قد يعتقد البعض أني على وشك الحديث عن خسارة المنتخب المصري أمام السنغال لنبقى خارج المستطيل الأخضر لهذه البطولة الأفريقية التي كان لنا باع فيها، لكني مع الأسف لم أجتهد لمتابعة المباراة، ولم تعد تؤثر في كرة القدم كسابق عهدي لها، أما الآن فهناك الكثير يشغلني أكثر من تأهيل المنتخب للأمم الأفريقية، وأكثر من "شرشحات" مرتضى منصور مع الصحفيين علي شاشاتنا المصرية، أزعم أن مستقبل بناتي هو الأهم. ليست خسارتنا أمام السنغال هى الخسارة الوحيدة، فالخسائر يومية على الطرقات السريعة، وفي المدارس، وبين الناس، وعلى قضبان القطارات، إلى عربات المترو، وعلى الحدود، وفي البر والبحر، من سيناء مرورا بدمياط تتوالى الكوارث بشكل لا يمكن تجاوزه، خسائر اكتملت مؤخرا بالفيديو المؤلم الذي تداوله الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعرض عمليات إرهابية ضد الجيش المصري. شحاتة أبو كف، الشخصية التي لعبها نور الشريف في فيلم "غريب في بيتي" مع السندريلا سعاد حسني، كان القروي البسيط الذي اتبع حلمه إلى القاهرة، ليرتدي الفانلة البيضاء ويلعب داخل أسوار نادي الزمالك العريق، وفي وقت قليل أصبح هو المنقذ والمخلص، أصبح البطل الأوحد للنادي، وصاحب الأهداف وصاحب الحرفة، إلى أن انكسر تحت إغراءات حواء التي باتت مدفوعة عليه ممن يغارون من سطوع نجمه، وبعدما قرر الرحيل خجلا، تراجع ليلتحق بفريق شركة الحديد والصلب المصرية، حينما كان للكرة مكان بين أسوار المصانع، لتنافس الدوري في بعض الأحيان. أكتب هذا المقال بحثا عن شحاتة أبو كف، هذا الهداف الفطري، الساعي للحلم بدون مقابل، الذي لم يكن ليحلم أن الفيديو يمكنه إعادة اللقطات ليرى نفسه على الشاشة، أين هذا الفتي بين 90 مليون مواطن ويزيد؟ هل عجزت الإناث عن إنجاب مثله؟ هل كان عقيما فانقطع نسله؟ لا أدري أين أبحث ومن يهتم، فأنا أريد أن أزرع شحاتة أبو كف في كل قطاع، الكرة، والسياسة، والفن، والإعلام، هل هذا مستحيل؟ لن ينجح شوقي غريب أو غيره في التقدم قيد أنملة بدون دماء جديدة، تتحرك بقوة، مدربة بقدر، تحمل حلما على رأسها وتسعى إليه دون مقابل، لن ينجح أحد سوى هؤلاء، الموهوبون الحقيقيون أمثال أبو كف، أصحاب القدرة على المغامرة لإحراز هدف يستحق، حاملو المسئولية مقدرين لقيمة الوقت الضائع من العمر دون تقدم للأمام. ولن ينجح أبو كف إن وجد في ظل هؤلاء الغرباء في بيتنا الحبيب، والمستمرون في زرع الشقاق بين الهواء وبعضه أينما استطاعوا ليجهضوا حلمه ويحرموه التهديف، ولن تنجح الأمنيات وحدها في العبور بنا من هذه المحنة، ولن تنتهي المحنة سوى باكتمال الصف، على قلب رجل واحد، يحدد الهدف، ويركل في المرمى دون تردد أو خوف، أبو كف بعد أن تعثر، فضل البقاء على الرحيل، وتحمل مسئولية السندريلا، معلنا أنه "مش غاوي فلوس، لكن غاوي كورة"، وكمان علشان نبقى عيلة.. هكذا قال في النهاية، وهكذا أريد الجميع أن يكون، فقط كونوا بشجاعة شحاتة أبو كف، فهل نستطيع؟