في الجمعية التأسيسية الأولى لوضع دستور مصر 2012 أيام المغفور له الغرياني، وحكم المنزوع مرسي، ظهر محمد عبد المنعم الصاوي على شاشة التليفزيون وأعلن متبرعا أنه ممثل للأقباط في الجمعية التأسيسية بعد انسحاب الكنيسة، ثم ظهر مرة أخرى بعد حملة غير مسبوقة من السخرية، يعلن اعتذاره عن هذا المنصب التبرعي والذي لم يستسغه أحد. على صفحات المواقع الإلكترونية قرأت "ساقية الصاوي تحتفل بعيد الهالوين"، وداخل الخبر مكتوب "القائمون على الحفل نوهوا للحضور بارتداء ملابس الشخصيات المرعبة لتتناسب مع طبيعة الاحتفال"، فورا قفزت في ذاكرتي خيالات فيلم "إسماعيل ياسين يقابل فرانكشتاين"، تري هل يناسبني ارتداء ملابس عروس فرانكشتاين إذا كان لي الذهاب إلى الحفل، أم أنه من الأفضل ارتداء ملابس إسماعيل ياسين بذات نفسه؟ إنها الحيرة يا عزيزي. يعني إيه ساقية؟ في مختار الصحاح هى قناة تروي الأرض والزروع، وفي لغتنا الدارجة هى ذاك الترس الخشبي الكبير المستمر في الدوران ليمد الأرض بالمياة لينمو الزرع وتسقي الحيوانات، بمعنى أنها تسقي حياة، ومن هنا جاءت تسمية السواقي الثقافية، لأنها تسقي الثقافة والفنون، أي أنها تسقي حياة، تخلق مستقبلا. مكان يسقي الثقافة والفن للمجتمع، يحتفل بالهالوين، أي هالوين؟ هل يندرج الهالوين في التراث المصري أو أجندة المناسبات القومية أو الدينية أو الوطنية؟ حدثوني عن الهوية التي طالما ذكرت على لسان الصاوي وغيره؟ مستقبل جيل كامل تم مسح عقله تحت يافطة الحريات؟ وتأتي الساقية التي هو قائم عليها كان وزيرا للثقافة خلال أول مراحل ثورة 25 يناير، لتروج لخرافات مجتمع آخر يدعي أنهم أصحاب اليد العليا في الكون؟ من أنتم؟ هل أصبحت أمركة الحياة المصرية هدفا يستحق الدعم من ساقية ذات كيان عريق؟ هل أصبح التطور والتقدم في ظل تلك الظروف الحرجة واستنساخ تفاهات المجتمعات الأخري التي تملك الوقت والمال للترفية باختلاق الأعياد ليصنعوا لنفسهم مزيد من الرفاهية؟ أين نحن من هذا، وما هو المطلوب من ضخ تلك المسميات في مجتمعنا المصري، لنعود ونبكي على عقول أطفالنا وطموحاتهم، وسذاجة اهتماماتهم في المستقبل. أفكار مسمومة، نستنكرها في العلن، ثم نعود لنتقلدها وراء الأبواب، نستنكر السياسة الأمريكية بينما نبث في عقول أطفالنا الحلم الأمريكي، ما هذا العبث، هل تعلم سيدي عن المدارس الأجنبية التي تحتفل بهذا الاحتفال؟ من هنا بدأت الظاهرة من الصمت والاستحسان على هذا المنهج حتى أصبح الهالوين يقينا في المجتمع، أحسب السيد الذي مثل الأقباط يوما، ثم أعتذر أن يتبع مبدأ من حكم في ماله ما ظلم، كان أولى به حتي بعد أن قرأت أنه اعتزل السياسة، أن يحفظ ماء الوجه ويبتعد عن هذا المسار المريب. هل يتذكر السيد محمد الصاوي أحاديثه الثورية والبطولية يوما ما؟ أتساءل ماذا كان الحال لو بقى وزيرا للثقافة لفترة، كنا لنحتفل بعيد الاستقلال سويا معهم، أو يبدو أنه لا يقاوم إغراء الحفلات وبيع التذاكر حتى ولو على حساب شعاراته السابقة؟ إن كان يعلم بإقامة الحفل فتلك مصيبة، وإن كان لا يعلم فالمصيبة أكبر، وعليه أن يطل علينا معلنا تخليه عن منصب ممثل الهالوين في مصر عن العام المقبل. أربع سنوات من الكفاح الثوري المنقطع النظير، والتنظير على الهوية المصرية، والتكفير والتهجير وغيرها، والسادة المثقفون تصدروا المنصات موزعين الحكمة، بالفعل كانت الحفلة في قاعة الحكمة، وهنا يأتي ذكر الست شويكار ،في مسرحيتها العظيمة سيدتي الجميلة عندما قالت "بحكمتك تحتال علينا"، كان لك السبق سيدتي، بدليل قاطع، أن معظم من تلوكت ألسنتهم بالنصح والحكمة دارت عليهم الدوائر لتسقط أقنعه الاحتيال. للتواصل على "تويتر" @just_me_didi