بعد ماراثون استغرق ثلاث جلسات بين ملاحظات ورفض من قبل أعضاء مجلس النواب الليبي على تشكيل الحكومة التي تقدم بها عبدالله الثني للمجلس، وافق المجلس أخيرا في جلسته المسائية أمس /الاثنين/ بأغلبية 110 أصوات من 112 صوتا على حكومة الثني بعد تلبية مطالب أعضاء البرلمان الليبي. وكان المتحدث الرسمي باسم البرلمان الليبي فرج بوهاشم قد صرح بأن الثني أرسل مقترحا بتشكيلته الحكومية متضمنة 10 حقائب إضافة إلى نائبين للرئيس في شكل حكومة أزمة مصغرة، لكن تلك التشكيلة المرسلة كانت فيها حقيبتا الدفاع والداخلية شاغرتين، مضيفا أن "هذا النقص سبب احتقانا لدى النواب كون أية حكومة للأزمة لابد وأن تكون على رأسها حقيبتا الدفاع والداخلية اللتان أرسلتا على أنهما شاغرتان". وعقب موافقة المجلس على الحكومة الليبية الجديدة، قال عبدالله الثني - في كلمة له - "لقد حقق الليبيون نجاحا كبيرا في تأسيس دولتهم بانتخاب مؤسساتها الدستورية وآخرها مجلس النواب الذي أصبح بشرعية انتخابه وباعترافات الدول والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية به الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي وللدولة الليبية كسلطة تشريعية". وأضاف "ها هي حكومة الوفاق الوطني قد تم اختيار أعضائها حسب المعايير الوطنية والكفاءة المهنية، وسوف يتولى الوزراء اختيار الوكلاء حسب المعايير المهنية ومن داخل القطاع". وتابع الثني "لقد تم تشكيل هذه الحكومة لتجمع الليبيين وتعزز وحدتهم وتدعم توافقهم، وتعمل بتعاون وثيق وتنسيق تام مع مجلس النواب على أولويات محددة وبرؤية واضحة لأبعاد الأزمة تكون فيها سلامة الوطن وأهله وتوفير الأمن والاستقرار وسرعة بناء مؤسسات الجيش والشرطة وزيادة كفاءة الأجهزة الإدارية أسمى أهدافها وذروة غاياتها". وأكد أن هذه الحكومة ستعمل بشعور عال بالمسئولية الوطنية ونبذ الشعارات التي تفرق بين الليبيين لنتمكن بتعاوننا جميعا من إرساء دعائم الأمن والاستقرار من أجل تحقيق أهداف ثورة السابع عشر من فبراير في إقامة دولة العدل والقانون والمؤسسات الدّستورية وتحقيق الرفاهية التي حلم بها الشعب الليبي لعدة عقود. وقال الثني إن "الحكومة تؤكد لجميع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإقليمية أن دولة ليبيا ستحترم القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، ومن بينها الخاصة بالحريات وحقوق الإنسان التي لا تتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف، وستحترم رعايا الدول الأجنبية الموجودين على أراضيها، وستبذل كل ما في وسعها من أجل توفير الحماية اللازمة لهم طيلة فترة إقامتهم في ليبيا". من جانبه، أكد المتحدث باسم مجلس النواب الليبي فرج هاشم أن الحكومة الجديدة برئاسة عبد الله الثني ستؤدي القسم أمام مجلس النواب الأحد القادم. وقال أبو هاشم - في حوار مع قناة (ليبيا أولا) - إن "الحكومة الجديدة ستباشر أعمالها مؤقتا من مدينة البيضاء إلى أن يتم خروج التشكيلات المسلحة من طرابلس". وبدورها، تقدمت الحكومة بالشكر لمجلس النواب الذي منحها الثقة، متمنية أن تصبح قديرة بهذة الثقة. وقالت الحكومة المؤقتة - في بيان لها - إن "مجلس النواب تداول تشكيل الحكومة التي تقدم بها عبد الله الثني رئيس مجلس الوزراء، وبعد جولات من المناقشات والمشاورات التي اتسمت بالجدية والصراحة والوضوح في وجهات النظر تم في نهايتها الوصول لتوافق عام داخل المجلس على التشكيلة النهائية للحكومة وتم منحها الثقة". وأضاف البيان أن "الحكومة تتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير لرئيس وأعضاء مجلس النواب على ما بذلوه من جهد وحرص على مصلحة الوطن، وتهنئ الشعب الليبي بالوصول إلى هذا التوافق ونعده بالعمل بكل تفان وإخلاص من أجل خدمة الوطن لنصل به إلى الاستقرار والأمان الذي ننشده جميعا". وتضمنت تشكيلة الثني 13 حقيبة وزارية، بينهم 3 نواب للرئيس، إضافة إلى 5 وزارات سيادية و5 خدمية، لكن حقيبة الدفاع جاءت شاغرة مجددا. وجاءت التشكيلة الوزارية "عبد الله الثني رئيسا للوزراء، والمهدي حسن مفتاح اللباد نائبا لشئون الأمن، وعبد السلام البدري نائبا لشئون الخدمات، وعبدالرحمان الطاهر الأحيرش نائبا لشئون الهيئات".. فيما جاءت الحقائب السادية "المبروك قريرة عمران وزيرا للعدل، وعمر الداير وزيرا للخارجية، وعمر السنكي وزيرا للداخلية، وكمال الحاسي وزيرا للتخطيط والمالية، لكن حقيبة الدفاع ظلت شاغرة". أما الوزارات الخدمية فجاء "رضاء المنشاوي وزيرا للصحة، وفتحي عبد الحميد المجبري وزيرا للتعليم (العالي والأساسي)، ومسعود احمد بالقاسم صوة وزيرا للعمل والشئون الاجتماعية، ومنير علي عصر وزيرا للاقتصاد والصناعة، ومحمد الفاروق عبدالسلام وزيرا للحكم المحلي". وقال نائب في البرلمان إن "الثني يصر على تسيير حقيبة الدفاع إضافة إلى منصبه مثلما كان يفعل في الحكومة السابقة مبررا ذلك بكونه يعرف خبايا الوزارة وكيفية تسييرها لتكون قادرة على إدارة الأزمة"، لافتا إلى أن الأمر "سيضل حتى الحصول على شخصية تكون لها القدرة على تسيير الوزارة ويتفق عليها الجميع". وأشار إلى أن التشكيلة جاءت في شكل تكنوقراط، وجميع الأسماء التي نالت الثقة ليست من الأسماء المعروفة في مختلف الأوساط الليبية. وكان الثني قد أعلن مساء السبت الماضي خلال مؤتمر صحفي في مدينة طبرق الواقعة في أقصى الشرق الليبي حيث يعقد مجلس النواب جلساته أنه سيتقدم الأحد بتشكيلة "حكومة الأزمة" إلى مجلس النواب قائلا إنها "لن تتجاوز 13 حقيبة فيما تحول بقية القطاعات إلى هيئات ومؤسسات عامة". وتحتج على حكومة الثني والبرلمان المنتخب منذ نحو شهرين، قوات عملية "فجر ليبيا " والتي سيطرت على العاصمة طرابلس في أغسطس الماضي. وتشكلت حكومة موازية في طرابلس برئاسة عمر الحاسي، فيما عاد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق لاستئناف نشاطه بدعوة من قوات فجر ليبيا رغم انتهاء ولايته.