دعت جامعة الدول العربية اليوم الي استراتيجية عربية شاملة للنهوض بأوضاع الطفل لما بعد 2015 ،على ان تكون متسقة مع الواقع العربي والتحرك الدولي وترصد الأوضاع التي عليها الأطفال في المنطقة العربية. وشددت الجامعة العربية على ضرورة ان تكون هذه الاستراتيجية مقرونة بخطة عمل تضع انشطة وبرامج حقيقية وعملية لمواجهة التحديات العصيبة التي تواجه الطفولة مقترنة بالوسائل الحديثة للوقاية والحماية والتدريب. جاء ذلك في كلمة الامانة العامة لجامعة الدول العربية التي ألقتها المستشارة ايناس مكاوي مديرة إدارة الاسرة والطفولة بالجامعة العربية خلال افتتاح اعمال الدورة العشرين للجنة الطفولة العربية التي انطلقت اعمالها اليوم بمقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية،تحت عنوان"اطفالنا مستقبلنا" برئاسة مسعود محمد ابوالقاسم وزير العمل والشؤون الاجتماعية بدولة ليبيا خلفا للبنان، وحضور المستشار ايناس مكاوي مدير إدارة المرأة والاسرة والطفولة بالجامعة العربية،والدكتور جمال بن عبيد البح رئيس منظمة الاسرة العربية،فضلا عن مشاركة خبراء ومسؤولين يمثلون الوزارات المتخصصة واللجان والهيئات الوطنية المعنية بالاسرة والطفولة بالدول العربية. وأكدت مكاوي أهمية اعمال الدورة كونها تتزامن مع الاحتفال العالمي بمرور خمسة وعشرين عاما على توقيع اتفاقية حقوق الطفل، فضلا عن التحديات والمعوقات والظروف غير المسبوقة التي تواجه الأطفال في المنطقة العربية بسبب النزاع المسلح والاوضاع غير المستقرة في بعض البلدان العربية. وقالت مكاوي-في كلمة الامانة العامة للجامعة العربية التي القاتها خلال افتتاح اعمال الدورة-ان هذه الظروف التي تمر بها المنطقة العربية حاليا تلقي بظلالها على واقع الطفل العربي وتنتزع منه حاضره ومستقبله كما انه تتأكل معها كافة الحقوق وشروط عدالة العيش وسبل الامان. وحذرت مكاوي من خطورة الممارسات السلبية التي تغذيها ثقافة وظروف بعض الجماعات الجديدة والدخيلة على المجتمعات العربية مثل القتل المتعمد للفتيات وحرمانهن من التعليم وتجنيد الاطفال وتفشي ظاهرة الاطفال بلا مأوى والتمييز ضد الاطفال ذوي الاعاقة وغيرها من الظواهر السلبية. كما حذرت مكاوي من خطورة ما يتعرض له الأطفال السوريون وما يعانون منه من كافة اشكال العنف، موضحة انه من الصعب توصيف الاوضاع التي آلت اليها احوال الاطفال السوريون فهم اطفال بلامأوي،بلا تعليم، بلا حماية،وبلا مستقبل....وتابعت قائلا:لعل احسنهم حالا هم هؤلاء الذين تأويهم مخيمات اللجوء في الدول العربية المستضيفة والمجاورة لسوريا. وحول أوضاع الطفل الفلسطيني أكدت مكاوي ان الطفل الفلسطيني يتعرض لحرب دموية وإبادة جماعية من اجل وأد القضية ومستقبلها وذلك من خلال استهداف الاطفال قتلا وحرقا،فضلا عما تعرض له اطفال غزة من عدوان اسرائيلي غاشم في حربها الاخيرة على القطاع ، مشددة على انها الابشع في التاريخ الحديث انتهاكا لحقوق الطفل... موضحة انه استشهد حوالي 600 طفل فلسطيني واصابة ما يقارب من 4000 آخرين منهم الف مصاب بإعاقات بدنية ونفسية دائمة في ظل عجز دولي وانساني غير مسبوق على كافة المستويات. من جانبه، حذر مسعود محمد ابوالقاسم وزير العمل والشؤون الاجتماعية في ليبيا "الذي تترأس بلاده اعمال الدروة" من خطورة ما تتعرض له الاطفال والمرأة في البلدان العربية من حالة كارثية بسبب الصراعات المسلحة التي تشهدها بعض البلدان، مشددا على ان الطفل سيظل الركيزة والمنطلق للنهوض بأوضاع المنطقة العربية ووضعها في المسار السليم. وقال –في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لاعمال الدورة- أننا نركز في اهتماماتنا بإعداد المرأة المسؤولة والمربية ومعدة الأجيال ،موضحا ان هذه الشريحة الأكثر تضرراً من جراء ما مر بالوطن من أحداث،فضلا عن ان هناك شريحة أخرى وهي الأكثر حرماناً وبؤساً، وهي شريحة الأيتام والمعاقين بسبب الحروب الدامية والصراعات المسلحة، في المنطقة. وقال ابوالقاسم ان هناك آلاف المشردين من الأطفال والنساء، وعشرات آلاف النازحين ممن يعيشون حياة هي أشبه بالمعتقلات داخل مخيمات اللجوء،وإذا كنا بالأمس نتحدث عن الجنوح وعن أطفال الشوارع فما نشهده اليوم يؤكد ايضا إهدار كرامة الإنسان بشكل عام والطفل والمرأة بشكل خاص،داعيا الجامعة العربية الى تحمل جزء،وأن تتبنى دوراً داعما لمراكز البحوث الاجتماعية في الدول العربية للقيام بالمسح الاجتماعي اللازم،ولوضع مناهج لتطوير المجتمعات ومساندة الدول الأعضاء، كل حسب احتياجاته، وإعداد كوادر متخصصة في مجالات البحث والدراسة والتخطيط لبناء المجتمع المثالي. وطالب ابو القاسم الجامعة العربية ايضا بإعداد معاهد متخصصة لتدريب وتأهيل الباحثين الاجتماعيين مع التركيز على الحالات التي تتعرض لها الشعوب العربية من كوارث نتيجة الحروب أو الإرهاب ،وإعداد البرامج والمخططات للنهوض بالمجتمعات، حسب البيئة والإمكانيات المتوفرة لكل بلد. وشدد ابوالقاسم على إن ما تواجهه المنطقة الآن من صراعات وحروب ما هو الا نتيجة لثقافة خاطئة ومتراكمة تربى عليها ابناؤنا لعدة أجيال، وهى ثقافة القتل والسيف والبطولات والعنتريات الزائفة، والبعد عن ثقافة المحبة والمودة والتطلع الى الحياة. وأكد ان محاربة الارهاب والتطرف اصبحت ضرورة حتمية كون التغاضي عن هذه الظواهر والتي نجم عنها هذا الوضع الخطير والتقصير في مواجهتها سيؤدي حتماً لتكريس واقع ينتج عنه مجتمع مشوه وسيمتد ذلك إلى الأجيال القادمة. ودعا الى ضرورة العمل من اجل الاعداد لمشروع قومي للنهوض من كوابيس الجهل والاستغلال والفقر والتخلف،والانطلاق نحو مكافحة ثقافة العنف في برامج الطفل الاعلامية وثقافة القتل في الرسوم الكرتونية المتحركة، واستبدالها بثقافة الود والمحبة والتطلع الى الحياة. كما دعا الى ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة ألد أعداء البشرية وهو الجهل والفقر والأنانية والتطرف. يناقش جدول أعمال هذه الدورة العديد من الموضوعات الهامة يأتي في مقدمتها وضع خطة عربية لأجندة الطفل لما بعد 2015، ووثيقة "ضمان حقوق الأطفال في حالت الطواريء التي أعدتها الجامعة العربية بالتعاون مع مؤسسة إنفاذ الطفل الدولية والتي تعمل على تطوير الآليات العربية من أجل مواجهة التأثير السلبي للنزاعات المسلحة على الأطفال، بما في ذلك اتخاذ إجراءات الرصد والتوثيق والدراسة والمتابعة وتفعيل دور المؤسسات العربية العاملة في المجالات ذات الصلة، وبند خاص حول النهوض بالطفولة المبكرة في الدول العربية.