تسجل الأزمة الأوكرانية فى شهر نوفمبر الحالى عاما على ظهور تلك الأزمة فى الصعيد السياسى العالمى ، إذ تعود جذورها إلى شهر نوفمبر الماضي، حين بدأ أنصار المعارضة احتجاجا واعتصاما مفتوحا في ميدان الاستقلال بالعاصمة الأوكرانية "كييف" ردا على قرار الحكومة تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، ووقتها اعتبر المحتجون قرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش تعليق حكومته توقيع الاتفاقية والتركيز بدلا منذ ذلك على توسيع العلاقات مع روسيا، خروجا عن النهج الرامي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وازدادت الأزمة حدة في يناير الماضى إذ بدأ المحتجون المعارضون ومعظمهم من سكان المناطق الغربيةلأوكرانيا، بالاستيلاء على المباني الحكومية في وسط كييف، حتى توصل الرئيس الأوكراني مع زعماء المعارضة إلى اتفاق خاص بالإفراج عن المعتقلين على خلفية الاضطرابات مقابل انسحاب المحتجين من المباني الإدارية . وتوسعت رقعة الاحتجاجات والاضطرابات بعد ذلك، إذ اتسعت إلى المناطق الشرقية من البلاد التي كانت تعتبر تقليديا قاعدة التأييد الرئيسية ل يانوكوفيتش وحزبه "حزب الأقاليم"، وتنامي دور الحركات اليمينية القومية المتطرفة، إذ شنت حركة "القطاع الأيمن"، سلسلة هجمات على قوات الأمن ورفضت الاستجابة لأوامر قادة المعارضة. وأسفرت الاحتجاجات الواسعة التى عمت كييف للمطالبة بدخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي عن عزل يانوكوفيتش عن السلطة من قبل البرلمان "مجلس الرادا الأعلى" وإجباره على مغادرة الأراضي الأوكرانية ، متوجها إلى روسيا ، ومن ثم اندلعت الاحتجاجات في جزيرة القرم حيث ينتمى معظم المحتجين للقومية الروسية، مطالبين بحكم ذاتي موسع أو استقلال للقرم عن أوكرانيا ، وتم بالفعل انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا وانفصالها عن اوكرانيا بعد استفتاء شعبي حظى برفض شديد من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا الغربية، إلى حد فرض عقوبات اقتصادية على موسكو. وظهر في شرق اوكرانيا مواليون للقطب الروسي يؤيدون أيضا الانفصال عن اوكرانيا ، مكونين جيش "الدفاع الشعبي" ، وعلى الجانب الأخر تدعم كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي حكومة كييف والجيش الأوكراني ومناهضى الحركة الانفصالية فى شرق البلاد ، معتبرينها غير شرعية ، ونتيجة لاحتدام الصراع الدائر واشتداد المعارك بين الانفصالين والجيش الأوكرانى ، تم اتهام الانفصاليين المواليين لموسكو بإسقاط الطائرة الماليزية فى يوليو الماضى ، والتي راح ضحيتها حولي 300 شخص جراء سقوطها في شرق اوكرانيا. ورغم مرور عام ، مازالت الأزمة الأوكرانية فى تطور ومرشحة للتصعيد ، في طريق خطر وسط تصاعد التوتر، وتسلسل الأحداث ينذر بمزيد من عدم استقرار الأوضاع ، حيث أعلنت كييف قبل أيام أن عشرات الدبابات الروسية والجنود الروس دخلوا شرق البلاد ، في تطور جديد للأزمة الأوكرانية منذ بدايتها خاصة بعد الانتخابات التي نظمها الانفصاليون الأسبوع الماضي. وقد خلفت تلك المواجهات المسلحة بين كل من الجيش الشعبي والجيش الأوكراني الكثير من القتلى والنازحين الهاربين من الحرب الأهلية الدائرة في البلاد ، حيث أعلنت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشئون اللاجئين ومقرها مدينة جنيف السويسرية في آخر تقرير لها بشأن الأزمة الأوكرانية ، أن حوالي 824 ألف شخص نزحوا من منازلهم هربا من الصراع الدائر في شرق أوكرانيا ، وأن قرابة 430 ألف شخص نزحوا إلى مناطق أخرى داخل أوكرانيا ، فيما توجه 387 ألف شخص آخرين إلى روسيا باعتبارهم لاجئين أو من خلال شكل آخر من أشكال الإقامة القانونية ، إضافة إلى نحو 6600 أوكراني لاذوا بالفرار إلى دول الاتحاد الأوروبي بنهاية شهر سبتمبر الماضي. أما عن أعداد الضحايا ، فقد أعلنت الأممالمتحدة أن حصيلة ضحايا النزاع المسلح في جنوب شرق أوكرانيا تجاوز 4 آلاف قتيل منذ بدء العمليات العسكرية في شرق البلاد ، وجاء في تقرير نشره مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية ، أنه بحلول نهاية الشهر الماضى بلغ عدد القتلى في شرق أوكرانيا ما لا يقل عن 4035 شخصا ، بالإضافة إلى إصابة 9336 بجروح .