هل هى مصادفة أن يخرج الشيخ محمد عبد الله نصر، الشهير ب"ميزو" ليحلل الزنا للزوج والزوجة معتبرا إياه يدخل تحت بند البغاء وليس الزنا، حيث قال "أن يقوم رجل مرتبط بزوجته، أو زوجة مرتبطة بزوجها بممارسة الفاحشة" بغاء وليس زنا، وتابع "إن تعريف عقد النكاح في كتب الفقه يعد هو المعنى الحقيقي للزنا"، معترضا على المتعارف عليه من تعريفات للزواج "أنا أعترض أصلا على هذه التعريفات لأنها اختزلت الزواج في العملية الجنسية.. وكأنها عقد بين رجل وامرأة من الشارع"، "الزواج أسمى إن لم يكن هناك جاذبية وعلاقة إنسانية بين الرجل والمرأة كالحديد والمغناطيس لم يكن زواجا"؟. هل هى مصادفة أن تنشغل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي من "تويتر" و"فيس بوك" وغيرها بما كشفته الأجهزة الأمنية بمحافظة الغربية عن ضبط ملتح مارس الرذيلة مع عدد من السيدات بمركز ومدينة السنطة، وذلك بعد تداول 12 فيديو فاضحا بين الأهالى وشباب المدينة، تجمع المتهم مع سيدات فى أوضاع "جنسية"؟. هل من قبيل المصادفة أن تصل الفيديوهات إلى وسائل الإعلام والفضائيات حتى ليعلن أحد الإعلاميين أنه يمتلك منها الكثير؟ هل من قبيل المصادفة أيضا أن تنشر إحدى الصحف الخاصة على موقعها على الإنترنت عنوانا بهذا الشكل "الفاجرة" وأبوها على فراش الخطيئة.. "خالد" يضبط زوجته مع والدها متلبسين ب"زنا المحارم".. الزوج المخدوع: دمرتنى وليتنى قتلتهما.. وأطالب بتحليل حمض نووى لابنى فربما يكون "ثمرة العلاقة الحرام"، ثم تأتي التفاصيل لا تقل فضائحية عن العنوان؟ وفي ذات اليوم ينشر تقريرا آخر بنفس الطريقة مع صور للمتهمين أثناء ضبطهم متلبسين بالفعل الفاضح "أبشع أنواع الجرائم.. موظف يمارس الجنس مع شقيقته وابنة زوجته الطفلة ويعرضهما للدعارة بالهرم".. "مروة": "أبويا وأخويا ناموا معايا.. وبعد كده أمى اطلقت وبتشغلنى بره للرجالة وجوزها بينام معايا ومع أخته؟". هل من قبيل المصادفة أن تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لملتحيين يجلسان بمكان عام في مواجهة بعضهما ويطعم أحدهما الآخر بمعلقة في رسالة تحمل "مثلية الرجلين"؟ نحن نتحدث عن 48 ساعة فقط لا غير، الأمر الذي يثير الشكوك ويحمل قصدية في ظل حرب مفتوحة تقودها الدولة ضد الإرهاب والتطرف والعنف، فهؤلاء الجهلاء يتصورون أنهم يديرون حملة لتشويه المتطرفين والمتأسلمين في حين أنهم يطعنون في الإسلام والمسلمين، وكأن ما ترتكبه تنظيمات داعش والقاعدة والإخوان وبيت المقدس وأنصار الشريعة وهلم جرا لا يكفيهم. إن المجتمع العربي المسلم، خاصة في مصر محطم نفسيا وعصبيا واجتماعيا، جراء هؤلاء الإرهابيين الذين يلوثونه ويلوثون دينه، لكن على الجانب الآخر تشكل هذه الحماقات والغباءات من جانب الإعلام ومن يقف وراءه مادة خصبة لهم وللظلاميين والمتطرفين المتغلغلين في نسج المجتمع، أن يجلس الواحد منهم متكئا على أريكته قائلا: "انظروا.. إنهم يحاربون الإسلام ويفضحون المسلمين"، "انظروا إنهم يشوهوننا حقدا وانتقاما". إنها أمور اجتماعية تجري هنا وهناك، وكم قضية ضبطت وكم معتوه متخلف خرج بآراء لا علاقة لها بصحيح الدين، وقد شهد المجتمع المصري عشرات بل مئات من قضايا الاغتصاب والزنا وغيرها، وعولجت ونوقشت إعلاميا وصحفيا في إطارها الاجتماعي، لكن أن يخرج الأمر إلى التجريس والفضائح والتنكيل والتشويه والتلويث فهذا ربما يحدث للمرة الأولى. حيث ظن البعض أنهم بهذه الوسائل الرخيصة يشغلون الناس ويشتتون أفكارهم وينأون بهم عن التفكير فيما يجري من حولهم وداخلهم، وفي ذات الوقت يحاربون التطرف وينتقصون من المتأسلمين وأحزاب الإسلام السياسي ويفضحونهم، وهذا فعل لا يأتيه وطني عاقل مدرك لحجم ما يواجه الوطن من تحديات داخلية وخارجية، لكن من أين يأتي هؤلاء بالوطنية ومن أين يتأتون بالعقل والإدراك، إنهم لا يملكون الأدوات والمرجعيات الثقافية والفكرية والدينية والأخلاقية التي تمكنهم استيعاب ما يجري والسعى إلى مساندة الوطن في حربه من خلال إقامة حوار ونقاش مع المجتمع يتمكنون بفضله من عزل المتطرفين وأفكارهم، ووقف عمليات الاستقطاب والتجنيد. إنهم يرفعون أصواتهم ويملأون الدنيا ضجيجا وتشويشا تستثمره التنظيمات الإرهابية والأعداء المتربصون وما أكثرهم خير استثمار، إذ يدفعون المجتمع دفعا إلى النقمة والغضب والخوف والقلق والتوتر والتربص، يدفعونه دفعا ليكون لقمة سائغة للعنف والارهاب أو الإلحاد أو العزلة، خاصة أن أبناءه يقتلون كل يوم والأوضاع الاجتماعية تزداد سوءا والحراك السياسي شبه ميت ولا يبدو في الأفق نهاية أو جديدا يحمل الأمل. لا أظنها مصادفة بل أظنها مقصودة ومتعمدة، تستهدف خلخلة الوطن وفكه وشرذمته وحله إلى فرق وفي النهاية انسحابه من أن يكون سندا لخطط مواجهة الإرهاب والتطرف.