صدر مؤخرا، عن منشورات الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الترجمة العربية لكتاب ستيفان لاكروا " صحوة الإسلام ..مناورات المعارضة الدينية فى السعودية المعاصرة" والذى ترجمه حمد العيسى إلى العربية بعنوان " زمن الصحوة ..الحركات الإسلامية المعاصرة فى السعودية" ويُعد الكتاب أول بحثٍ أكاديمي موسّع يدرس تاريخ وبنية الحركات الإسلامية في السعودية... وقد قضى الباحث في سبيل إتمام هذه الدراسة ستة أعوام معظمها في السعوديّة، تتبّع خلالها عشرات المصادر والوثائق، وأجرى عشرات الحوارات مع اهم الشخصيات الفاعلة في وسط الصحوة. وتحت عنوان «هل تدخل السعودية عصر ما بعد الوهابية؟» قال المؤلف : اكتسب نقد الوهابية ، في السنوات القليلة الماضية، زخما لم يسبق له مثيل في المملكة العربية السعودية. الأنماط الأولى لهذا النقد جاءت من قبل مجموعة غير متجانسة من كبار المثقفين الليبراليين والاسلاميين، وبدى أنها قد حصلت على موافقة جزئية من النخبة الحاكمة التي اتخذت بعض الخطوات الرسمية تجاه الاصلاح الديني والاجتماعي. ولكن السؤال هو: هل المملكة العربية السعودية الآن مستعدة لدخول عصر «ما بعد الوهابية»؟ وأضاف لاكروا : حدثت تغيرات كبيرة مؤخرا في المملكة العربية السعودية، وخاصة في الحقل السياسي-الفكري المحلي. ولعل أهم حدث كان بروز تيار «إسلامو- ليبرالي» يتكون من إسلاميين وليبراليين ، سنة وشيعة، داعين إلى تغيير ديمقراطي ضمن إطار إسلامي من خلال إعادة النظر في وتجديد المذهب الوهابي الرسمي. وبالرغم من أنهم لم يعطوا جميعا أهمية كبيرة للنقد الديني مثل ما فعلوا في النقد السياسي، فإن نقد الوهابية – في جوانبها السياسية والإجتماعية كان بلا شك أحد المطالب الرئيسية لهذا الاتجاه ولكن هذا لا يعني أن هذه الظاهرة تعتبر دون سابقة تماما في المملكة العربية السعودية: لأن بعض مبادئ الوهابية سبق أن تعرضت ، في بعض الأحيان، لهجوم من قبل علماء بارزين من مناطق الحجاز والأحساء ومن - رغم أنه أقل شيوعا - علماء وهابيين «منشقين» من منطقة نجد، مهد الوهابية. ومع ذلك، فإن استعمال مصطلح «الوهابية» في حد ذاته كانت حتى قبل وقت ليس بعيد يعتبر تابو ومن المحرمات. الانتقادات جاء معظمها من السعوديين المهمشين جغرافيا أو لكونهم من مجموعات دينية أو سياسية مخالفة ، وكانت هذه التحركات معزولة دائما. ولكن ما لدينا اليوم مختلف تماما: نقد الوهابية اكتسب أرضا ومكاسب في الواقع العملي حتى صار يشار إليها بصراحة بمصطلحها الأصلي رغم التابو. إنه تحد يمس جميع جوانب التقاليد والتعاليم الوهابية، ويميل إلى أن يأتي من داخل قلعة الوهابية الإيديولوجية والجغرافية. وعلى ظهر الغلاف الخلفى للكتاب : إذا كانت الحركات الإسلامية عموماً تمثل عالماً غامضاً بالنسبة إلى الغرب، فإن الحركات الإسلامية في السعودية تحديداً كانت ولا تزال تمثل وسطاً شديد الغموض، ليس فقط بالنسبة إلى الغرب أو العالم العربي، بل حتى للمثقفين والمتابعين في داخل السعودية. اليوم، ومن خلال كتاب “زمن الصحوة”، يقدم الباحث الفرنسي د.ستيفان لاكروا أطروحته للدكتوراه التي تتناول توثيقاً وتحليلاً لتاريخ وسوسيولوجيا تشكّل الحركات الإسلامية في السعودية منذ منتصف القرن العشرين وحتى أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أي المرحلة التي لا تزال بقعة مُعتمة في الوسط البحثي. يبدأ لاكروا كتابه بلمحة تاريخية عن ولادة المملكة العربية السعودية وتطورها، وينتقل بعدها إلى تحليل كيف انتقل الناشطون الإٍسلاميون من البلدان العربية ليستقروا في السعودية ولينخرطوا في حركة جمعت بين السياسة من جهة والدين من جهة أخرى، وأطلقت على نفسها اسم “الصحوة”. ويتابع مراحل تشكل الصحوة وروافدها الفكرية والسياسية، وأبرز محطاتها وحركاتها ورموزها وإنقساماتها وعلاقتها المتفاوتة بالسلطة السياسيّة. جدير بالذكر أن د. ستيفان لاكروا ، أستاذ مساعد في معهد الدراسات السياسية في باريس. أنهى أطروحة الدكتوراه في العلوم السياسية حيث درس بعمق شديد وغير مسبوق وبناء على جهد ميداني مكثف كيف تغلغلت جماعة الإخوان المسلمين في السعودية في الخمسينيات وتوسع نشاطها حتى أكملت سيطرتها بدعم رسمي على التعليم ومن ثم هيمنتها على الحقلين الديني والاجتماعي في الثمانينيات وحتى تصادمها مع النظام في النصف الأول من التسعينيات.