أكد وزير الخارجية سامح شكري أن "مصر وبكل تأكيد تتحدث الآن في ملف سد النهضة "بصوت واحد" في إطار عمل مشترك تشارك فيه جميع أجهزة الدولة تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية"، مشددا على أن "صياغة الموقف تتم بالتوافق بين الأجهزة لبلورة رؤية يكون الهدف الأساسي فيها أن تخدم مصلحة مصر". جاء ذلك في حديث خاص أدلى به وزير الخارجية سامح شكري اليوم، الثلاثاء، على هامش زيارته الحالية لكينيا لرئاسة وفد مصر في اللجنة المشتركة بين البلدين. كان شكري يرد بذلك على سؤال عما إذا كانت مصر تتحدث الآن في ملف سد النهضة بصوت واحد ورؤية واضحة. وحول ملف سد النهضة مع إثيوبيا وما ذكره الرئيس السيسي عن أهمية اتخاذ إجراءات عملية تحيل التوافقات السياسية إلى التزامات قانونية تحفظ حقوق البلدين، قال شكري إن "المفهوم منها أن يكون هناك تفاهم بين البلدين يصل لدرجة الاتفاقية القانونية الملزمة من كلا الطرفين"، مشيرا إلى أن "العلاقات المصرية الإثيوبية مهمة وجوهرية ولابد من صياغتها في إطار يطمئن الجانبين بأن مصالحه وتطلعاته يتم تنفيذها بشكل فيه وضوح وليس قابلا للتفسير أو التأويل". وعما إذا كان ملف سد النهضة سيطرحه الرئيس السيسي على هامش القمة الأفريقية المقبلة في أديس أبابا، قال سامح شكري: "أتصور بالطبع أنه سيكون أحد الموضوعات المهمة التي ستطرح خلال لقاء الرئيس السيسي مع رئيس وزراء إثيوبيا هيلى ماريام ديسالين على هامش القمة الأفريقية، بالإضافة لاستكمال الجهود التي بذلت منذ اللجنة المشتركة بين البلدين لتنمية العلاقات الثنائية وبناء الثقة بين البلدين والتى تتولد وتزداد مع الوقت". وأضاف شكري أن "زيارة بطريرك إثيوبيا للقاهرة أمس كانت مهمة، نظرا لمكانته وتأثيره في المجتمع الإثيوبي"، موضحا أن "العلاقة التقليدية بين الكنيسة المصرية والإثيوبية والوفد الشعبي الإثيوبي الذي زار مصر مؤخرا برئاسة رئيس البرلمان، يعكس أيضا الرغبة الإثيوبية فيما يخص العلاقات مع مصر، بجانب تفاعل مصر واهتمامها بزيادة استثمارات قطاع الأعمال في إثيوبيا، وهو ما يدل على انفتاحنا ورغبتنا في أن يكون التعاون هو السمة التي تجمع بين البلدين". وردا على سؤال حول ما إذا كان مطمئنا لسير المفاوضات مع إثيوبيا، قال شكري: "إننا لا نضع الأمر في إطار الاطمئنان، بل نقيمه بشكل عملي ومتدرج بدون الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم، بل نتعامل بشكل عملي براجماتي يحقق ويبني في النهاية لبنة في إقامة علاقة بين شعبين كبيرين لهما إسهام في الحضارة ومصالح". وحول تطورات الوضع في ليبيا، قال شكري إنه "من المهم دعم الحكومة الشرعية في ليبيا ورفع كفاءتها لتحقيق الاستقرار ووحدة الأراضي الليبية لأن الشرعية الليبية هى الموكل إليها استعادة استقرار ليبيا". وأضاف أن "هناك حديثا عن أن المبعوث الأممي برناردينيو ليون ربما يعقد اجتماعا في جنيف بين الأطراف الليبية"، مؤكدا أن "مصر دعمت جهود المبعوث الدولي ليون ويسرنا له كثيرا من اتصالاته لأننا نؤمن بأن الحوار والحل السياسي هو الذي سيحمي الشعب الليبي من المعاناة لكن الحل السياسي لابد أن يأخذ في الاعتبار إرادة الشعب الليبي ولا يعطي أي طرف مكانة تزيد عن حجم تأييد الشعب الليبى له". وشدد سامح شكري على أنه "وفي النهاية لا يمكن قبول فرض الأمر الواقع بقوة السلاح أو اللجوء للخيار العسكري على حساب إرادة الشعب الليبي"، مشيرا إلى أنه "كانت هناك انتخابات أدت لتشكيل مجلس نواب وحكومة، وطالما أن هذا هو الإطار الذي يعمل من خلاله المبعوث الأممي، فنحن ندعمه ونتمنى له النجاح وعلى المجتمع الدولي أيضا أن يتحمل مسئوليته". واستطرد شكرى قائلا: "إن مجلس الأمن أيضا لديه قرار عليه أن يفعله في حال فشل جهود المبعوث الأممي لإحكام السيطرة على دخول الأسلحة إلى الميليشيات والعناصر المتطرفة التي تستمر في محاولة فرض إرادتها على إرادة شعب ليبيا من خلال الوسائل العسكرية وتطبيق العقوبات على الأطراف الليبية التي تعرقل الحوار، وأن يكون هناك تفهم بأن التطرف أو أن تصبح الساحة الليبية قاعدة لمثل هذه العناصر أمر سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار وقد تصل إلى مراحل من السيولة السياسية التي لا نأمل أن تصل إليها أي دولة عربية والتي سيكون لها تأثير على كل المنطقة". من ناحية أخرى، وحول اجتماع لجنة المتابعة العربية يوم 15 يناير، قال وزير الخارجية إن "الغرض من اجتماع لجنة المتابعة العربية يوم 15 يناير الجاري بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" سيكون لطرح الرؤية والتشاور والتداول حولها وهو تداول مفيد وليس بالضرورة أن يكون متوافقا دائما مع الرؤية الفلسطينية فهناك رؤى أخرى تهدف لتحقيق نفس الغرض، وسيتم الاستماع إليها للوصول لتصور عربي مشترك مدعوم من قبل القيادة الفلسطينية". من ناحية أخرى، تطرق شكري للعلاقات المصرية الأفريقية وعلاقات القاهرةبنيروبي، موضحا أن هناك تطلعا من جانب العديد من الدول الأفريقية للتعاون مع مصر، وقد عبرت وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد خلال لقاءاتهما المتعددة في نيروبي عن ذلك وعن الرغبة في مزيد من التعاون مع مصر. وردا على سؤال حول تفعيل وزارة الخارجية لمفهوم دبلوماسية التنمية والتي تعد زيارة كينيا نموذجا له، أكد وزير الخارجية أن "التنمية جزء مهم من خطة الدولة واحتياجها، ولهذا فإن مصر توسع من مجالات التعاون للاستفادة من القدرة التنافسية المصرية على الساحة الأفريقية"، وقال إنه "وبالتأكيد فإنه عندما تتجمع الثلاث مناطق الاقتصادية الأفريقية فى قوة واحدة في منطقة تجارة حرة واحدة فإن ذلك سيزيد من هذه الفرص لأنه سوق تضم ما يزيد على 26 دولة". وأضاف شكري أن "مصر لديها قطاعات تستطيع أن تنافس بها، وبالتأكيد فإنه في الفترة المقبلة مع زيادة الاستثمارات وتوسيع القاعدة الصناعية، بجانب ما سيتحقق مع محور قناة السويس والمشروعات التي ستكون مطروحة خلال المؤتمر الاقتصادي، بجانب زيادة تركيزنا على التصدير للأسواق الأفريقية التي ستشهد مزيدا من دفع الصادرات والتعاون الاقتصادي مع أفريقيا". وحول تنامي التنسيق بين الحكومة ووزارة الخارجية بشكل خاص والقطاع الخاص في القارة الأفريقية، والذي اتضح من زيارة البعثة التجارية المصرية الضخمة حاليا لكينيا، قال شكري إن "هذا انعكاس لكون أكثر من سبعين بالمائة من الاقتصاد المصري قائم على القطاع الخاص الذي بات يشكل قوة دفع مهمة وهو أمر لابد أن يترجم في علاقات مصر الاقتصادية الخارجية، والدولة هنا دورها داعم ومطمئن وتمهد الأرضية السياسية لخلق مناخ جاذب وموات يضمن للاستثمار قدرا من الأرضية المواتية للعمل بقدر من الاطمئنان بأن هناك دولة تساند المستثمر المصري وترعى مصالحه وتخلق مناخا سياسيا يؤدي إلى تحقيق منفعته بحيث يخلق مزيدا من الروابط بين مصر والدول الأفريقية". وحول العوامل التي أدت لتغير الموقف الأفريقي منذ 30 يونيو مع تعليق عضوية مصر بالاتحاد الأفريقي وصولا الآن إلى تأييد أفريقيا لحصول مصر على مقعد مجلس الأمن، أكد وزير الخارجية أن "ذلك التغير جاء نتيجة للإدراك الأفريقي أن ما حدث في 30 يونيو يمثل إرادة الشعب المصري، بجانب الانتقال السلس في الفترة الانتقالية وتنفيذ خريطة المستقبل، مما أعطى اطمئنانا بأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح". وقال شكري إن "الاتحاد الأفريقي اتخذ في البداية قراره اعتقادا بترسيخ مبادئ الديمقراطية وانتقال السلطة، والتي أصبحت من التوجهات الأساسية لدول أفريقيا، بعدما عانت لسنوات طويلة الاضطرابات السياسية والتشرذم وبالتالي كان هناك في البداية تحفظ في التعامل مع 30 يونيو". وأضاف: "لا يجب أن نثقل على الأشقاء لأن بعضهم امتثل لما تصور أنه يدعم الإطار القانوني الذي وضعه الاتحاد الأفريقي ولم يكن يريد تحدي ذلك، ولكنه في نفس الوقت كان مدركا لما يحدث في مصر وحجم مصر وينتظر خطوات تؤدي لتغيير الموقف وهو ما حدث". وتابع: "حدث إقبال افريقى سريع عندما بدأنا تنفيذ خريطة الطريق وهو ما ظهر بجلاء فى الاستقبال الكبير الذى حظى به الرئيس السيسى فى قمة مالابو الأفريقية والاهتمام بعودة مصر وقوة الدفع التى حدثت وزال تحفظ من كانوا متحفظين وحدثت قوة دفع للعلاقات مع أفريقيا وتخلى من كانوا متحفظين عن تحفظهم، بجانب أن هناك احتياجا أفريقيا لمصر للاستفادة من القدرات التى يمكن أن توفرها مصر". وحول مؤازرة أفريقيا لعضوية مصر بمجلس الأمن 2016 - 2017، قال شكرى إن "تلك المؤازرة تنبع من أن هناك اطمئنانا تقليديا لدور مصر فى الإطار الدولى، فمصر عضو بارز فى الاتحاد الأفريقى وعضو فاعل فى التجمعات الأفريقية، ويشهد لمصر أنها لم تتخل مطلقا لمصلحة ذاتية عن موقف أفريقى بل تعمل دائما لمصلحة القارة الأفريقية، وهو ما أعطى لمصر على مدى عقود قدرا عاليا من المصداقية، ولهذا فإنه دائما ما يتم اللجوء لمصر لتتولى تنسيق المجموعة الأفريقية". وأضاف أن "مصر عندما تتولى مقعدا فى المنظمة الدولية فهى لا تتولاه للتعبير عن مواقف ذاتية بل نيابة عن المصالح الأفريقية وتعبر عن انتماءاتها للمجموعتين العربية والأفريقية والتعاون الإسلامى وعدم الانحياز والدول النامية التى تتقارب بأهدافها ومصالحها التي تدعمها مصر دائما". وأكد أن "مصر دولة لها رصيد وثقل كبيرين على مستوى القارة الأفريقية".