رأى خبراء ومحللون ماليون واقتصاديون أن إقدام البنوك العاملة فى مصر على رفع أسعار الفائدة بأكثر من 2 في المائة لتصل إلى 11.5 في المائة، فضلا عن طرح شهادات استثمار بفائدة تزيد على 11 في المائة سيخلق مزيدا من الضغوط على البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة. وأكد عدد من الخبراء، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط: أن البورصة المصرية تعاني في الأساس من نقص حاد في السيولة بعد عودتها للتداول عقب اندلاع ثورة يناير، وذلك نظرا لخروج الكثير من المحافظ التى يملكها رجال أعمال محسوبون على النظام السابق فضلا عن خروج استثمارات أجنبية ومصرية بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية فى مصر.
وقال محمود البنا، محلل أسواق المال: إن أحجام التداول بالبورصة المصرية هبطت من متوسطات يومية كانت 1.5 إلى 2 مليار جنيه يوميا لتصل إلى ما بين 150 إلى 200 مليون جنيه فقط حاليا نتيجة خروج الجزء الأكبر من سيولة السوق بعد الثورة. وأضاف أن أزمة السيولة بالبورصة المصرية كانت بدأت فى التحسن النسبي الطفيف خلال الاسبوعين الماضيين، لكنه رأى أن الازمة قد تعود مع اقتراب إجراء الانتخابات البرلمانية وعودة التوتر السياسي من جديد لاختلاف بعض القوى السياسية على بعض بنود وثيقة المبادئ الدستوية ودعاوى الاسلاميين بمظاهرات يوم 18 نوفمبر الجاري ما قد يدفع بالمواطنين وصغار المستثمرين والافراد وحتى المؤسسات المالية لاستثمار أموالها فى البنوك من خلال الودائع أو شهادات الاستثمار التى باتت أكثر إغراء وجاذبية لهم بعد الزيادات الاخيرة التى قامت بها البنوك. من جانبه، رأى نائب نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، محسن عادل، أن زيادة أسعار الفائدة التي تعرضها البنوك يزيد الضغوط على البورصة المصرية، ويحد من ربحية شركاتها التي تعتمد على الاقتراض في توسعاتها التمويلية. واعتبر لجوء عدد من البنوك العاملة فى السوق المصرية خلال الأيام الماضية إلى زيادة معدلات الفائدة على الودائع بأنه إجراء ضروري لمواكبة الطلبات الحكومية المتزايدة لإقراضها، بهدف سد عجز الموازنة المقدر بنحو 134 مليار جنيه. وقال محسن عادل إن السيولة لدى بعض البنوك خاصة الحكومية تأثرت، خاصة مع إقبالها على شراء أذون الخزانة والتى تجاوزت 145 مليار جنيه بعد الثورة وحتى الان ولذلك تلجأ إلى زيادة السيولة لديها لمواجهة أي ضغوط عليها خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن البنوك المصرية خفضت من حجم استثماراتها فى الخارج بمقدار 7 مليارات جنيه في أغسطس الماضي لتصل إلى 91 مليار جنيه مقابل 98 مليار جنيه فى أغسطس من 2010 بما يؤكد حاجتها للسيولة في الدخل. وأشار إلى أن توظيف أموال البنوك في الداخل يعطي عائدا أفضل من الاستثمار في البنوك الخارجية، لكن عامل الأمن والتنويع هو الذي كان يدفع البنوك للاستثمار في الخارج. وتوقع محسن عادل أن يؤدى رفع البنوك للفائدة على الودائع إلى إرتفاع الفوائد التى تطلبها من الحكومة لشراء أذون الخزانة والسندات الحكومية مما سيؤدى إلى زيادة العبء علي الميزانية. ورأى أن أحد الاسباب في رفع سعر الفائدة هو اجتذاب مدخرات من النقد الأجنبي وتحويله إلي عملة محلية بالجنيه لزيادة الميزة النسبية من الادخار بالعملة المحلية. وأوضح أن ما يحتاجه الاقتصاد هو زيادة الإنتاج بما يتطلبه زيادة الاستثمارات وربما يحتاج هذا إلى عدم زيادة تكلفة الاقتراض، مؤكدا أن مصر مازالت بحاجة إلى استعادة المستثمرين الأجانب لتخفيف الضغط عن البنوك المحلية والمساعدة في تمويل عجزها المالي المتوقع أن يبلغ عشرة بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2011. وكان عدد من البنوك العاملة فى السوق المصرية قد أعلنت عن رفع أسعار الفائدة على الودائع بنحو 2 في المائة عن معدلاتها الحالية لتصل إلى 11.5 في المائة لدى بعضها، كما أعلنت عن طرح شهادات استثمار بفائدة 11.5 في المائة في خطوة تهدف لجذب أكبر قدر من السيولة من المواطنين.