وأضاف أنه في الثقافة الشعبية ممثلة فى الأمثال العامية ما يسمح بتجديد الألفاظ ولكن التيار الغالب هو القول بثباتها، وهو الصراع القديم والجديد، بين الأشاعرة ممثلة القديم والمعتزلة ممثلة الجديد، وكل ما فعلته الحركة الإصلاحية من أيام محمد عبده أنها أصبحت أشعرية فى التوحيد وإن اقتربت من المعتزلة فى العدل إثباتا لاستقلال العقل وحرية الإرادة. وأوضح أن تجديد الخطاب الدينى يبدأ بحياة الناس والواقع الاجتماعى، ما يقبله وما يرفضه، وهو منهج الاستقراء القديم الذى يحصى العلل المتحكمة فى السلوك لمعرفة الأسباب. ورأى أن الأمر ليس صعبا، فمقاصد الشريعة التى من أجلها وضعت الشريعة ابتداء هى نفسها ألفاظ حديثة مثل النفس أى الحياة، والعقل، والدين وهى المصالح العامة ومجموع القيم الإنسانية الثابتة، والعرض أى الكرامة الإنسانية، والمال أى الثروة الوطنية، كما أن مفهوم التقدم ليس غريبا على اللغة القديمة، والديموقراطية حديثا هى الشورى قديماً، والمقاومة حديثا هو الجهاد قديما، والمجتمع المدنى حديثا هو «أنتم أعلم بشئون دنياكم» حديثا، وحقوق الإنسان حديثاً هى الذات والصفات والأسماء والأفعال قديما، وما سماه الصوفية مثل عبد الكريم الجيلى «الإنسان الكامل». بعد ذلك وجهت العديد من الأسئلة والمداخلات للدكتور حسن حنفى على مدار ما يقرب من نصف ساعة، عن كيفية تجديد الخطاب الدينى فى ظل مجتمع يقدس الحكام ورجال الدين، وكذلك عن ضرورة أن نترك الكلام عن التجديد وأن نعمل ونجتهد فما نحن فيه الآن أساسه الفقر وسوء مناهج التعليم والحاجة والعوز وإذا تحسن الاقتصاد سيتحسن بالتبعية معه تلك المفاهيم الخاطئة. وعلق حنفى واستفاض فى الإجابة عن الأسئلة التى وجهت إليه وتابع: عندما كنا فى السبعينات والثمانيات، كنا دائما نتساءل: هل تقدمنا أم لا؟ وفى الحقيقة ومن وقتها وحتى الآن لم أجد إجابة على هذا السؤال! واختتم بالقول: مشكلتنا أننا نعيش في مجتمع أحادى، يؤمن بأن من يملك القوة والسلطة هو من على حق وماعداه على ضلال، ومن هنا، فأنا أرى أننا فى حاجة إلى إحياء فكرة التعددية، فالحقيقة فى الفقه الإسلامى كانت قائمة على التعددية، فكل آراء الفقهاء كانت على صواب، والذى يحكم بذلك هو المصلحة العامة للعباد، ومن ثم فإن الهجوم على التعددية بالنسبة لنا ليس فى صالحنا لأننا نعانى من الأحادية.