عانت المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ من الإرهاب، وزادت حدة المعاناة في العصر الحديث، مع وجود الأسلحة الثقيلة والمتطورة فى أيدى جماعات التكفير والفكر الإحادي الذي لا يقبل بالأخر ويرفض التنوع الإنسانى الذى فطر الله الناس عليه، حتى أصبحت هذه الظاهرة مشكلة عالمية تشغل الأذهان وتؤرق الباحثين عن السلام والأمن والاستقرار الأمر الذي يستوجب جهودا دولية لاحتوائه والتصدي له بفعالية، وولدت عقب سقوط نظام الإخوان فى مصر، ظروف مواتية بالمنطقة وروح جديدة تكفل القضاء على الإرهاب وتصون حياة الأبرياء وتحفظ للدول سيادتها وللشعوب استقرارها وللعالم سلامته وأمنه. ولكن الطموح القطرى أبى أن يسير فى الركب العربى وراح يبث المؤامرات والخدع ويكذب ويناور بل ويتأمر ولا مصلحة فى ذلك غير الرغبة فى دور قوى اقليمى يتنافى مع التاريخ والجغرافيا والإمكانات المتاحة، بتبنى وجهة نظر امريكية او دعم جماعات تكفيرية أو تنظيمات إرهابية، أو اللجوء الى قنوات اتصال مع إيران أو إسرائيل، وهذا السلوك القطرى المشين لن يعود على قطر بغير التهميش والتقزيم والتقوقع إذا ما نالت المؤامرة لا قدر الله قدرا من النجاح. فإذا كان الطموح مشروع ومن حق قطر اختيار منهجها السياسى واختيار دور يفوق قدرتها، فليس من حقها أن تضر بالدول العربية وتتبنى توجهات توثر سلبا على الأمن القومى العربي، وطالبها المجلس بالإلتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي ودعم الإعلام المعادي. وتتكشف المؤامرة من تطورات الأوضاع الإقليمية ومجريات الأحداث فى الدول العربية، وموقف إمارة قطر التى تدعم جماعات وتنظيمات تهدد مستقبل الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج، بما جعل مجلس التعاون الخليجى يواجه اختباراً هو الأصعب منذ إنشائه عام 1981م، ويوجه انذار للدوحه بإغلاق الحدود، وإيقاف العمل بالتنقل بين مواطنى قطر ودول مجلس التعاون بالهوية وعقوبات اقتصادية، ولكن يبدو أن قطر ماضية ولا أحد يعلم على ماذا تراهن، فلم تقدم بوادر إيجابية لتعيد المياه لمجاريها مع باقي دول الخليج المتضررة من مواقفها السياسية السلبية ولم تثبت حسن النية، فدعمها واستضافتها لبعض رموز المعارضة لدول الخليج ما زال يمثل طعنة غائرة في ظهر التحالف الخليجى ولكن دول الخليج الغاضبة تنتظر إجراءات أعم وأشمل، وإلا ستنفذ تهديداتها. الأزمة التى فجرتها الدوحة مع دول الخليج دفعت البحرين والسعودية والإمارات لسحب سفرائها من الإمارة القطرية، بعد ٍتدخلاتها فى الشئون الداخلية لدول الخليج ودعمها لجماعات وتنظيمات تخلق أزمات داخل تلك الدول جعلت العلاقات الخليجية مع قطر تشهد وضعاً متأزماً، بسبب السياسة القطرية المخالفة لمسيرة المجلس، وأكدت الدول الثلاث فى بيان مشترك أن هذه الخطوة جاءت لحماية أمنها واستقرارها، ولعدم التزام قطر بمبادئ العمل الخليجي ودعمها المتواصل لتنظيم الإخوان المسلمين الذى صنفته الرياض وأبو ظبى تنظيماً إرهابياً. الوضع الآن فى مجلس التعاون الخليجي يسير فى اتجاه، التعامل مع الموقف بصورة واقعية، وقد يؤدى الى خروج قطر من مجلس التعاون وتسريبات أن الامارات، تسعى الى اخراج قطر من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وعبثا حاولت الوساطة الكويتية، تهدئة الخلافات، حيث رعت الكويت قمة ثلاثية بشأن الحالة المصرية، وإقناع القطريين بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لمصر، إلا أن القطريين لم ينصاعوا إلى تلك الوساطة، فإذا ماتم إبعاد قطر عن المجلس الخليجى والجامعة العربية كيف يكون الوضع على الأرض، هل ستصبح كيان معادي فى الجسم العربي مثل الكيان الصهيوني ؟ ربما إنا لمنتظرون.